المحامي علي أبو هلال .. رأس حربة على الجبهة الأمامية النضالية والقانونية
محمد زحايكة | جبل المكبر – القدس- فلسطين
ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة
ذكريات وأيام جميلة كانت للصاحب مع المحامي علي أبو هلال الذي كان يشكل شعلة من النشاط والدينامية العالية منذ أن وقعت عينا الصاحب عليه وهو يقدم فقرات حفل وطني حافل في ساحة نادي الموظفين بالقدس أواخر سبعينات القرن الماضي.. بل إن الصاحب ما زال يذكر له عبارة أثارت ضجة من الضحك وهي ” افتح بابك “.. حيث نظر لها الحضور من منظور ومعنى مختلف يتعلق بالفتح والفتوحات من الباب السفلي وليس من الباب العالي ..
وتمر السنوات تباعا.. ليتم ابعاد علي أبو هلال مع مجموعة من رفاقه عن أرض الوطن في حمأة النضال والكفاح الشعبي الفلسطيني العارم.. وبعد أن أسرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين جنديا إسرائيليا في جنوب لبنان تجري مفاوضات لاستعادة جثة الجندي الذي لقي حتفه لاحقا مقابل إعادة ابو هلال إلى أرض الوطن.. وهو ما كان ذات ليلة طويلة امتدت حتى بزوغ الفجر، والصاحب ينتظر مع طاقم تلفزيون CBS الأمريكي وصول المبعد العائد ابو هلال الذي هل هلاله مع شروق الصباح الباكر في مسقط رأسه أبو ديس جنوب شرق القدس.
وقيل أيامها أن علي أبو هلال عاد ليكون ممثلا سياسيا للجبهة اليسارية في الأراضي المحتلة وهو ما حدث لبضع سنين حيث افتتح مكتبا في القدس لهذه الغاية متخذا مظلة حقوق الإنسان والمرأة والطفل عنوانا لنشاطه العام.
وفي هذه الحقبة، اقترب الصاحب من علي ابو هلال، ليكتشف إنسانا هادئ الطبع ترتسم البسمة على شفتيه ويرحب بالجميع بأريحية ويتصف بروح إنسانية مرحة وجميلة مفعمة بالتفاؤل والتطلع دوما إلى الأمام .
وكان علي ابو هلال ، كما تهيأ للصاحب من أنصار الواقعية الثورية في السياسة حيث كان ينأى بنفسه عن إطلاق الشعارات الكبيرة والرنانة وإنما يشخص الواقع بشفافية ونظرة متزنة بها مرونة عالية وإدراك عميق لتعقيدات الواقع النضالي الفلسطيني والمراهنة الدائمة على وحدة الشعب وإرادته في تحقيق المنجزات الوطنية وتماسك القيادة وقدرتها على استشراف المستقبل وتجنب العثرات والمطبات والتورط فيما يضر القضية ويعيدها إلى الوراء.
ولعب علي ابو هلال دوره في تلك المرحلة النضالية على أكمل وجه حتى مرحلة أوسلو حيث توارى عن الأنظار وترك الملعب السياسي تدريجيا كما لاحظ الصاحب ، وانتبه لاستكمال حياته العلمية والأكاديمية حيث برع في مجال الحقوق الإنسانية والقانون الدولي والمشاركات العديدة في الفضاء الثقافي ليثري هذا البعد الجديد بمساهماته المهنية والعلمية المبنية على حقائق صلبة ومتينة .
المحامي علي أبو هلال.. رمز لامع للعمل الكفاحي المبكر .. خاض معمان النضال الوطني وهو في باكورة شبابه وتعرض للملاحقة والاعتقال والنفي والابعاد عن أرض الوطن. وساهم بطريقته الخاصة في الكفاح الشعبي والنقابي والمؤسساتي وترك ارثا يعتد به ويبنى عليه لمواصلة المسيرة ودرب النضال والحرية .
علي أبو هلال كان بمثابة رأس حربة في مواجهة سياسات الاحتلال وتوعية الجماهير من خلال الانخراط في صفوفها وحمل رسالة الحرية والاستقلال .
الف تحية لهذه القامة الوطنية والإنسانية الفلسطينية التي ما زالت تغني المشهد القانوني والثقافي الفلسطيني بما هو جديد ومفيد.