رسام

زكريا الشيخ أحمد | شاعر سوري مقيم في ألمانيا

رسمَ نهراً ،

وضعَ الريشةَ ،

تأملَ النهرَ ،

رأى طفلاً موشكاً على الغرقِ ،

بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ ،

حفرَ أخاديداً لا تحصى ،

دلقَ مياه النهرِ فيها

فراحَتْ تروي الحقولَ المحيطةَ بها ،

بالقربِ من حقلِ عبادِ شمسًٍ ،

وقفَ الطفلُ الذي كانَ موشكاً على الغرقِ ،

يتلفتُ باحثاً عن والديه .

 

وضعَ الريشةَ ،

تأملَ مجرى النهرِ الجاف ،

رأى سمكاً موشكاً على الإختناقِ ،

بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ ،

رسمَ برقاً ،

رسم رعداً ،

رسم أمطاراً غزيرةً ،

رسم سيولاً ،

رسم ينابيعاً ،

إنحدرَتْ ملأَتْ المجرى الجافَ ماءاً ،

جلسَ فرأى الاسماكَ تتعانق .

 

أدارَ ظهرَهُ مبتسماً للنهرِ و لعناقِ السمكِ ،

رأى صياداً يقتربُ من شجرةٍ

مصوباً بندقيةَ صيدٍ نحو عصفورٍ ،

بسرعةٍ جنونيةٍ ،

رسمَ خلفَ الصيادِ كلباً شارداً ،

نبحَ الكلبُ ،

ارتبكَ الصيادُ ، ارتجفَتْ يداهُ ،

انطلقَتْ طلقةٌ مرّتْ أعلى الشجرة ،

العصفورُ سمعَ صوتَ الطلقةِ ،

طارَ مغرداً شاكراً الكلبَ .

 

وضعَ الريشةَ ،

أغمضَ عينيه ،

رأى خراباً ،

رأى دماراً ،

رأى أشلاءَ مبعثرةَ ،

رأى طاغيةً ،

بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ

و بعينيه المغمضتين ،

رسمَ سجناً كبيراً

وضع فيه الطاغيةَ

و كلَّ القَتَلةَ .

 

في اليومِ الثاني باعَ اللوحات

و أعطى ثمنها للصياد. .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى