أزمة المواطنة والوطنية في مشرقنا العربي

بقلم : عماد خالد رحمة

تعتبر المواطنة هي المدخل الرئيس إلى المواطنة ، فهي قضية اجتماعية تخص الفرد والطبيعة ، وذلك لأنَّ التقاء الأشخاص يؤدي بالضرورة إلى تشكيل جماعات ، وهو أمرٌ لا يمكن تجاهله  فهو مُلِحٌ  وضروري لتلبية كل ما يحتاجه الآخرين . وذلك عن طريق عرض الشخص خدماته للحصول على مكاسبه ومنافعه ، وأيضاً  من أجل لدّفاع عن نفسه. من هنا ومن هذا المُنطلق جاءت حاجة الأشخاص لتشكيل مُجتمعٍ إنساني، ينخرط  جميع الأفراد فيه ضمن أطرٍ ثقافيّة  ومعرفية واجتماعيّة ودينيّة واقتصاديّة وسياسيّة ، وهذا الأمر يستوجب على الفرد إنتاج علاقاتٍ حميمية متنوّعة ضمن هذا المجتمع، ومن هذا المنطلق  أيضاً فإنّ الفرد ينتظم في مجتمعه ومؤسساته  وهيئاته على  تنوعها واختلافها سواءً كانت مدنيّة أو رسميّة، الأمر الذي ينقله نقلةً نوعية  من الحالة الطبيعيّة إلى الحالة المدنيّة، والتي تُحدث فيه تغييراً  وتبدّلاً كبيراً وملحوظاً، ليحلّ العدل  والمساواة مكان الوهم الفطري، ويتم صقل أفعاله بأدب كان بحاجةٍ  ماسة له، في هذه اللحظة يحل صوت  الضرورة والحقّ مكان الشهيّة  والشغف والواجب مكان الباعث الجسماني والباعث المادي، الأمر الذي يحذو بالفرد على السير ضمن أقانيم مبادئ أخرى، مُستشيراً عقله وفكره  قبل رغباته  الشخصية وميوله. لذا فإنَّ مفهوم  الوطنية هي الشعور  التام بالالتزام ببلد أو مجتمع سياسي أو أمة ، والوطنية  هي حب البلد حباً جماً ، بينما القومية  هي نظام سياسي واجتماعي واقتصادي يتميز بتعزيزه مصالح أمة معينة، وخاصة بهدف كسب والحفاظ على الحكم الذاتي، أو السيادة الكاملة،  وهي أيضاً  الولاء لأمةٍ واحدةٍ لا غير ، وغالباً ما يتم استخدام القومية كمرادف للوطنية، وتهدف القومية أيضاً نحو  تحديث وتطوير والحفاظ على الهوية الوطنية القائمة على الخصائص المشتركة ، مثل الثقافة والدين واللغة والإثنية والأهداف السياسية أو الاعتقاد في السلف المشترك ، والآمال والآلام المشتركة ، والتاريخ المشترك ،  ولذلك تسعى القومية إلى الحفاظ على ثقافة الأمة وهويتها التاريخية . وكثيراً ما ينطوي أيضاً على شعور بالفخر والاعتزاز  بإنجازات الأمة، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الوطنية. في بعض الحالات، تشير القومية إلى الاعتقاد بأن الأمة يجب أن تكون قادرة على السيطرة على الحكومة  ومؤسساتها وهيئاتها وجميع وسائل الإنتاج.ولكن الوطنية ظهرت قبل القومية التي ظهرت في القرن التاسع عشر بألفين سنة تقريباً، كما أنّ الوطنية هي حب البلد  بكل مكوناته ، والاستعداد للتضحية من أجل حماية الحرية المشتركة، وتدل الوطنية على المواقف الإيجابية والداعمة تجاه الوطن  ومكوناته من قبل الأفراد والجماعات، ويمكن أن يكون الوطن منطقة أو مدينة، ولكن الوطنية عادة ما تنطبق على دولة لها كيانها الخاص بها .
