مقال

عند _ مفترق _ الطرق.. حصاد عام “شخصى” جدا !

محمد حسين | القاهرة

كتبت الأحد الماضى عن العام الجديد ، ودعوت القراء إلى رفع راية التفاؤل والأمل ، فى وجه الخوف واليأس والإحباط ، واليوم أكتب عن حصاد عام مضى ، ليس فى < عمومه > على الناس ، وإنما فى حياتى الشخصية ، مهنيا وإنسانيا واجتماعيا .

أعترف إنه كان عاما ثقيلا ومؤلما جدا على نفسى ، منذ أن بدأ وحتى نهايته ، وترك فى روحى < ندوبا > لجراح ، بعضها لم يلتئم بعد ، فقد منعت منذ يناير الماضى من الكتابة فى بيتى الأول < الأهرام ، ثم خضت معركة منهكة مع مؤسسة سيادية ، من أجل الدفاع عن أحد حقوقى كمواطن ، وكانت الخاتمة خسارة فادحة ، تمثلت فى فقد إنسانى لحياة طويلة .
أستطيع أن أقول أنه كان عاما مشحونا ، بكل الأحداث السيئة ذات الأثار الممتدة ، ولكن لم أستسلم ولم أسقط ، وقاومت الإنطفاء والهزيمة ، فلم انقطع عن كتابة مقالى أسبوعيا ، بنفس عنوانه فى < الأهرام > ، ونشره على صفحتى الشخصية ، كما أن هناك بعض المواقع تستأذن فى نشره ، فأسمح لها ممتنا دون الحصول على مقابل .
تمضى الحياة بين لحظات سعادة خاطفة ، وبين حزن يحرص على حضوره بانتظام ، فأعتدت عليه وعاملته على أنه < زكاة > عن القلب ، الذى عاش يقظته فى صراع موجع مع عقل ناضج ، بيمنا هو مسكون بعاطفة جياشة ، تملى قراراتها على الدوام ، دون أدنى حسابات للعقل .
إن أروع مايحدث للأنسان ، إلا يفقد الأمل أبدا ، وأن يتعلم من أخطائه ، وقبل أن يفكر فى تغيير العالم ، عليه أن يغير من نفسه ، وأيضا عليه أن يتجنب كثرة الكتمان والتظاهر بالقوة ، لأن هذا الأمر يجعل قلبه هشا ، يبكى من أتفه وأقل الأسباب ، كما قال عالم النفس الشهير
< سيجموند فرويد >.
هذه بعض دروس العام الماضى ، وقد كانت كثيرة وكاشفة وملهمة ، إلا أن هناك دروسا كبرى فارقة ، تعلمتها بالقراءة وتأكدت بكل قوة فى الواقع ، منها : إن الإفراط فى العطاء ، لايخلق أبدا أشخاصا مخلصة بل أنانية ، على حد قول الأستاذ < نجيب محفوظ > ، الذى رأى أن فعل الخير جهاد ، لا تقدر عليه كل النفوس .
الروائى والمفكر الروسى العظيم < دستويفسكى > أوجز فلسفته فى الحياة ، بهذه العبارة التى اؤمن بها كليا ، فقد كتب يقول : < كل شئ فى الحياة مؤقت ، فإذا سارت الأمور بشكل جيد استمتع بها ، وإذا جرت على نحو سئ ، فلا تجزع لأن ذلك لن يكون إلى الأبد > .
فعلا كل شئ موقت . نحن أيضا مؤقتون .
أسال الله ان يكون العام الجديد أكثر رحمة وإنسانية ، وأن تضمد فيه جراحنا ، التى حملناها معنا من عام مضى ، كان ثقيلا ومؤلما جدا .
كل خير وسلام لكم .

♡ فى الختام .. يقول أبو نواس :
< مايرجع الطرف عنها حين يبصرها
حتى يعود إليها الطرف مشتاقا >.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى