نابلس تاريخ ضارب في الأصالة
د. حنا عيسى | رام الله – فلسطين
تعرف نابلس أيضا بأسماء جبل النار، ودمشق الصغرى، وعش العلماء، ومملكة فلسطين غير المتوجة قال فيها الدكتور د. مازن خويرة:
نابلس أنت شقيقة القدسِ
بدر أضاء بضحكة الشمسِ
يا موئلا للعلم والأنسِ
يا مصنعا للمجد والبأسِ
جبلاك بالعلياء قد جُبِلا
قد أُشْرِبَتها صخرةُ الكلسِ
فالصخر في تجعيده يحكي
حبرا على ورق من الجبسِ
فأقرأ سطور المجد في شممٍ
ولتتبعنَّ اليوم بالأمسِ
تقع مدينة نابلس في منطقة غنية بينابيع المياه العذبة وسط فلسطين على واد مستطيل الشكل يمتد من الشرق إلى الغرب بين جبلي عيبال (الشمال) وجرزيم (الجنوب). وتطل فتحة وادي نابلس الشرقية على الغور المسمى باسمها وهو الغور النابلسي الممتد حتى نهر الأردن.
وقد أسست القبائل الكنعانية نابلس لأول مره فوق تل كبير يدعى تل بلاطه، ويقع عند المدخل الشرقي المفتوح لمدينة نابلس الحالية جوار شمال قرية بلاطة العربية وذلك في أواسط الألف الثالث قبل الميلاد. وأطلق الكنعانيون عليها اسم “شكيم” الذي يعني المكان المرتفع أو النجد.
تعرضت نابلس لغزو شعوب وقبائل مختلفة، حيث غزتها القبائل العبرانية ثم الأشوريون والبابليون ثم الفرس ثم اليونانيون إلى أن سقطت بيد الرومان سنة 63 ق.م. وفي الفترة بين عام 67-69 م أمر الإمبراطور فسبيسيان بهدم مدينة شكيم وبناء مدينة جديدة إلى الغرب منها قليلا حيث نابلس القديمة حاليا وقد أطلق عليها الرومان اسم “نيابولس” وهي لفظة لاتينية رومانية تعني “المدينة الجديدة” التي حرفت عنها فيما بعد لفظة نابلس الحالية.
وكان لطبيعة الموقع الجغرافي الجبلي للمدينة ان فرض نفسه على الرومان بحيث جاءت المدينة طولية الشكل وتمتد من الشرق إلى الغرب على واد محصور بين جبلي عيبال وجرزيم ويقطعها شارع رئيس من شرقها إلى غربها وهو الديكامانوس، وقد قام الرومان ببناء ثلاثة أماكن للهو هي المسرح والمدرج وميدان سباق الخيل، كما أقاموا معبدهم الخاص بالإله جوبيتر فوق قمة جبل جرزيم.
وعندما أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع الميلادي (عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير) بدأت تختفي منها معالم الطابع الوثني الخاص بها ليحل محله أبنية الكنائس والطابع المعماري والثقافي المصاحب لهذا الدين الجديد، إذ تم بناء كنيسة بئر يعقوب وكنيسة مريم العذراء فوق جبل جرزيم مكان معبد السامرين.
في عام 636 م وبعدما تمكن العرب المسلمون من هزيمة الرومان في معركتي اليرموك واجنادين، فتح القائد عمرو بن العاص مدينة نابلس حيث كان سكانها خليط من السامرين والنصارى والعرب. وخلال القرنين الأولين من فتح المدينة على أيدي العرب المسلمين، بدأت نابلس تشهد مجموعة من التحولات الدينية والمعمارية والاجتماعية، بحيث أصبحت لغتها في حياتها وعلومها اللغة العربية – لغة القرآن الكريم. وأصبح سكانها خليطا من السامريين والنصارى وغالبية من العرب المسلمين. عام 1099 م سقطت نابلس في أيدي الصليبيين حتى ظهور الأيوبيين الذين تمكنوا من استعادة فلسطين وبيت المقدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عام 1187 م.
