قيامة كورونا

منى النجم | العراق

مهمة التسوق شاقة في أحياء ترابية مثل حينّا،ومع ذلك لابد من الذهاب إلى السوق لجلب أهم الاشياء.

في الطريق يقابلك النسوة يرتدين الكمامات هنّ وأطفالهن.

الجميع خائف وحذر وسط انتشار الفايروس المريع.

الأطفال يرتدون الكمامات أيضا إلا الرجال فهم لايهتمون للأمر وكأن الأمر مزحة سمجة غير قابلة للتصديق.

الجو مشحون بالتوتر.

الشوارع فوضى لأن مياه المطر أحالها إلى طين لزج.

بالكاد أجد الطريق إلى البيت عند عودتي.

إذ بدت المهمة شاقة وصعبة نظرا لامتلاء الساحات بالمياه.

الشوارع شبه فارغة، فالكثير ملأ داره بالحاجيات وجلس معتكفا على جواله ويساهم تطوعا بنشر الشائعات.

الجيران يثيرون الجلبة مساءا، اكاد أجن من ضوضاء الأطفال المحاصرون بدار لايتجاوز المئة متر لاغير.

مأساة، ماذا بإمكانهم أن يلعبوا غير النظر للتلفاز والأيباد.

الكثير اتجه للدين وقضاء الصلوات والصوم، مع توبة نصوح بدت على محيا الجميع.

الجميع هادئ ويلتزم الصمت، تركوا سماع الغناء خوفا من قيام يوم الدين.

يا لله الأزمات تقرب الناس لله طواعية.

لا أدري لماذا يتساهلون ساعة الرخاء وفي الشدائد يلجأون لله منيبين.

الكون بدا يضيق والشائعات تتكاثر والجميع يستغفر كما حدث قبل الألفية الثانية حينما سيطرت شائعة تقول: إن الحواسيب ترفض استقبال الصفر …

– وماذا يعني؟؟

– ستقوم القيامة!

الناس لاتستجيب إلا عند الكوارث،

ولذا تبادلوا أيقونة لمحاضرة تبدو بلهاء تتحدث عن خروج صاحب الزمان.

وصلتني مئات المرات على الماسنجر وأهملت السماع إليها تماما.

لا أدري لماذا أخفقت منابرنا في إشاعة الخوف بين الناس من الله رغم آلاف التسجيلات للخطب والمواعظ.

ولماذا ينجح فايروس بإلفات أنظار الجميع.

قال لي جارنا ما الفائدة من درس الرسم والمسرح لابنتيك؟

لماذا لا تعلميهن ماهو أجدى.

أجبت للمسرح تأثير على الناس وهو وسيلة مشابهة للمنبر تماما.

قال وماذا فعل المنبر؟

لا زال الناس يكذبون ويسرقون ويظلمون وووووو.

قلت:- هاقد قلتها… ولذا لابد من استبدال وسائل الوعظ بأخرى غيرها

كان تكون الموسيقى فهي ترفع الذائقة .

أو المسرح الهادف ،فله رسالته العليا.

وباقي الفنون لا تقل أهمية عن ذلك.

ولا تنس ياحاج…أسلوب الذعر بات لا يجدي.

الحاج :- لايجدي.

  • نعم …لا يجدي نفعا، طالما أنهم لم يحبوا الله ليطيعوه.

لو كانوا أحبوه  لأطاعوه ولما خافوا من ملاقاته كل هذا الخوف.

الناس منهارون والجميع في حالة ترقب.

كل ذلك دار برأسي وأنا عائدة للبيت من رحلة تسوق شاقة في طقس ممطر.

أخذتُ أغذ في السير بما يشبه الركض،

عند نهاية حينّا شاهدت جيراني يتجمهرون عند الباب

الأب والأم والأولاد.

يخيّل لي أن زائرا وفد إلينا…

دارت بيني وبين العائلة نظرات عدّة.

نظرات تنّم عن خوف، وترقّب حذر

حثثت قدميّ المتعبتين جدا على السير أسرع، بينما نظري مثبت على العائلة هناك.

أسرعت السير…

ارتبك الرجل وأسرته من سرعتي.

زادوا سرعتهم في المقابل بشكل طردي.

 

دققتُ النظر من بعيد بالمجموعة التي شككتُ أنها تقف قبالة باب بيتي.

ومع تصاعد خطواتي وتسارعها،

أشاهد السرعة في حركات  الأسرة مع تزايد ارتباكها.

وكدت أن أصل..

يا الله  سأصل.

ولما دنوت

..وأنا أفكر أن ألقي التحية على جارنا.

صعد السيارة ولحقته امرأته..ثم أولاده وكأنهم يفرون من وحش كاسر يرونه يدنو.

زدت من سرعتي أكثر وأكثر…

ولمحت الرجل وأسرته  قد صفقوا أبوابها عاليا وشغّلوا السيارة وفروا فرارا عجيبا.

سبحان الله الناس تهرب من الناس.

كانو يخافون من دنوي واقترابي خوف العدوى عند السلام.

وأنا الهث للوصول إلى الدار بسرعة قصوى لأني نسيت النار موقدة تحت القدر وأخشى أنه احترق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى