جرائم الحرب في نظام المحكمة الجنائية الدولية

د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي الجنائي | فلسطين

في 17 يوليو/تموز 1998 وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على ما يعرف بميثاق روما، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة سبع دول، وامتنعت 21س عن التصويت. واعتبر الميثاق أن ملايين الأطفال والنساء والرجال في القرن العشرين -الذي شهد حربين عالميتين- قد وقعوا “ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة “وأنه شهد” جرائم خطيرة تهدد السلم والأمن العالمي” وأن مثل هذه الجرائم لا يجوز أن تمر دون عقاب.

وتعرف جرائم الحرب وفقاً للمحكمة الجنائية الدولية على أنها الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي. وإدراج النزاعاتِ الداخلية يتواءم مع القانونِ الدوليِ العرفي ويعكس الواقع بأنه في السَنوات إلـ 50الماضية حدثت أكثر الانتهاكات خطورة لحقوق الإنسان داخل الدول ضمن النزاعاتِ الدولية.

أما جرائم العدوان فيما يتعلق بهذه الجريمة فانه لم يتم تحديد مضمون وأركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة كباقي الجرائم الأخرى. لذلك فان المحكمة الجنائية الدولية تمارس اختصاصها على هذه الجريمة وقتما يتم إقرار تعريف العدوان، والشروط اللازمة لممارسة المحكمة لهذا الاختصاص.

النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)

إن الدول اﻷطراف في هذا النظام اﻷساسي، إذ تدرك أن ثمة روابط مشتركة توحد جميع الشعوب وأن ثقافات الشعوب تشكل معا تراثا مشتركا، وإذ يقلقها أن هذا النسيج الرقيق يمكن أن يتمزق في أي وقت، وإذ تضع في اعتبارها أن ملايين اﻷطفال والنساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع ﻻ يمكن تصورها هزت ضمير اﻹنسانية بقوة، وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم واﻷمن والرفاه في العالم، وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أﻻ تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني من خلال تعزيز التعاون الدولي، وقد عقدت العزم على وضع حد ﻹفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى اﻹسهام بالتالي في منع هذه الجرائم، وإذ تذكر بأن من واجب الدولة أن تمارس وﻻيتها القضائية الجنائية على أولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية؛ وإذ تؤكد من جديد مقاصد ومبادئ ميثاق اﻷمم المتحدة، وبخاصة أن جميع الدول يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة اﻹقليمية أو اﻻستقلال السياسي ﻷية دولة، أو على أي نحــو ﻻ يتفق ومقاصد اﻷمم المتحدة، وإذ تؤكد في هذا الصدد أنه ﻻ يوجد في هذا النظام اﻷساسي ما يمكن اعتباره إذنا ﻷية دولة طرف بالتدخل في نزاع مسلح أو في الشؤون الداخلية ﻷية دولة، وقد عقدت العزم، من أجل بلوغ هذه الغايات ولصالح اﻷجيال الحالية والمقبلة، على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة اﻷمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم اﻷشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، وقبل ذلك كانت لجنة خاصة قد قدمت -بطلب من الجمعية نفسها- مسودتين لنظام المحكمة الجنائية في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، لكن المشروع لم ير النور، وبقي معلقا بسبب الإشكالات السياسية التي خيمت على العلاقات الدولية خلال ما عرف بفترة الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والمعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي السابق…وتأسست المحكمة الجنائية الدولية بصفة قانونية في الأول من يوليو/تموز 2002 بموجب ميثاق روما، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان من السنة نفسها، بعد تجاوز عدد الدول المصادقة عليه ستين دولة…وصادقت لحد الآن على قانون المحكمة 124 دول، وتلتقي في جمعية للدول الأعضاء، وهي هيئة تراقب عمل المحكمة، كما وقعت 41 دولة أخرى على ميثاق روما لكنها لم تصادق عليه بعد.

 

الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة

يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره،وللمحكمة بموجب هذا النظام اﻷساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية:

–           جريمة اﻹبادة الجماعية.

–           الجرائم ضد اﻹنسانية.

–           جرائم الحرب.

–           جريمة العدوان.

–           تمارس المحكمة اﻻختصاص على جريمة العدوان متى اعتُمد حكم بهذا الشأن وفقا للمادتين 121 و 123 يعرّف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة. ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع اﻷحكام ذات الصلة من ميثاق اﻷمم المتحدة

–           اﻹبادة الجماعية: لغرض هذا النظام اﻷساسي، تعني “اﻹبادة الجماعية” أي فعل من اﻷفعال التالية يرتكب بقصد إهﻼك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، آليا أو جزئيا:

  1. 1. قتل أفراد الجماعة.
  2. 2. إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
  3. 3. إخضاع الجماعة عمدا ﻷحوال معيشية يقصد بها إهﻼآها الفعلي آليا أو جزئيا.
  4. 4. فرض تدابير تستهدف منع اﻹنجاب داخل الجماعة.
  5. 5. نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

الجرائم ضد اﻹنسانية

لغرض هذا النظام اﻷساسي، يشكل أي فعل من اﻷفعال التالية “جريمة ضد اﻹنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم:

  1. 1. القتل العمد.
  2. 2. اﻹبادة.
  3. 3. اﻻسترقاق.
  4. 4. إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.
  5. 5. السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد اﻷساسية للقانون الدولي.
  6. 6. التعذيب.
  7. 7. اﻻغتصاب، أو اﻻستعباد الجنسي، أو اﻹآراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.
  8. 8. اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان ﻷسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو ﻷسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي ﻻ يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
  9. 9. اﻻختفاء القسري لﻸشخاص.
  10. 10. جريمة الفصل العنصري.
  11. 11. اﻷفعال الﻼإنسانية اﻷخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.

جريمة الحرب

  • يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، وﻻ سيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.

لغرض هذا النظام اﻷساسي، تعني “جرائم الحرب” اﻻنتهاكات الجسيمة ﻻتفاقيات جنيف المؤرخة 12 / آب أغسطس 1949، أي أي فعل من اﻷفعال التالية ضد اﻷشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:

–           القتل العمد

–           التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية.

–           تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.

–           إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات واﻻستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.

–           إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.

–           تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.

–           اﻹبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.

–           أخذ رهائن.

 

اﻻنتهاكات الخطيرة اﻷخرى للقوانين واﻷعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي فعل من اﻷفعال التالية:

–           تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين ﻻ يشاركون مباشرة في اﻷعمال الحربية.

–           تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي ﻻ تشكل أهدافا عسكرية.

–           تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة اﻹنسانية أو حفظ السلام عملا بميثاق اﻷمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة.

–           تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في اﻷرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن
إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل اﻷجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس إلى
مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.

–           مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزﻻء التي ﻻ تكون أهدافا عسكرية، بأية وسيلة كانت.

–           قتل أو جرح مقاتل استسلم مختارا، يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع.

–           إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو شارته العسكرية وزيه العسكري أو علم اﻷمم المتحـدة أو شاراتهـا وأزيائهـا
العسكريـة، وكذلـك الشعـارات المميزة ﻻتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت اﻷفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم.

–           قيام دولة اﻻحتﻼل، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى اﻷرض التي تحتلها، أو إبعاد
أو نقل سكان اﻷرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه اﻷرض أو خارجها.

–           تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، واﻵثار التاريخية،
والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة أﻻ تكون أهدافا عسكرية.

–           إخضاع اﻷشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو ﻷي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي ﻻ
تبررها المعالجة الطبية أو معالجة اﻷسنان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعني والتي ﻻ تجري لصالحه
وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك اﻷشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد.

–           قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو جيش معاد أو إصابتهم غدرا.

–           إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة.

–           تدمير ممتلكات العدو أو اﻻستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو اﻻستيﻼء مما تحتمه ضرورات الحرب.

–           إعلان أن حقوق ودعاوى رعايا الطرف المعادي ملغاة أو معلقة أو لن تكون مقبولة في أية محكمة.

–           إجبار رعايا الطرف المعادي على اﻻشتراك في عمليات حربية موجهة ضد بلدهم، حتى وإن كانوا قبل نشوب الحرب في
خدمة الدولة المحاربة.

–           نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم اﻻستيﻼء عليه عنوة.

–           استخدام السموم أو اﻷسلحة المسممة.

–           استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو اﻷجهزة.

–           استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري، مثل الرصاصات ذات اﻷغلفة الصلبة التي ﻻ
تغطي آامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحززة الغلاف.

–           استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة أو آﻻمــا ﻻ لزوم لها أو تكون عشوائية
بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة.

–           تجنيد اﻷطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزاميا أو طوعيا في القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة |               فعليا في اﻷعمال الحربية.

–           اﻻعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

–           اﻻغتصاب أو اﻻستعباد الجنسي.

–           استغلال وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية ﻹضفاء الحصانة من العمليات العسكرية على نقاط أو |               مناطق أو قوات عسكرية معينة.

–           تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل واﻷفراد من مستعملي الشعارات المميزة |
المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون الدولي.

–        تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي ﻻ غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد
عرقلة اﻹمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى