أخذت من النساء أشياء عظيمة

توفيق مقطوف | كاتب

أخذت من النساء خوفهن من الزمن. إرتباكهن أمام سؤال؛ كم عمرك؟. أكره الزمن، لعبة الزمن، ماكينة الزمن. إذا خاطبت امرأة فكن جنتلمانا ولا تذكرها بالزمن، لعبته.. ماكينته . لا تقل لها، على طريقة ضابط في المخابرات؛ هل تنتظرين أحدهم؟. ستشعر بالخوف من عينيك. البشريون لا يعمرون في حبهم. البشريون يطلبون أكثر من الحب. البشريون صنيعة الجنس و ضحاياه . أقترح أن تقول لها بعد تنظيف صوتك من تركة قابيل و يديك من القوة و عينيك من الفخاخ؛ يوم جيد لنكون معا.
قد لا تطلب المرأة من الرجل إسعادها بالقدر الذي تنتظر منه إهتمامه. الحب قطرة صغيرة في محيط الإهتمام. والإهتام لغة الطبيعة و مهد كل شيء حي. إذا اهتممت بوردة يصبح لديك حديقة. لكن ، إذا أحببت وردة.. ستقطفها. الحب لا يعمر طويلا.
أخذت من النساء أشياء عظيمة.كالخوف.
الخوف الذي جعلني أستفيق بعد عقدين من السباحة في كأس ماء.. من كتابة النصوص ثم فسخها، من قراءة الكتب، المئات منها، ثم الوقوع في غرام شخصيات من خيال، من مشاهدة الأفلام، ثم الإصابة بالإكتئاب، من حراسة كياني حين لا نجاة من الخوف.. ومن التردد و من الإرتباك.. ومن اللهاث خلف ماكينة لا تتوقف أبدا..
أخذت من النساء ما يأخذه القصب من الريح، ما يأخذه البحر من النهر، ما يأخذه السكين من الجرح.
أخذت من النساء حساسيتهن المفرطة، صلابة الصلدم و هشاشة الورد، فصاحة الضوء و جرأة الشمع، دفء الأمان وتلقائية القطط .
أخذت منهن تاء التأنيث و زرعتها في نصوصي .
زرعتها في عيني كي أبصر الأشياء حولي بدقة و أناقة.
زرعتها في إيماني كي أكلم الله على إنفراد .
زرعتها في داخلي كي أراني . و رأيتني ، رغم كل شيء ، رأيتني في نداء الروح الأول ، رأيتني أنثى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى