من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع
عيسى قراقع | بيت لحم – فلسطين
يوم الثلاثاء 18-5-2021، اليوم التاسع من الحرب والعدوان الإسرائيلي الدموي على أهلنا في قطاع غزة، الثلاثاء الحمراء وإعدام الثوار على مشانق سجن عكا، ثلاثاء الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، ومن البحر الى النهر نزل الشعب الفلسطيني إلى الشوارع، أعلن الأضراب التاريخي والمواجهة، الكل في الشوارع، الصغير والكبير، المرأة والرجل، الولد والفتاة والحجر والرضيع والنكافة، الأرض والسماء والأشجار والغيوم والطيور والمقالع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، من النقب الى الجليل وأبعد، المدن والقرى والمخيمات، الأحياء والأزقة والحارات، ها نحن في الشوارع، دمنا ولحمنا ووجع القدس وغزة، وجع الشهداء والأيتام والمشردين والمنكوبين والمقصوفين جواً وبراً وبحراً، وجع النيران المشتعلة في أجساد الأطفال والنساء والأجنة، وجع البيوت المدمرة والجثث الممزقة المدفونة تحت الأنقاض، وجع القصائد وأناشيد المدرسة.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، القتلى والجرحى والمعاقون والصلوات في الأقصى والقيامة، الكل في الشوارع، الآباء والأبناء والأحلام والدفاتر والأشعار والكوفيات والأصابع، الكنائس والمساجد والأنبياء والأديان والشرائع، الطلاب والعمال والمصانع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، في اللد والرملة وحيفا ويافا وكفركنا والناصرة، وحدة الأرض والهوية، نقتحم الحاجز العسكري، نقفز عن الأسوار والمكعبات الاسمنتية، نهتف للقدس والأرض والكرامة والحرية.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، رام الله والقدس والخليل ونابلس وسلفيت وجنين وطولكرم وأريحا وقلقيلية وبيت لحم وعمان وبيروت ومجدل شمس وكفركنا وطوباس، الشواطئ والأمواج والرمال والأحلام والأفكار والنكبة والنكسة والصحوة والبيوت والورشات والمزارع، الكل في الشوارع…
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، لا نحتاج الى قرار من مجلس الأمن ليوقف المجازر في غزة والاعتداءات في القدس، لا نحتاج الى تدخلات امريكا الشريكة في عمليات القتل والإبادة الجارية، الوقت لنا الآن، دقت ساعة الفدس، دقت ساعة الحقيقة، من مقابرنا نفتح الطريق، من لحمنا نهزم الفولاذ والمدافع ، الكل في الشوارع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، ننشد سلام الحق والعزة لا سلام القنابل والعنصرية، السلام الأمريكي الأسرائيلي صار فخاً وسجنا للشعب الفلسطيني، سلامهم اطلق الرصاص على الرأس والصدر والخاصرة، ايقظنا وجع السجن واضلاع الأرض تحت اسنان جرافة ومستوطنة، ايقظتنا القدس وكوابيس الموت في غزة، الآن ارتدينا الأجنحة، الكل في الشوارع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، هذه الشوارع أقوى من السياسة، لا تعرف المناورة والمراوغة، فأطلوا ايها الاسرائيليون علينا، افتحوا النوافذ وأخرجوا من الملاجئ، نحن في الشوارع نحاصركم، اجسادنا ودمنا ومفاتيح بيوتنا تحاصركم ، وإرادة الخلاص والذاكرة .
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، خرجنا من توابيتنا وليلنا الثقيل، من الموت المصبوب جحيما فوق رؤوسنا، ندافع عن وطن نرتديه، عن حقنا في الحياة الآن وفي الآخرة، ندافع عن أرضنا وسمائنا المحررة.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، خرجنا من ثلاجات الموتى في غزة، من المدافن والمقابر من كل الساحات، من تحت التراب ومن فوق التراب، من قاع البحر ومن مزهرية حطموها، من زنزانة معتمة، نخرج من سرب حمام وغيمة شاردة، الكل في الشوارع، أجسادنا واسماؤنا وذكرياتنا وجماجمنا وعذاباتنا وأحلامنا الواعدة.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، نقاتلكم بوردة وبسمة طفل وأغنية، لكم الطائرة والقذيقة وجنون القنبلة، نقاتلكم بجمال بناتنا الصغيرات المقتولات في غزة، ولكم المعسكرات وألوان وجوهكم المتفحمة.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، دوي الصافرات، أصوات الطائرات والقاذفات، قنابل الإنارة، قنابل الفسفور، هجمات صاروخية، الرصاص الحي، الرصاص المعدني، قنابل الغاز، دولة فاشية إسبارطية، وحوش برية تجأر في الأرض وفي السماء، الكل في الشوارع نهزم عالمكم الذي أقيم فوق عالمنا، شهداؤنا يحملون أرضنا فوق الرفات، وفي الشوارع نقرر مصيرنا في الحياة وفي الممات، الكل في الشوارع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، السيادة للشوارع، تحررت فلسطين من النقاش الطويل في المؤتمرات والمنابر، الوطن واحد، الجرح واحد، الصلاة واحدة، العلم واحد بألوانه الأربعة، كل الشوارع تؤدي الى القدس، سقط السياج والحدود الفاصلة، السيادة للشوارع.
من البحر إلى النهر نزلنا على الشوارع، صوت الفنان الفلسطيني وليد عبد السلام:
إنزلنا ع الشوارع رفعنا الرايات
غنينا لبلادي أحلى الأغنيات
أغاني للحرية للوحدة الوطنية
للحرب الشعبية طريق الانتصارات.