عُرفت نابلس بـ “جبل النار”، وأصل التسمية يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر يوم غزت جيوش نابليون فلسطين واتجهت صوب عكا التي استعصت عليه، وأثناء عودة جيوشه مرت من سهل (عزون) حيث كان في انتظارها المجاهدون النابلسيون ومعهم أخوانهم من القرى المجاورة فأشعلوا ناراً بالحقول وأنزلوا خسائر فادحة في مؤخرة الجيش الفرنسي، وعاد المجاهدون منتصرين ومنذ ذلك الوقت أطلق على جبل عيبال “جبل النار”.
في 21/9/1918 م سقطت نابلس بيد الاحتلال البريطاني إثر هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى. بعد وقوع النكبة تم في العام 1950 م ضم ما تبقى من فلسطين إلى الأردن فأصبحت نابلس بذلك جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية حتى عام 1967 حين تم احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة من قبل العدوان الصهيوني الغاشم، فرضخت نابلس كباقي المدن الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي.
وتعتبر نابلس رمزاً للتعايش الديني، حيث يتعايش أتباع الديانات السماوية الثلاث: الإسلامية والمسيحية والسامرية (اليهودية) بروح الإخاء والاحترام المتبادل منذ قرون طويلة.
الطائفة السامرية:
كلمة سامري جاءت تحريف للكلمة المنطوقة باللغة العبرية “شامر”، التي تعني “الحارس” أو “المحافظ”، أي أن التسمية أطلقت عليهم لحفاظهم على معتقداتهم في فترة انقسام مملكة بني إسرائيل إلى شمالية وجنوبية، فكانوا هم المحافظون على الديانة العبرية القديمة، والذين بقوا أمناء لها من سائر بني إسرائيل.
وصل عدد السامريين في نابلس حاليا إلى 378شخصا يعيش نصفهم في سفح جبل جرزيم المقدس عندهم حيث يعتبرونه موقع الهيكل وليس القدس. ويعيش السامريون في تناغم وانسجام تام مع الفلسطينيين إذ من الصعب التمييز بينهم وبين سكان نابلس نظرا للتسامح السائد هناك، واتقانهم للغة العربية التي يتداولونها مع سكان المدينة في حياتهم اليومية.
الطائفة المسيحية:
يعتبر الوجود المسيحي في نابلس وفلسطين أقدم وأعرق وجود مسيحي في العالم، لأن المسيح له المجد ولد في بيت لحم ونشأ في الناصرة ورُفِع إلى السماء من القدس.
الكنائس والأديرة:
تمتاز نابلس بتسامحها الديني، وهذا يفسر كثرة الكنائس والأديرة وتنوعها. ومن أشهر الكنائس وأقدمها في نابلس كنيسة الأرثوذكس في المدينة القديمة، والكنيسة الأرثوذكسية المُقامة فوق بئر يعقوب. ومن أشهر أديرتها دير فنشر قرب جامع الخضر، ودير اللاتين قرب المقبرة الغربية. وهناك موقع شرقي المدينة يسمى خلة الرهبان.
بئر/ دير/ كنيسة يعقوب
يعتبر أحد أبرز وأقدم الأماكن المسيحية المقدسة في العالم. وحاول المستوطنون الاسرائيليون الاستيلاء على الدير بالإرهاب، واقترفوا جريمة قتل راهب الدير الأب فليمونس داخل الدير في العام 1979. قامت الكنيسة بتطويب الأب فليمونس قديساً وشهيداً لدى الكنائس الأرثوذكسية في العالم التي تحتفل بيوم خاص باسمه اسوة بغيره من القديسين.
ويسمى أيضاً بئر السامرية، وهو بئر في منطقة بلاطة على أطراف مدينة نابلس، يعتقد أن المسيح شرب من هذا البئر لدى مروره بالسامرة في طريقه من القدس إلى الجليل.
بُني فوق البئر كنيسة بأمر من الملكة هيلانة والدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين في القرن الرابع للميلاد. وبقيت الكنيسة على حالها حتى تهدمت عام 1009م في العهد الفاطمي. فأعاد الصليبيون إعمارها عام 1154م، ولكنها هدمت عام 1187م بعد خروج الصليبيين. وتقوم اليوم كنيسة حديثة نسبياً في الموقع.
كنيسة الروم الأرثوذكس “كنيسة القديس مار ديمتريوس”:
تحمل هذه الكنيسة اسم قديس يوناني عاش في القرون الأولى من التبشير بالديانة المسيحية. وقد وُلد القديس ديمتريوس في منطقة سالونيك اليونانية عام 290 م واعتنق الديانة المسيحية، وكان معلماً ومبشراً ومؤمناً، فوضعه الإمبراطور مكسيميانوس في السجن لإيمانه.تقع الكنيسة في الجزء الغربي من البلدة القديمة (نابلس) وقد بنيت في عام 1887.
تعرضت الكنيسة لعدة اعتداءات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ففي نيسان 2002 لحق بالكنيسة أضراراً كبيرة عندما قصفت طائرات الاحتلال الصبانات المقابلة والمجاورة للكنيسة، الأمر الذي أدى إلى إحداث تصدعات كبيرة في جدرانها الخارجية والداخلية وكذلك دمرت أبوابها ونوافذها وتطايرت الصور والثريات بداخلها كما تصدعت جدران الطابق الثاني الذي يسكنه الأب جورج عواد راعي الكنيسة وتهدمت جدرانه الأمامية والمظلة المجاورة وبلغت تكلفة إعادة ترميم الكنيسة والسكن الداخلي 56000 دولار حسب سجلات الكنيسة، وبتاريخ 5-3-2003 قام جنود الاحتلال باقتحام الكنيسة وإجراء تفجير بداخلها مما أدى إلى هدم بعض جدرانها وبلغت تكلفة إعادة ترميمها 3000 دولار.
وبتاريخ 15-6-2004 قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفجير حواجز ترابية بالقرب من الكنيسة وغرف المبيت وتدمير شبه كامل لمحتويات غرف الصلاة وغرفة الهيكل والتي تعتبر أقدس مكان في الكنيسة وكذلك تدمير زجاج النوافذ والصور الدينية والكتب المقدسة بالإضافة إلى تدمير المحلات التجارية الموجودة في الجهة الشمالية من مبنى الكنيسة وتقدر تكاليف إعادة إعمارها حسب سجلات الكنيسة 10000 دولار. الايكونوس جورج عواد راعي الكنيسة والذي يسكن بداخلها قال ” جيش الاحتلال الإسرائيلي كان يعلم مسبقاً بأن هناك كنيسة بناءاً على الخرائط التي يمتلكونها، كما استخدم الجيش كميات كبيرة من المتفجرات دون أي مبرر لذلك، فقد كان بإمكانهم إزالة الحواجز الترابية بواسطة جرافاتهم لكنهم قصدوا إحداث هذا الدمار خلفهم.”
كنيسة القديس فيلبس الأسقفية:
تقع كنيسة القديس فيلبس الأسقفية في مدخل البلدة القديمة (نابلس) من الجهة الغربية إلى جانب جامع الخضر. وقد تعرضت هذه الكنيسة إلى اعتداءات الجيش الإسرائيلي عدة مرات، ففي نيسان 2002 هُدم سور الكنيسة من الجهة الشمالية والذي يبلغ طوله 30 م. وتعرضت الكنيسة إلى الاحتلال من قبل الجنود ثلاث مرات في كل مرة لمدة يوم كامل لأغراض المراقبة خلال عامي 2003-2004.
بتاريخ 15-6-2004 تعرضت جدران الكنيسة الخارجية من الجهة الشمالية لتصدعات جراء قيام جيش الاحتلال بتفجير حواجز ترابية في المدخل الغربي للبلدة القديمة.
كنيسة مار متري للروم الارثوذكس
تقع داخل البلدة القديمة، تضررت بسبب قصف الاحتلال للبلدة القديمة في نيسان 2002. وجرى الاحتفال بترميمها وصيانتها في العام 2010 على نفقة الحكومة الفلسطينية.
خلة الرهبان
حي في القسم الشمالي الشرقي من نابلس يقع على سفوح وأقدام جبل عيبال. يعتقد بأن تسميته أتت نتيجة وجود موقع قديم لرهبان في المنطقة.
إرسالية المحبة
تعمل فيها أربع راهبات (من راهبات الأم تريزا) على رعاية عدد من المسنين والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
كنيسة رفيديا الجديدة: وهي بناء حديث في بلدة رفيديا
كنيسة الراعي الصالح: وهي بناء حديث في بلدة رفيديا.
المساجد
جامع النصر
أحد المساجد التاريخية في نابلس. يوجد في باب الساحة في وسط المدينة القديمة في نابلس.
باشر بتشييده القائد عمرو بن العاص في وقت الفتح الاسلامي لفلسطين. خلال الحكم الصليبي لنابلس، أقام فرسان المعبد كنيسة دائرية ذات قبة حمراء (كنيسة القديس يوحنا). بعد تحرير نابلس عام 1187 على يد صلاح الدين الأيوبي، قام المماليك بتحويل الكنيسة الصليبية إلى مسجد. دمر زلزال هذا المسجد عام 1927، وأُعيد بناؤه عام 1935. وتوجد في الطابق الأرضي للمسجد قبور تاريخية.
تعرض المسجد إلى الاقتحام والتدمير مرات عديدة على أيدي قوات الاحتلال التي قامت خلال انتفاضة الأقصى بإجراء الكثير من التفجيرات مما أدى إلى زعزعة المبنى والكثير من الواجهات فضلاً عن تكسر زجاجه الملون الأثري.
المسجد الصلاحي الكبير:
يقع في حي القصبة وسط المدينة القديمة في نابلس ما بين الشارع الشمالي المؤدي إلى خان التجار القديم وشارع النصر قرب حارة العقبة وحارة القيسارية. كانت تقوم في الموقع بازيليكا رومانية متهدمة، إذ أن أصل البناء الحالي كنيسة صليبية شيدت سنة 1167 م ثم حُولت إلى جامع بعد الفتح الصلاحي لنابلس سنة 1187 م وسمي تيمناً باسم صلاح الدين الأيوبي.
شهد الجامع عدة تجديدات وتعميرات وإضافات خلال العهد الأيوبي، المملوكي، العثماني والعهد الحديث. إنه مسجد عامر تقام فيه الصلوات الخمس. تهدم جزء كبير منه في زلزال 1927.
مؤخراً تم اعادة اعمار المسجد بطريقة مميزة وحرفية عالية للحفاظ على التراث المعماري والمسجد.
المسجد العمري:
من أقدم المساجد الموجودة في منطقة نابلس حيث انه يتألف من غرفه واحده وكانت تقام فيه الصلاة للرجال حتى عام 1900 م ومن ثم تحول لمسجد للنساء حتى الستينيات من القرن الماضي. يعد الان موقعا أثريا وتاريخيا ويقع في وسط حي بلاطه البلد في الحوض الاثري الذي يحمل رقم 14 من احياء نابلس القديمة.
مسجد عجعج:
مسجد قديم يقع في الجهة الجنوبية الشرقية في أعلى منطقة من البلدة القديمة في جهة رأس العين، ينسب الى عجعج لأنه مبني في حوش عجعج، وللأسف فقد هُدم جزء كبير منه بالاجتياح الإسرائيلي في نيسان 2002م، إلا أن أهل الخير من أهالي مدينة نابلس قاموا بإعادة اعمار المسجد ليبقى كجزء من تاريخ نابلس.
جامع الأنبياء:
سُمي بالأنبياء لأن أولاد يعقوب عليه السلام دُفنوا فيه، وبقربه بئر يُعرف ببئر الأنبياء. يقع هذا الجامع في أقصى شرق حي الانبياء من البلدة القديمة، وفي داخله ضريح طويل مغطى بقماش أخضر وعليه قطعة بيضاء مكتوب عليها ” هذا ضريح اسيادنا انبياء الله الكرام من اولاد يعقوب وهم: بالون، ويشجر، وأشر على نبينا وعليهم وعلى سائر الانبياء أفضل الصلاة واتم التسليم.” وقد ذكر الرحالة عبد الغني النابلسي “الدمشقي” أثناء زيارته لنابلس سنة 1101 هـ انه وجد في هذا الجامع قبرا عاليا ويظن ان ابناء يعقوب دفنوا فيه، حيث كتبت اسماؤهم على ظهر حائط الغار: (أولاد سيدنا يعقوب عليهم السلام: روبن، لاوا، نبي يامين، سيوخو، تفتوتي، يهووى، وفيه اسمان آخران لم نعرفهما).
