عن أعضاء الكنيست العرب والترهيب السياسي
أمير مخول | حيفا – فلسطين
حملة الترهيب ضد اعضاء وعضوات الكنيست العرب “بتهمة” تهنئة الأسرى بنيلهم الحرية، هي حملة سياسية، يقودها إعلام تحريضي عنصري ومنظومة حاكمة عدوانية احتلالية واستعمارية. إنها حملة تكسب شرعيتها كلما جرى التراجع أمامها.
لا أحد يلزم عضو الكنيست بأن يزور الأسرى في السجون إلا قراره، وهذا شأنٌ، سواء قام به ام لم يقم، يخضع لحكم الجمهور ولامتحان المصداقية. كما أنه لا أحد يلزم النواب بتهنئة الاسير المفرج عنه سوى القرار الذاتي.
إلا أنّ الحملة الترهيبية الشرسة تتطلب ردا سياسيا معاكسا، وكلما نجحت في مهمة الترهيب فإنها لن تهدأ، بل ستزداد شراسة. هكذا يعمل منطق العنصرية والغطرسة والاستعمار الاستيطاني الذي لا يتوقف عند الوطن والبلد، بل يسهى ليستوطن النفوس.
ما يكسبه عضو الكنيست عند انتخابه هو ثقة الناس الداعمة وكذلك الحصانة البرلمانية. هذه الحصانة هي ملك له وهو يقرر كيف يستخدمها وأحيانا حزبه يقرر. لكن المصداقية لا تتأتّى فقط من الاقتراع له، بل من كيفية قيامه باستغلال حصانته في خدمة الجمهور، اي ان يتقاسم الحصانة مع الناس لتكون اكثر حصانة امام عسف العنصرية ومؤسستها، وإلا يكون قد كسب حصانة من الدولة وفقد ثقة الجمهور.
يبدو أن الحملة المتواصلة ووالمكثفة منذ أواسط التسعينات والتي مفادها أن النواب العرب “يدعمون الإرهاب” وانهم “منشغلون بفلسطين اكثر من قضايا مجتمعهم”، وأنه وكي يكسبوا الشرعية عليهم فك الارتباط بالشعب الفلسطيني وقضيته، يبدو أنها قد نالت من المناعة المعنوية للنواب العرب وليس جميعهم.
إنها حملة متعددة الاهداف ومنها نزع شرعية العمل الوطني وهي أيضا لاحتلال مفهوم الضحية ومفهوم الأخلاقيات ولهيمنة الاستعلاء.
اعتقد ان عدم مشاركة النواب في تهنئة الاسير صالح ابو مخ بعد ان انهى فترة محكوميته “من البتّة للبتّة”، كما يقال، والتي بلغت خمسة وثلاثين عاما واثني عشر يوما، يعود الى الأثر المتسلل للحملة المذكورة، وحملات التحريض التي شهدناها والتي كان آخرها المساعي لشطب عضوية النائبة هبة يزبك وحظر ترشيحها بسبب دورها في قضية الاسرى. لكن الامر لا يتوقف عند هذا الحد، بل حين خرج صالح ابو مخ من بوابة السجن، وجد على الفور في انتظاره محكمة ميدانية قد أعِدّت له، يقودها الاعلام الاسرائيلي وجوقة تحريضية متكاملة الأركان من إعلام وساسة وأقارب الجندي الذي حكم صالح بتهمة الانتماء للخلية التي قتلته بعد ان تعثرت في حينه عملية اختطافه بهدف عقد صفقة تبادل اسرى.
وبما ان حملة الترهيب ونزع الشرعية هي سياسية عنصرية في جوهرها، وتسعى الى التضييق القانوني على النواب العرب وعلى جماهير شعبنا وحرياتها السياسية، فإن الرد المتوخي هو كسر هذا الطوق الذي يسعون الى فرضه على حرية عمل النواب العرب، والكسر يكون بالتحدي الجماعي والتصدي لمساعي الترهيب ولوضع حد لها. وإلاّ فلن نرى نهاية للحملة.
بالنسبة للأسير الذي امضى جلّ عمره في السجن ونال حريته، فلن يغير شيئا من فرحة الفرج سواء هنأه ام لم يهنئه ويهنيء عائلته هذا النائب أو ذاك، لكن الامر يؤثر على جدارة دورهم ومصداقيتهم هم. كما ان التهنئة بالفرج لا تعني بالضرورة أن يتماثل النائب مع موقفه أو مع التهمة العينية التي حكم على أساسها. أما التصدي للحملة المذكورة فهذا واجبهم.
أحد قوانين كسر حملات الترهيب، هو التصدي الجماعي المباشر لها ورفض الانصياع لشروط العنصريين، هكذا يبطل مفعولها.
الحرية للأسرى والأسيرات