رسالة من مولاتي: انقذوا حي الشيخ جراح
أ. د . معتز علي القطب | القدس – فلسطين
مِن القُدسِ الشريفِ ومِن قُراها
تَحيَّاتٌ أُضَمِّنُها عِتابا
///
وأكتُبُ بعدَ بِسم الله رَبِّي
سطورًا سوفَ أُرسلُها كِتابا
///
سَأبعَثُها بمكتوبٍ لِتمضي
عَسى يومًا سيأتيني جَوابا
///
أقولُ بأنني بَلدٌ جَريحٌ
وأنَّ الضرَّ قد مسَّ التُّرابا
///
وأنَّ الجُرحَ في جَسَدي بليغٌ
أصابَ القيحُ سورِيَ والقبابا
///
أحبَّائي رَعَوني طولَ عُمري
وأهدوني كُنوزِيَ والمَهابا
///
كُسِيتُ من الحريرِ بكلِّ عصرٍ
فكيفَ اليوم ينزَعُ لي ثِيابا
///
وكانَ الشهدُ يُملأ في جِراري
وزيتُ الناسِ موفورٌ وطابا
///
فقدتُ جَواهرًا من ضِمن كَنزي
وأَخشى أخذَ روحِيَ اغتصابا
///
وأنَّ المسجدَ الأقصى حزينٌ
يَرى ضبعًا يسيلُ له لُعابا
///
ويدنو كلَّ يومٍ مِنهُ شبرًا
وقد بَلغَ المُرادُ بهِ نِصابا
///
وأحيائي تُروِّعُها وحوشٌ
وتُرسلُ في جوانِبها ذِئابا
///
ففي الأرجاءِ قد نُزِعَت ضُلوعي
ومَصَّ العظمَ والدَّمَ والإهابا
///
وماءٌ آسنٌ في كلِّ ركنٍ
متى مسَّ التُّرابَ فقد أَذابا
///
أُعاني من وباءٍ قد تَمادى
على جَسَدي تَفشَّى أو أَصابا
///
مَرضتُ وما يَزالُ الداءُ يسري
وَلستُ أَرى طبيبًا أو حِجابا
///
يَرى من جالَ في أرجاءِ أرضي
مريضًا أو عليلاً أو مُصابا
///
يُساكِنُني ويُؤذيني غَريبٌ
وأفتقدُ الأحبَّةَ والصِّحابا
///
ومن حيٍّ الى حيٍّ تَراهُ
يُذيقُ الأرضَ فُحشًا أو عَذابا
///
وشرُّ مُصيبةٍ لو كنتَ تَدري
بأن كَتبوا على وَلَدي ذَهابا
///
وعندي عصبةُ الأشرارِ جاءت
تُحمِّلُني همومًا أو عَذابا
///
سباني مجرمٌ شخصٌ لئيمٌ
وسفَّهَ لي تُراثي، بل وَعابا
///
تَجرَّأ في غيابِ أبٍ حَنونٍ
فصرتُ سبيَّةً والحرُّ غابا
///
يقولُ بِحقِّهِ في إرثِ قومي
فأرسَلَ نحوَ أبنيتي كِلابا
///
وعاونَهُ السفيهُ بكلِّ أرضٍ
وأيَّدَهُ على أَسري وحابى
///
وليسَ لغيرِ أحبابي تُراثٌ
وتاريخٌ على أَدَمِي مُهابا
///
وليسَ هُناكَ إنسيٌّ بعقلٍ
يقولُ بغيرِ ذاكَ سوى تَغابى
///
سأبقى رغمَ كيدٍ قد تَمادى
أهشُّ الغاصبينَ أو الذبابا
///
ولو دَسُّوا مَعالِمَهم بأرضي
سألفُظها وأُبقيها سَرابا
///
وإني قد دَعوتُ الله ربِّي
فأيَّدني وأعطاني ثَوابا
///
وقالَ اللهُ قد بوركتِ أرضًا
وكُنتِ لِزائِري مَسرًى وَبابا
///
سأرسلُ فتيةً من بين خَلقي
تتبِّرُ ما علو يومًا وخابا
///
أنا القدسُ التي قد طابَ بيتي
فحجَّ الناسُ مشيًا أو ركابا
///
ألا تَخشونَ من غضبي وبطشي
ومن شكوايَ لو جئتُ الحسابا؟
///
أتبنون العواصمَ شامخاتٍ
ولا أُعطى زيوتًا أو شَرابا؟
///
أنا القدسُ الشريفُ بأمرِ ربي
تسيَّدت المدائنَ والقِصابا
///
أبعدَ البُلبل الشادي بأرضي
أُساكِنُ فوق أكنافي غُرابا
///
وبعدَ النورِ والإسلامِ يأتي
ظلامٌ يَملأُ الدنيا ضَبابا
///
فهل طابت معيشتكم بدوني
وهل تَرضون أن أبقى خَرابا
///
أليسَ هُناكَ من يأتي سَريعًا
يَردُّ لِيَ الكرامةَ والشبابا
///
يُعيدُ إليَّ بعضًا من عبيري
ويفتحُ للجهادِ هوًى وبابا
///
أناديكم فهل تدرون أنِّي
سأحشُرُكم وتأتوني غِلابا
///
أَأُترك ثُمَّ تأتوني جميعًا
تُريدون السلامةَ والإيابا؟
///
متى جاءَ الرضيعُ ليومِ حشرٍ
على أرضي من الأهوالِ شابا
///
فتلك رِسالتي للنَّاسِ حولي
أريدُ الآنَ ردًّا أو جَوابا
///
فإن لمسَت قلوبًا من حَديدٍ
فإنَّ الله يمتلكُ الرقابا
///
ويوم الحشرِ مَوعدُنا جميعًا
وقد أعددتُّ قولي والخطابا