مصدر تاريخي ثالث ينفي هذين القولين ويرى أن يعقوب وأولاده رحلوا إلى مصر وأقاموا فيها ولا يوجد دليل على رجوعه وأولاده إلى فلسطين.
رُمم هذا الجامع من قبل المحسنة فاطمة عاشور سنة1311هـ. مئذنته الحالية بناها الفاضل ابراهيم عبده، وبنى ليوانه الحاج فخرالدين الآخرمي سنة1176هـ.
مسجد رجال العامود:
مسجد قديم يقع في منطقة خلة العامود في المنطقة الشرقية الجنوبية لنابلس، مبني على قبور رجال صالحين أبرزهم ولي الله الشيخ محمد عامود النور العامودي الذي قاد جيشاً وحارب الصليبيين فنالوا الشهادة. ولكثرة الشهداء المدفونين فيها، إذا اراد مواطن السير فيها فإنه يخلع نعليه احتراماً وتبجيلاً لهم. تمت اعادة بناء المسجد ليكون المسجد الجديد ويبقى المسجد القديم مغلقاً.
زاوية الشيخ نظمي:
تقع في الحارة الغربية (حارة النوباني) لنابلس القديمة وأصلها جامع مملوكي هدم ولم يبق منه سوى النقش الكتابي الحجري حيث أعيد بناؤه كزاوية سنة 1016 هـ / 1704 م وأقام فيها حديثا الشيخ نظمي عوكل فعرفت وأشتهرت به وكان من أصحاب الطريقة الرفاعية وهي معماريا عبارة عن قبو عميق يؤدي له مدخل صغير ويغطيه سقف نصف برميلي ذو طراز بناء محلي. الشيخ نظمي عوكل معروف بـ (عدّة الشيخ نظمي) وهي فرقة موسيقية صوفية تخرج في المناسبات الدينية كذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكرى الاسراء والمعراج، والأعياد، وأحياناً كانت تشيّع بعض المتوفين، إذ كانت تحمل بيارق خضراء وسيوف ويتم العزف على الطبول وعلى الفقاشات بطريقة مميزة ومتناسقة، وكان الشيخ نظمي عوكل يسير برفقة العدّة معتمراً عمامة بيضاء، وكان له محبون من أهالي المدينة ودراويشها.
جامع الخضراء:
من أقدم جوامع نابلس جميعها، يقع في الزاوية الجنوبية الغربية لحارة الياسمينة بالقرب من “عين العسل” في موقع أثري قديم تعود أصوله إلى العصر الحجري الحديث، وتم إشغاله في عهد الرومان ببناء بازيليكا. في بداية الفتح الإسلامي للمدينة كان المكان مهدماً وتم تشييد مسجد في هذا الموقع إلا أن الصليبيين أقاموا كنيسة لهم أثناء الاحتلال الصليبي ليقوم صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير المدينة بإزالتها رداً على سياسة الصليبيين، وقد أعيد بناؤه زمن السلطان سيف الدين قلاوون المملوكي – سابع ملوك دولة المماليك التركية. توجد بركة ماء في صحن الجامع، وتبلغ مساحة القسم المعد للصلاة فيه نحو 300 متر مربع، وله محراب جميل، وفي ركنه الجنوبي الغربي مكان منفصل يقال إنه المكان الذي حزن فيه النبي يعقوب بن اسحاق على ولده يوسف. ويعرف الجامع لذلك باسم “جامع حزن يعقوب”.
وتبعد مئذنته مقدار ستين متراً من ناحية الشمال، وهي مربعة الشكل على غرار المآذن المغربية.
