عارف ناصر الدين .. المقدسي النبيل وذكراه العطرة

محمد زحايكة – جبل المكبر – فلسطين

ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة

أسماه الصاحب، المقدسي النبيل أو المقدسي الجميل.. هو التاجر المقدسي المرحوم عارف ناصر الدين أبو حسين الذي غيبه الموت في زمن الكورونا اللعين ، فمنعنا من وداعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه ، رحمات الله عليه.
وقصة الصاحب مع هذا الأمير المقدسي الجميل بدأت في الصالون الثقافي المشترك بين نادي الصحافة المقدسي والمكتبة العلمية أو صالون الكتاب الثقافي والتي اتخذت عدة مسميات منها لقاء الأربعاء أو صالون الأربعاء واستضافت رموزا فلسطينية من شتى الحقول الثقافية والسياسية وغيرها على مدى أكثر من عقدين ابتداء من العام 1999 من خلال مؤسسة انترنيوز والى اليوم من خلال الدار الثقافية أو مركز يبوس الثقافي وغيرها .
المهم ، أن الصاحب لاحظ مداومة ابو حسين إلى حد ما على حضور هذه اللقاءات العفوية حيث يجلس بهدوء بطلعته المشرقة وهندامه المرتب الجميل ونادرا ما كان يبدي مداخلة أو استفسارا حيث يميل إلى حب الاستماع ولكنه إذا ما أبدى ملاحظة ما فإنها تكون لماحة وذكية.. ورغم أن الصاحب لم يعد يذكر كيف تعرف ابو حسين على هذه اللقاءات والانضمام إليها ، إلا أن الصاحب أكبر في ابو حسين هذه اللفتة التشاركية في هموم ثقافية غالبيتها مقدسية مما اعطى الانطباع على مدى انتماء ابو حسين إلى مدينته القدس ودعمه لأبنائها ضمن ما يتوفر له من إمكانيات . فغيره من أبناء جيله ربما للأسف اختاروا الجلوس في المقاهي وممارسة لعبة الشدة أو الورق أو الشيش بيش أو طاولة الزهر واضعين الأمر الثقافي في آخر سلم الأولويات ، هذا اذا وجد عندهم مثل هذا السلم من الأساس..
وسرعان ما أدرك الصاحب غنى وعمق هذه الشخصية المقدسية ذات السمات الإنسانية الراقية ، ففي مرات عديدة أوقف سيارته وأصر على نقل الصاحب الي حيث يريد ولو كان الصاحب قاصدا مكانا قريبا لا يستدعي سيارة .. ولكن كانت هذه بعض لفتات المرحوم ابو حسين وأحاديثه الشيقة ومداعباته الشقية.. وابتسامته التي ترتسم على وجنتيه وتكتحل بها عينيه السوداوين الواسعتين .
كما لمس الصاحب أن ابو حسين شخصية شعبية لها معارف وعلاقات واسعة ربما اكتسبها كونه تاجرا يملك محلا للأدوات الكهربائية البيتية من مصابيح وأجهزة تدفئة وخلاف ذلك.. إلى جانب شخصيته البسيطة غير المعقدة التي تنفتح بشكل جميل وايجابي على الآخرين ليس سعيا وراء مصلحة أو منفعة شخصية ولكن حبا في التواصل الاجتماعي وتمتين أواصر المحبة بين أبناء الشعب الواحد إضافة إلى طبيعة شخصيته الحيوية الخجولة التي يصعب عليها عدم التفاعل مع هموم واحتياجات الآخرين وتقديم ما يمكن تقديمه من المساعدة طامعة في نيل رضا الرب والأب اولا واخيرا ..
شخصية من نوعية الراحل عارف ناصر الدين يصعب محوها من الذاكرة بسهولة ، لأنها تدخل القلب وتترك أسى وحزنا دامعا في العينين والقلب ، كلما مر طيفها في شريط الذاكرة.. واليوم كلما تطوح الصاحب وتسكع في شوارع القدس ، تنثال في خياله الذكريات.. ويتبدى طيف الراحل ابو حسين وصحبه وغيرهم من الذين كانوا بيننا ورحلوا عن هذه الدنيا الفانية. وهم ع الوعد والعهد بانتظار دعم الصاحب الموهوم ، شعر الصاحب بانقباض وغصة في صدره وبين ضلوعه.. وركبه هاجس ما .. وهتف هاتف تردد صداه بين حناياه..
” أيها الصاحب اللاهب.. متى تطويك الأرض في ثراها.. وتتوقف عن خزعبلاتك واسطوانتك المشروخة وموشحك المكرور .. بوصول الدعم في 31 شباط الموعود والذي لا يأتي ابدا.. ”
على الراحل المقدسي النبيل ، عارف ناصر الدين.. سلام المشتاقين والاحبة الملتاعين لفقد هذا الإنسان العزيز النبيل.. له الرحمة والرضوان ولعائلته الصبر والسلوان على الفراق وخاتمة الأحزان بمشيئة الرب العلي الكبير .
ورحم الله أبا الحسين واسكنه الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .. آمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى