ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والجبابرة (20)
محمد زحايكة | فلسطين
د. محمد اشتية.. رجل ميداني ونمط جديد من المسؤولين المبهرين
عرفنا د. محمد أشتية رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي أثناء الدراسة في جامعة بيرزيت أوائل ثمانينات القرن المنصرم.
حيث كان يطل علينا بابتسامته الواثقة ونبرات صوته الحادة الوضوح والمعبرة عن شخصية أكاديمية مثقفة وملمة بما يدور وراء وخلف الكواليس، ويمكن القول إنها شخصية جذابة وديناميكية قادرة على بناء علاقات واسعة في زمن قياسي.
وكان د. أشتية يبهرنا بلسانه الذرب الذلق وبمعلوماته الغزيرة وتعليقاته التي تجيء على الوجع كما يقال.
ولاحظ الصاحب أن اشتية في ذلك الزمن كان شديد التمسك بأصدقائه ولا يتردد في مشاركتهم شؤونهم وحياتهم اليومية حيث لمحه الصاحب ذات مرة وهو يتقدم “جاهة ” أحد أصدقائه الكثر بسيارته والتي أقلت العروس لاحقا وهي بالمناسبة من أقارب الصاحب اللاهب، وهذا يشير إلى معدنه الأصيل والنقي وعدم الترفع والغرور.
وفي جامعة بيرزيت كان د. أشتية يشكل نوعا من صمام الأمان للحركة الطلابية بمواقفه المتزنة والحكيمة وبنائه الجسور مع مختلف الفرقاء، وطالما كسب حب الكثيرين نظرا لحديثه اللبق وقفشاته الذكية واللماحة وقدرته على شد الانتباه والإبهار.
وعندما تسلم إدارة ” بكدار ” رتب الصاحب لتواصل الصحفيين من القدس معه حيث استقبلهم بحفاوة وفتح قلبه لهم بصراحته ووضوحه المعهود حول خطط المؤسسة وطموحها غير المحدود لإحداث حالة تنموية رغم التعقيدات والعقبات والوضع غير الطبيعي والمركب، وكان دائما شخصا متفائلا في أحلك الظروف وله فلسفة ونظرة إيجابية للأمور فهو ليس من الذين ييأسون بسهولة.
من احتك أو تواصل مع أشتية وهو حتى في شبابه رغم أنه ما زال شابا إلى اليوم.. لا بد له أن يدرك أو يكتشف أن هذا الإنسان المرح الدينمو الذي يملك طاقة وحيوية فائقة لا بد له في يوم من الأيام من الوصول إلى أعلى المراتب.
أن تكون رئيسا لوزراء فلسطين ليس مدعاة للحسد أو الاغتباط.. فهو حمل ثقيل ومسؤولية كبرى ومعقدة في ظل احتلال عنصري مدعوم من امريكا رأس الحية وغيرها.. وليست القضية محكومة أو مناطة بعظمة الشخص المتبوأ لهذا المنصب وقدراته الكبيرة.. وإنما للظرف الموضوعي وميزان القوى العليل؛ لذلك فإن الملفات الضخمة الماثلة أمامه تطير النعاس من العيون ولا شك كما يقال.
د. محمد اشتية شخصية مثابرة تؤمن بأن المنصب مهما علا هو لخدمة الشعب والجمهور، وهو تكليف وليس تشريف وهو يجسد هذا المعنى بدقة متناهية؛ ولكن إنجازاته مهما بلغت تبقى مبنية على رمال متحركة ما دام الخواجا شلومو يلف ويدور ويملك مفاتيح الخروج والعبور.
تحية لرئيس الوزراء صاحب الخطط العملية والتنموية والأفكار الجديدة.. رئيس وزراء لا يعرف اليأس وهو قادر على تجاوز جميع المطبات الكبيرة والصغيرة بما فيها الجدل العقيم حول لقاء الافريكانو العبيط المدعو ساتاكل.
