من أدب الرسائل.. الوطن ما بين حياة الريس و منى عواد رفيع
منى عواد رفيع | واشنطن
العزيزة حياة…
كل واحد منا يحمل “الوطن” بداخله، البعض منا يتذكره بصور مخيفة سوداء قاتمة، أفقدته معنى الحب ومعنى الكرامة وضيقت عليه سبل العيش فهاجره، والبعض الآخر هاجره اختيارا وليس قهرا، والبعض منا يراه بعيون تنام احداهما ليلا في الغربة وتظل الثانية تطل عليه باشتياق متحدية المسافات…
“وطني” الذي غادرته اختيارا وليس قهرا ظل يسككني حد العظم… هو حلمي الذي لم يكتمل… لا أبالغ إن قلت كثيرا ما تخيلت أشجار المدينة التي أقطنها تتحول أوراقها الخضراء إلى لون أزرق، لون أمواج البحر الذي تركته هناك … اللون الأزرق يحل محل الأخضر حد الوله، حد الجنون.. كل شيء هنا يحملني إلى هناك.
هجرة البعض منا راحة له من عذاب وظلم وحرب ودم، وهجرة البعض الآخر تتحول إلى ندم على فراق تراب نشم رائحته ونتنهد آلاف التنهيدات لأن ذراعينا أصبحت قصيرة لا تلمسه..
كنت أتمنى أن أجلس معكن في جلستكن التي تمتزج الروح فيها بواقع كل واحدة منكن فصورت “الغربة” و” الوطن ” بشغف.. أمام قصصكن، كنت سأستمع بعمق …كنت سأقول كم كنت محظوظة لأن روحي لم تنجرح يوما في الوطن.. وطن غرس بداخلي طاقة حب لم تضعف بالبعد. تلك الروح التي لا زالت تتحدى كل ليلة صومعة – Monument- والناس نيام لتحط على صومعة حسان برباط الفتح لتعانق رقراقا نائما جنب بحر أشم رائحته كل ليلة وألاعب لقالقه كل فجر.. ثم تعود تلك الروح مشبعة إلى عاصمة تحكم العالم بالطرف الآخر من المحيط الأطلسي, قال البعض عنها “متعجرفة” وقال البعض الآخر “مدينة لا تؤمن بالشعر”.
.
يسعد يومك ومساك العزيزة حياة وشكرا على مشاركتنا إحساسك وإحساس صديقاتك الجميلات