أما الوطن فهو مفهومٌ يُشير  إلى بلد له حدودٌ مرسومة ،  أو إلى البقعة الجغرافيّة التي وُلِدَ الإنسان بها لتصبح سُكَناً له ومقرّاً . حيث نما وترعرع فيه ، وبنى شخصيته وعلمه ومنهجه الحياتي والثقافي ، وهو المكان الحاضن لثقافته وثقافة أجداده وما يتضمن من حكايات وأحداث وأساطير وعادات وتقاليد ، وهو المكان الذي يشعر به الفرد بالانتماء والولاء له والارتباط به ، وهو الحاضن الدائم لهذا الفرد، أو المَكان الذي تستقرّ فيه جماعة من الأفراد  المتعايشون مع بعضهم البعض، بحيث تكون مَكاناً أو مقرّاً ومستقراً دائماً لتلك المجموعة.  ويرتبط مفهوم المواطنة بشكلٍ عام بالحقّ في الإقامة والعمل  والبناء ، والمشاركة السياسيّة ضمن حدود بلدٍ ما، كما يحق له أن يأخذ نصيبه من ثروة البلد ، ويُشير هذا المفهوم أيضاً إلى الانتماء لمجتمعٍ يرتبط برباطٍ اجتماعيّ وثقافي  ومعرفي وإنساني ،وسياسي واحد ضمن دولةٍ معينة لها كيانها الخاص ولها مؤسساتها وهيئاتها وملحقاتها الخاصة بها، ولها هيبتها وقوتها ونفوذها وسطوتها. لقد أورد الكاتب والأديب والفيلسوف وعالم نبات الجنيفي الفرنسي ،جان جاك روسّو في كتابه الهام  (العقد الاجتماعي) بأنّ الفرد له حقوقٌ إنسانيّة يجب تقديمها إليه دون تردُّد أو إذعان، وفي المقابل فإنَّ على هذا الفرد مجموعة من  الحقوق والواجبات والمسؤوليّات الاجتماعيّة  الملقاة على عاتقه وعليه تأديتها. من هنا فإنَّ مصطلح المواطنة ينبثق عنه مصطلحٌ آخر هو (المواطن الفعّال)، وهذا يعني  أنَّ الفرد الذي يقوم بمشاركة الأفراد الآخرين على  العمل الإيجابي  ورفع المستوى  الإنساني والحضاري لمجتمعه، من خلال  ما يبذله من العمل التطوّعي الجاد .كذلك  الدول تولي أهميّةً بالغةً لمصطلح المواطنة عن طريق إبراز كافة الحقوق  الواسعة التي يجب أن ينالها المواطنون القاطنون بها، وكذلك المسؤوليّات المترتبة على المواطنين والتي يجب تأديتها بجدٍ واهتمام تجاه مجتمعاتهم، إضافةً لترسيخ قيمة المواطن الفعّال في أعماق المتعلمين والدارسين .كما  يدلّ مصطلح المواطنة في  التشريعات والقوانين  الناظمة على صلةٍ تربط بين الدولة والفرد، وذلك بموجب القانون الدولي المواطنة والذي يُرادف مصطلح (الجنسيّة)،فالجنسية هي علاقة قانونية  وتشريعية بين الفرد والدولة، ترتب الجنسية بعض الإلتزمات  والواجبات على الدولة في مواجهة الفرد المتجنس بجنسية الدولة تكون في صورة حقوق سياسية ومدنية كاملة ،  كما ترتب عليه التزامات تتمثل بواجبات قانونية مثل دفع الضرائب والتجنيد العسكري. ويختلف مفهوم الجنسية قليلا عن مفهوم المواطنة.فعلى الرغم من احتواء مصطلح  الجنسية على معانٍ مختلفة وعديدة وفقاً للقانون الوطني، أمّا الأشخاص الذين لا يملكون مواطنةً في أيّة دولة يُطلق عليهم اسم (عديمي الجنسيّة .( أو( بدون ) وعوامل تحديد المواطنة حق التراب، وتعني الولادة على أرض الوطن. حق الدم، أي جنسيّة الوالدين،وهذا أمرٌ هام ، وكانت تقتصر في السابق على جنسيّة الأب – كما هو الحال في عددٍ من الدول العربيّة – لكن بعد إعطاء المرأة حقوها القانونية التي تقضي بمنحها الجنسية لزوجها وأولادها في عددٍ من الدول الأخرى أصبحت للوالدين، وفي بعض الدول يتمّ تحديد عدد الأجيال التي بإمكانها الحصول على الجنسيّة، دون الإقامة في تلك الدول. المواطنة عن طريق الزواج ، كما تقوم الدول التي تُعاني من موجات هجرةٍ كبيرة من خارج حدودها  بالسعي لمكافحة حالات الزواج المزوّرة بهدف الجنسيّة. التجنيس،  مع العلم أنَّ هناك حالات إنسانية كثيرة  تقتضي  الحصول على الجنسية نتيجة احتلال بلاده من قبل آخرين وذلك من خلال إعطاء الجنسيّة للأفراد الذين دخلوا الدول المانحة للجنسيّة بشكلٍ قانوني وليس تهريب .
بعد كل الذي أوردناه  يمكننا القول أنَّ تاريخ مشرقنا  العربي يحفل بحالات سوء استخدام لمفهوم الوطنية، جعلت من هذا المفهوم مقروناً بأيديولوجيا السلطة وأهدافها  ومنهجها ، سعياً منها لإضفاء طابع الوطنية على ممارساتها السياسية والاقتصادية ، خصوصاً وأنها سعت إلى تكريس الوطنية كمفهوم أحادي بوصفها حدّاً على الخارج ولها القدرة للدفاع عن مكوناتها وقوتها ونفوذها، الذي تنوعت وتعدَّدت  صوره في العديد من المراحل عبر مسيرته  الطويلة ، لكنه بقي من حيث الجوهر يمثل الخطر الداهم، بوصفه عدواً متربصاً قابعاً ينتظر اللحظة المناسبة . ولم يكن صعباً تكييف الوقائع والأحداث  التاريخية، ما قبل  اتفاقية (سايكس بيكو)، وما بعده، في خدمة سردية للهوية الوطنية لا تنظر إلى نفسها إلا كتضاد مع الخارج الاستعماري فالهُوِيَّةُ  مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته مع الجماعات (كالهوية الدينية أو الوطنية أو العرقية). كما يستخدم المصطلح خصوصا في علم الاجتماع ، وعلم النفس وتلتفت إليه الأنظار بشكل كبير في علم النفس الاجتماعي. وأنَّ كلمة (هوية) منسوبة إلى( الضمير)  هُوَ. وأنَّ الهوية هي مجمل  الصفات والسمات التي تميز شيئاً عن غيره أو شخصاً عن غيره أو مجموعةً عن غيرها من المجموعات . كلٌّ منها يحمل عدة عناصر وسمات  في هويته. عناصر الهوية هي شيء متحرك ديناميكي  وليس ثابتاً ، يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلةٍ أخرى.
في التاريخ التأويلي المعاصر للمفاهيم، سادت حالة من  القاق والحذر الشديدين  في مقاربة مفهوم الوطنية، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تجنّب معظم المفكرين والفلاسفة  وكبار المثقفين مفهوم الوطنية، فقد أرخت الحركتان النازية  التي تزعمها الفوهرر أدولف هتلر(  نيسان 1889 – 30 نيسان 1945) حاكم ألمانيا النازية،والفاشية التي قادها بينيتو أندريا موسوليني (29 يوليو 1883 – 28 أبريل 1945) . بظلالهما السوداء ليس على العلاقات الدولية وحسب، وإنما أيضاً على الحقول المعرفية  الإنسانية والأكاديمية، فقد أصبحت الوطنية مطابقة إلى حدٍ بعيد لمفهوم  الانتماء والتعصب القومي، واستعلاء عرقٍ على أعراق أخرى، لذلك اتجهت معظم الدراسات الغربية في حقل الوطنية إلى  التعامل والتعاطي مع المفهوم بدلالاتٍ شعورية محضة، حيث تمّ ربط مفهوم الوطنية  بالفرد بشكلٍ مباشر، من دون أي وسيط خارجي أبداً ، كما في تصوّر الفيلسوف الأمريكي ستيفن ناثانسون الذي تناول القضية من منظور سياسي، وأخلاقي، وعالمي؛ حيث دعا للمواطنة العالمية المرتبطة بالمنفعة العامة، وخاصة من منطلق نفعية القواعد الأخلاقية، کما کان لاهتمامه بالوطنية النصيب الأکبر في فلسفته، فأوضح المقصود بها، وفرَّق بين أنواع الوطنية المختلفة التي اتفق معها في جانب واختلف معها في جوانب أخرى، وقدَّم نوعًا جديدًا للوطنية سماه “الوطنية المعتدلة”، وحدَّد سمات الوطني المعتدل، وموقفه من التحيز والحيادية تجاه مواطني الدول الأخرى، وأکد أن ضياع الوطنية ذات الطابع العالمي والإنساني هو الطريق لنشوب الحروب واندلاعها. . والذي حدّد أربعة عناصر لمفهوم الوطنية ، وهي وجود عاطفة خاصة للفرد تجاه بلده، وإحساسه بالتماهي مع بلده، واهتمامه الخاص بخير وصالح البلد، واستعداده للتضحية لتعزيز خير البلد.
إنَّ وضع  المقاييس والمعايير الرئيسية المحددة لمفهوم الوطنية على عاتق الفرد، وتحديدها بالمجال  الاحساس الشعوري، قد يكون له ما يبرِّره في محاولة إبعاد الوطنية عن أي استثمار أيديولوجي  أو سياسي ، لكن في المقابل لا يمكن اعتماد الحقل الشعوري معياراً كافياً ووحيداً في تحديد مفهوم الوطنية، إذ لا يمكن تصوّر الفرد المعاصر خارج فكرة الدولة الحديثة والدولة المعاصرة ، إلا إذا تخيلنا الفرد خارج أي إطار برنامج سياسي قانوني، وهو أمرٌ غير ممكن من الناحية  المنطقية الواقعية، وبالتالي فإنَّ فكرة الدولة تبقى فكرةً مركزيةً لا يمكن التفكير بعيداً عنها  أو إغفالها في بناء مفهوم الوطنية، أو حتى ترسيخها شعورياً، كما أنَّ تبدُّل وتغيُّر أحوال الدولة تقدماً أو تراجعاً هو عامل رئيسي  في تبدّل الشعور الوطني وتغيُّره ، فالشعور ليس بنية منعزلة عما حولها، بل هو في أحد أشكاله التي تبدو انعكاس لمعطيات العالم الواقعي على كافة الأصعدة . إنَّ من يتابع المشهد السياسي العام في مشرقنا العربي  يجده  مشهداً كارثياً دون أدنى شك ، حيث أنَّ الفاعل الأكبر في أحداث  مشرقنا العربي هو البنى ما دون الوطنية وتمثيلاتها السياسية والأيديولوجية ، حتى أنَّ صيغ الحكم  وطرائقه وممارساته هي انعكاس صريح  للصراع بين تلك البنى، وقد جاءت تلك  النزاعات والصراعات على ما تبقى من فكرة الدولة وفاعلية مؤسساتها وهيئاتها وملحقاتها ، بل أنَّ أبسط تعريفات الدولة المتعلقة بسيادة الدولة على أراضيها لم تعد تنطبق على دول مشرقنا  العربي،  لأنَّ تلك السيادة  تم انتهاكها من قِبَل قوى محلية وخارجية ، تلك القوى لا تريد الاستقرار للدولة والشعب معاً ، ما يجعل الحديث عن أزمة المشرق  العربي البنيوية يقع بالضرورة في نطاق الدولة بالدرجة الأولى، والتي لم تعد بحسب صورتها الراهنة  وهيئتها تعبِّر عن هوية وطنية جامعة، بل عن انقسام  وتمزُّق الهويات المجتمعية، وأزمة غياب النخب الوطنية، وأزمة غياب المثقفين  العضويين ، أو انعدام فاعليتها في الحقل السياسي وملحقاته .
أما إذا نظرنا إلى الجانب الشكلي  العام للدولة الحديثة، فإننا سنجده قائماً في دول مشرقنا العربي، هي تأخذ اسم الدولة من حيث شكلها الخارجي لكن مضمونها يختلف اختلافاً جوهرياً عن حقيقة قوام الدولة وهيئتها ، فهناك حكومات وبرلمانات وقضاء وجيش ومؤسسات خدمية عامة ، لكنَّ الدولة الحديثة كمفهوم ليست مجرد مؤسسات  وإدارات ذات طابع شكلي، بل هي نتيجة عقد وطني حقيقي ، تتلازم فيه وتترابط  قيم الوطنية والمواطنة معاً، وهي قيم لا تحارب الهويات الفرعية  ولا تعاديها ما دون الوطنية، لكن تمنعها من التأثير  المباشر وغير المباشر على حقل الدولة، وبالتالي فإن الدولة الحديثة تضمن حق الأفراد والجماعات في التعبير عن هوياتهم الفرعية في المجالات الاجتماعية والثقافية وبشكلٍ لا يضرُّ بالآخرين ، لكنها لا تسمح لتلك الهويات أن تكون مؤثرة في المصالح العامة للدولة ومواطنيها  ولا أن تكون مؤثرة في السياسة.ولم يعد من الممكن من الناحية العملية، ولا مفيداً، تحديد الوطنية كهوية أصيلة على أساس أحادي كنقيض للخارج، بل يجب  تفعيل المفهوم وإعادة امتلاكه بوصفه مساراً لبناء الدولة الحديثة والدولة المعاصرة ، أي دولة المواطنة والقانون، وهو بالضرورة يعني إعادة بناء الممارسات السياسية   والأيديولوجية على أسس داخلية، ترتبط بالدرجة الأولى ببناء الدولة، مع الاعتراف  الكامل بأن نموذج (الدولة الوطنية) الذي ساد لعقود  طويلة في مشرقنا العربي لم يعد أمراً متاحاً، وبالتالي فإن الخروج من الحالة الكارثية الراهنة التي تشهدها دول مشرقنا العربي سيرتبط مدى نجاحه بمدى قدرة مجتمعات هذه الدول على إنتاج نخب سياسية جديدة ونخب ثقافية  على شاكلة ( المثقف العضوي )، تركِّز على قيم المواطنة في بناء الهوية الوطنية، ما يجعل الوطنية نفسها برنامجاً  منطقياً وواقعياً للحقوق والواجبات، بعيداً عن الإنشاء المعد للتوظيف السياسي والأيديولوجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى