رصاصة طائشة .. قصة قصيرة

فاطمة سليم بدور | سوريا

في مسافة البًوح تلك، سقطت رصاصة طائشة .. لم تنفجر، و مع ذلك زادت من اشتعال كل وقود الألم.. ملأت الفراغات حمماً مستنسخة .. قالت ذلك و الحبّ يتمدد مُحتلاً كلّها …. بينما هو يحدِّق في بريق دمعة مراهقة تستعصي الهطل .. غصّت بأول حرف بعد ذلك و انسحبت كعصفورة طوت جناحيها قسوة اللحظة .. و نيران الكلمات تتصارع في ذهنٍ مُرتعش ..، كيف لها الانتصار على نفسها و كلماتها هشة كالنور تصيب القلب تحفر كالسهم و تدمي ..؟؟!!
بقي يراقب حقوق النشر لبوحها ، هل مطبعة قلبه قادرة على احتواء حروف من نار ؟!
هل اختزال ملاك الحبّ في قوالب هشّة أمر باليسير ؟!
علم أن أوراق المحبة العالية لا تُطبع ، هي التي تقاوم الريح و السموم ، تتصاعد تتصاعد .. مبتعدة عن قاع الذاكرة .. فلا يبقى لها سوى صدى الصدى .. و بعض نزيف الحنين .. أو خيط نسيان ….
أعجبه خيط النسيان ذاك و فكّر حقّاً اقتناءه …
تركها تسير بتؤدة الموجوع ، و هو يخطط لبقاء الجرح مفتوحاً حتى يضمده الجارح ..
حمل جرحه المستور عنها لأنه لا يعرف الكره .. أراد الهمس علّ صوته المبحوح يسمعه قلبها .. يريد أن يحرّك بطل قصتها كيفما شاء .. يعطيه الحياة متى أراد ، يغتاله متى أراد .. يُحي و يُميت وفق روحه فلا يريد الشفاء منها .. حبّه عناد و معاندة ..
و كانت اللحظة ..
توقفت عن المسير و فضاءات التشتّت تلعب بها .. تتجاوز حدود الواقع ..
هرول قلبه نحوها و شفتاه تقبّلان المكان الأول .. مسك قلبه بعينيها .. مسح الدمعة الأولى و الثانية .. مسح حتى الحزن بهمسه : من دونكِ أنا لا أريد إِلَّا ثوب طيفك ألبسه .. أتدفأ به .. في كل مرة تغادرين لا يبقى لي سوى أسئلة مُربكة …
هنا اجتاحتها موجة ذكريات كلمات رنّت في أذنها كنحاس مُلتهب ، قذفتها كلماته الأخيرة نحو زمن من الحبّ ، لم تنسه و لكنها طوال الوقت الماضي حاولت تدريب نفسها العقل و قبول المنطق ..منطق الدنيا المستحيل .
قطع شريط أفكارها و باغتها هامسا : وجهكِ المسكون بالأسى و الأشياءالعتيقة سيبقى يحاصرني .. يطاردني ، في بعدكِ يلامس قلبي أكثر فأكثر .. يشاركني انكساراتي و التشققات و الشروخات التي تهزّ جدار النّفس تاركةً المجال مفتوحاً لفيضانات الخيبة بالمرور و التدفق ..
لم تستطع احتضان المزيد من الفيض .. رنت في عينيه غارقةً تراقب منازلة الحزن و الأمل ..
و بقرار محكمة الاستئناف في جلسة مع القلب لم تدم أكثر من ثوانٍ قررت فتح كل الممرات المؤدية نحو أعماق الروح المضاءة حتى صار كلّ ما فيها ينتفض على كلٰها …
يندفع نور من عينيه مجانسا نقاء سماء و نعومة نور ، ينفلت النور من بين أصابعهما كالماء .
تهمس عند أجمل مسافة بين أذنه و عنقه : كنْ كما أشتهيكَ أن تكون رجلاً ينتفض على الضباب و الظلمة .. يرى في الأفق دائما ابتسام حلم .. ينتظر نجمةً ترسلها روحي إلى عتبة كلّ أمل في مقلتيك …
امتدّ البوح و اتسعت مسافة الحب و لم تنفجر تلك الرصاصة الطائشة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى