قصيدة و هامش: حان وقت الرحيل
علي موللا نعسان | سوريا – النرويج
تتراكم التفاصيل و الظروف المستجدة في ساحة انفلات الميكروبات المرضية و لا سيما فيروس الكورونا وتتطور الأحداث مشكلة ذروة المأساة في دراما الحياة اليومية وإذ نلاحظ أن الحكومات و المنظمات و الأطباء عجزوا عن مقارعة هذا الميكروب الفتاك القابع على عرش سلطة الأمراض المستعصية و التي تسير بجانبه كل ورشات الأعباء الصحية بعد أن تداعت ذروة انتشاره الواسع في ظل الانكفاء على الخضوع لواقع مرير ينهش بأجساد البشر عبر الصولة المستعرة في هجمات الأعراض المتفاقمة الانتشار في كل مقام و مقال .
وهذا الفيروس يفتك و يفند بدوره كل مراحل لزوم الراحة و الأمان و السهر دون قيد أو احتكام لكنهه الموضوعي عبر أسئلة و أجوبة تعصف المكان و الزمان و الحدث و الأشخاص و كأنه يحمل في طياته مسرحية في الهواء الطلق على مستوى العالم و جميع المتفرجين مضطرين إلى مشاهدة المسرحية المأساوية و كأننا في معتقل كوني ليس وراءنا إلا هم مشاهدة ومتابعة أحداث هذا الممثل البارع السيكودرامي الذي يجذب عقول البشر و المدر من كل صوب وحدب .
وهذه السهرة لا تنتهي في مسرحية يومية فهي تعرض في كافة شوارع المدن والقرى و الدول و بعبارة عاصفة مستفزة: هل سننتهي من المسرحية أم أننا سنتابع الأحداث و الحبكة على سفينة المواجع و الموائد عبر مياه المحيطات و ذوبان الثلوج القطبية ؟
أو هل ستمضي الذاكرة القاهرة و المقهورة من روع الأعراض و الاستجابات على سلالم الفرج التي لا تنسلخ عن الماضي بقدر ما تتشبث بالمستقبل وبقدر ما يهرب الانسان من ماض مبعثر بأنين الحنين و رنين المعدن الثمين ، يكتشف ان من يحركه في غده هو بالضبط ما هرب منه يوماً ما ؟.
حان وقت الرحيل
حانَ وقتُ وقت الرحيلْ
إذْ طالَ الانتظارْ
دونَ جدوى هدفْ
أوْ فحوى لَهَفْ
أو دونَ آمالٍ تُجَلُّ أَو تُذْكَرْ
أوْ دونَ قلبٍ يَنْبُضْ
بالوجدِ المدّثّرْ
بالفرجِ المقبلْ
بالصَّبْرِ المُخْتلْ
في ثنايا الوعدِ المتبخترْ
عزلةٌ تَمْضي و تَجْثو
على شغافِ المرتجى
ما بين فكرٍ حائر ْ
و قلبٍ متلهفْ
في خضم الغيمِ المُتَعَثِّرْ
فألٌ يستولي على الهِمَمْ
و شُؤْمٌ يُرَقِّنُ جُنْحَ الظلامْ
و عزمٌ يحاولُ أن يطالَ
أعنانَ المستحيلْ
في عبابِ الكونِ المتوترْ
دمعُ الورى يخالِجُهُ
دَوِيُّ صمتٍ قادمْ
و رحيلُ حزنٍ مضطربْ
منْ هولِ المأساة
على أنينِ القلبِ المنفطرْ
ترابُ الشوقِ يتولَّى
و سفحُ العشقِ يتلوّّى
من كبرياءِ السُّحُبْ
و ارتيابِ المجهولْ
على من باتَ فكرهُ يستتِرْ
قلبٌ تأسرُهُ لواعجٌ
و وجدٌ يحميهِ واعظْ
و عقلٌ يتوهْ
في أصداءِ ليلٍ دامسْ
باحثاً عنْ شعاعِ ضوءِ القمَرْ
جموحُ الفكرِ يتجلَّى
و رعدُ الحلمِ يتخلَّى
عن سماءِ غيثٍ يرجو ها
و عن قلادةِ فخرٍ يأملها
في مناقبِ رفدِ الفوزِ المكفهِرْ
ظلالُ البراري تتمشى
على أنغام طيورِ النورسْ
بعصبة من الشياطين
و قبضة الملائكةِ البررة
و حفيفٌ تصدرُهُ فساتينُ الشجرْ
أناملُ الضميرِ تعزفْ
على سنابكِ الزمنْ
و دربُ الحقِّ المعنَّى
يتراقصُ أمام فلذاتِ الكبدْ
على آهاتِ النايِّ و صدى الوترْ
و عبرَ ألسنةِ اليراعِ
و فاهِ المحابرْ
تسبحُ الكلماتُ في مياهِ النزاهةِ
منذرةً عنْ صحوةِ العقلْ
من صولةِ النيرانِ و الذخائرْ
دروبُ الحلِّ شَتَّى
و أسئلة تتحدَّى
أقانيمَ السلامِ الدفينْ
و براغيثُ الجوادِ العليلْ
تتكاثرُ على ركامِ المقابرْ
عبقُ الذِّكْرى يُصَعِّر خدَّهُ
للآهاتِ و للشوقِ المكينْ
و زندُ العبابِ المقوَّى
يَرعسُ حظوةَ الإرادة
عبر دروبِ الأملِ المنتظرْ
سلالمُ الأماني تطلْ
على حاكورةِ العدلِ التائهة
وسط زنابقِ الحيرةِ اللاهثة
و الضغينةُ الخرقاءُ
تشحذُ سكينَ البغضِ المُسْتَعِرْ
تجوسُ السفنُ كلَّ الموانىءْ
و كلَّ زخةِ مطرٍ قادمة
على ترابِ البلادْ
في زحمة الرمادْ
وسط كوارثِ الرُّعبِ المتبخترْ
أشلاءِ الصراعْ
تبحثُ عنْ أمتعةِ الخيولْ
على متونِ المستحيلْ
و الفكر الضائعْ
يخرمُ تخومِ الجبلِ المحتضِرْ
شبحُ الكورونا يصولْ
بين فرسانِ المعمورة
في شتَّى القِفارْ
بعنفوانِ الكبرياءْ
و سلطةِ الرِّياءِ في طامةِ البيدرْ
و حضنُ الأمهاتِ الثكالى
يترفَّعُ عَنْ ايواءِ اليتامى
و العجزةُ المسنِّينْ
يتوهونَ وسطَ براثنِ الحتفْ
و العينُ يمتزجُ دمعها بالحذرْ
رداءُ العقلِ يلثمُ الشَّغَفْ
و وحي الوجدِ يسعفُ الشَّظفْ
سهام لحظ ترزحُ بما رأتْ
و نكباتٌ لا تعي بلوغَ المنى
و صِرْفُ المَذاقِ يلعقُ الصَّبْرْ
على صهوةِ الخيلِ يجفو المرضْ
و الألمُ المجنونُ يغفو
مشفقاً على من هدَّهُ التَّعَبْ
و وعدٌ أذهلتهُ عناقيدُ الفرجْ
في فوضى شهابِ الفكرِ المنتظرٌ