وقد زاره كثير من الرحالة الأجانب والمسلمين حيث وصفوه أنه ذو مساحة كبيرة جداً ومحاط بالبساتين والأشجار الكثيفة ولهذا سمي بالخضراء لاستمرار اخضرار المنطقة حوله، ومما يؤسف له قيام الجرافات العسكرية الإسرائيلية بتدمير الجدار الغربي من بيت الصلاة، المدخل وغرف تحفيظ القرآن.
ويتميز محراب الجامع بنقوش عربية، وآية الكرسي المكتوبة حول حافة المحراب من الداخل، أما نقوش قبة المحراب من الداخل فهي ذات طابع أندلسي. كما أن هناك زخارف عربية على بوابة جامع الخضراء الخشبي. وتبلغ مساحة القسم المعد للصلاة فيه 300 متر مربع.
تعرض المسجد للهدم الجزئي في اجتياح نابلس عام 2002 من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وتم اعادة ترميمه من جديد.
جامع التينة:
يقع في الطرف الشرقي من حي القريون، وهو جامع قديم، تم ترميمه سنة 1315هـ. سمي بذلك لوجود شجرة تين كبيرة في ساحته، مئذنته مضلعة.
مسجد الساطون:
جامع الساطون ويسمى أحياناً الساطور. مسجد تاريخي يقع في وسط حارة الياسمينة في نابلس. يعتبر أول مسجد أسس في المدينة بعد فتحها. بُني في القرن الأول الهجري / السابع الميلادي و أعيد بناؤه سنة 688ه / 1285م . جرى ترميمه وتجديده عدة مرات في العهد العثماني وحديثاً. يعتبر من أجمل المساجد الاثرية على مر التاريخ في طريقة بنائه وجمال تصميمه المتقن، ويمتاز بكثرة محاريبه ومئذنته القديمة جدا التي لها اثنا عشر وجها.
يعود تأسيس الجامع إلى العهد العمري أي عهد الخليفة عمر بن الخطاب ما بين13-23هـ الموافق634-644م، توجد داخل الجامع لوحة مكتوب عليها (لقد تبين بعد الاطلاع على التاريخ الموجود في ساحة مسجد الساطون أن المسجد العمري هذا بناه العبد الفقير جمال الدين نور الدين شمس الدين الطاهر الشهيد سنة 688هـ رحمه الله وقد شيد محل الوضوء والغرفة الحالية زمن المرحوم الحاج صدقة الخضري في شهر رجب سنة 798هـ – رحمه الله، أما بخصوص المئذنة القديمة قبل الحالية فبنيت زمن محمد بن عماد الدين الشهيد 759هـ في ربيع الأول).
مسجد البيك:
يقع وسط البلدة القديمة في نابلس في زاوية التقاء شارع النصر مع شارع الشواية، كان يسمى جامع العين نسبة إلى عين حسين التي تقع تحت بنائه الحالي. أعاد إبراهيم طوقان الجد الأول ترميم أجزاء منه في عام 1158هـ/1745، لهذا سمي بالبيك نسبة إلى لقب العائلة. الطابق العلوي من جامع البيك فيه عدد من الغرف القديمة التي كان ينزل فيها الطلبة للعلم وحفظ القرآن والإقامة أيضا.
مسجد الحنبلي:
يقع غرب البلدة القديمة، كان يسمى الجامع الغربي، ومنذ القرن السابع عشر غلب عليه اسم الحنبلي نسبة إلى الحنابلة الذين تولوا الإمامة فيه. ترجع أهميته لوجود خزانة فيها شعرات الرسول (صلى الله عليه وسلم) الثلاثة التي أحضرت من الإستانة وأهديت الى أهالي نابلس من الخليفة العثماني.
الجامع يستمد جزءاً من مكانته في النفوس لوجود هذه الشعرات الطاهرة حيث كتب على منبره (تَجَدد بناء هذا المسجد وتَشَرّف بالشعرات المحمدية بأمر الخليفة السلطان محمد رشاد خان الخامس سنة 1330هـ.)
يتم اخراج هذه الشعرات في كل ليلة قدر أو في ذكرى المولد النبوي في احتفال اسلامي بهيج في المسجد للتبرك بها.