صرخة الموجوعين

توفيق شومان | مفكر لبناني

يقول أغلب أهل السياسة في لبنان: ” ما خلوهن ” يشكلون حكومة، ” ما خلوهن ” يكبحون سعر صرف الدولار، ” ما خلوهن ” يطبقون بنود المبادرة الفرنسية، ” ما خلوهن ” يذهبون إلى برامج إصلاح قطاع الكهرباء، ” ما خلوهن ” ينظفون البلاد من النفايات، ” ما خلوهن ” ينتشلون العباد من الإنهيار الإقتصادي ” ما خلوهن ” يفكون احتكار الدواء، ” ما خلوهن ” ينتشلون الناس من حافة الجوع .
” ما خلوهن “… ما خلوهن “.
كأن لأغلب أهل السياسة بلعوما واحد ، يشهق ويزفر : ” ما خلونا “!!.
الله أعلم ، من أي طينة أو جنس ، أولئك السياسيون الذين إذا اتفقوا أفلسوا الناس ، وإذا افترقوا تحاربوا بالناس ، وإذا تنازعوا نزعوا أرواح الناس.
بالله عليكم من أي جنس أنتم ؟
من أي كون ؟
من أي مريخ ؟ من أي عطارد ؟ أو من أي أورانوس؟
عرفونا عليكم … قولوا لنا من أنتم
هل أنتم من الإنس أم من الجان ؟ أو من السماء السابعة ؟
نحب أن نعرف
نحب أن نفهم لغتكم حتى نفهم جملتكم ” ما خلونا “.
لم تمر على مسامعنا ولا في كتبنا ولا في قصائدنا ولا في معلقاتنا ولا في معاجمنا ولا في جرائدنا ولا في كل أقوال العباقرة والجهابذة والأساطين الذين سلفوا ومضوا ، تلك ” ما خلونا ” .
من أين جئتم بها ؟
من هبط عليه جن اللغة فأوحى إليه بأبجدية رجيمة؟
من أملى عليكم هذا ” النحت ” الذي لم يخطر على بال سيبويه و نفطويه و إبن جرجان ، ولا جرى على لسان أهل الروم ، ولاطرق آذان أهل الصين وسائر الشعوب الصفر ، ولا سمع برطانته الهنود الحمر ولا أهل أفريقيا والشعوب السمر ؟
من أتحفكم ورمانا في الحتف ؟
من همس في آذانكم قولوا ” ما خلونا ” تفوزون و تكسبون ؟
هل فكرتم ب ” ما خلونا ” ماذا تعني وإلام تدل ؟
نحن العوام الموجوعين فهمناها على قدر عقولنا وعلى مقاس اوجاعنا
فهمناها بلغتنا وبوضاعة وعينا وقلة عقلنا ، فهمناها أنكم ” ما خليتم ” لنا روح.
خذونا على قدر أفهامنا وويلاتنا
اعذرونا … لا نعرف لغة ما بعد البشر ولا لغة ما بعد الزمان
ولا لغة الكواكب السيارة
عفوا … المواكب السيارة
يا أفاضل القوم :
ماذا تعني “ما خلونا ” ؟
ارسلوا إلينا ـ نحن الموجوعين ـ فيلسوفا أو بليغا أو أسطونا أو نادرا من نوادر الدهر والعصر ، ليطل على شاشة أو مذياع أو صحيفة ليهدينا سواء الفهم ورشاد المعنى ، معنى وراء معنى .
اشفقوا على العوام الموجوعين يا أفاضل
لقد استعصى علينا مفهوم ” ما خلونا ”
لقد بعنا أنصاف عقولنا حتى نعي و نفهم ، وما تبدلت جهالتنا تبديلا.
من يريح الموجوعين بإفهامهم ؟ بإبصارهم ؟ بإنبائهم النبأ اليقين ؟
من ينزل من علياء فصاحته إلى دركنا الأسفل ـ نحن الموجوعين ـ
من يشرح لنا طلسم الطلاسم ويخبرنا بسر الأسرار؟
من يُدخل مفتاح الفهم في ثقب مصطلح مقفل ؟ اصطلحتموه وابتدعتموه و أسميتموه ” ما خلونا ” ؟ .
” ما خلونا “…
ذاك المصطلح العاصي
ذاك المصطلح المسدود
ذاك المصطلح المغلق
ما رأيناه في صحف السلف
ولا في كتب الخلف !!
حقا ؟؟
هل أنتم من أهل الأرض؟
الموجوعون من أهل الأرض يسألون :
من للموجوعين ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى