سرّ النجاح.. قصة قصيرة
تواتيت نصر الدين | الجزائر
كل أطفال المدرسة يحبون رباب خاصة البنات اللواتي يدرسن معها في نفس الصف .لأنها كانت بشوشة ومنشرحة الأساريرتكنّ محبّة خالصة لمعلميها والأطفال الذين يتعلمون معها ذكورا وإناثا ولكل عمال المدرسة ومديرها منذ أن كانت في السنة الأولى من بداية تعليمها الإبتدائي .
بدأت رباب تكبر شيئا فشيئا وترتقي من سنة إلى أخرى بامتياز إلى أن وصلت إلى مرحلة نهاية التعليم الإبتدائيّ هذه المرحلة التي تعتبر جسر عبور لمرحلة أخرى من مشوارها التعليميّ. حيث بدأت تظهر على سلوكها بعض التصرفات لم تكن مألوفة من قبل في شخصيتها انعكست على تربيتها وتحصيلها العلميّ . مما جعلها محل اهتمام معلمها الّذي انتابته الحيرة والدهشة في التغير المفاجيء في سلوكها وطباعها ودراستها التي بدأت تضمحل وتتقهقر من حين لآخر. ونظرا لخبرة معلمها في التعامل مع الأطفال .طرح الكثير من الأسئلة لمعالجة مشكلتها .لكنّه لم يكن يعرف أنّ رباب قد أصبحت تحت وصاية أمها بعد أن تم طلاقها من أبيها.
لقد كانت رباب متعلقة أشدّ التعلق بأبيها الّذي يحنو عليها ويغدق عليها بالعطايا والهدايا ويصحبها إلى المدرسة صباحا وكثيراما كان يدخل إلى بهو المدرسة ليستفسر عن مردودها الدراسي سواء مع المعلم أو المدير .
لقد فقد والدها هذه المهمة والصلاحية بعدما أقرت المحكمة الوصاية والحضانة للأم التي كانت ترفض بعد هذا القرارمنازعته في تربيتها وكان للأم الأثر الكبير في تحول شخصية ابنتها الوحيدة بعدما لاحظت عليها حبّها الأبوي . فأرادت حسب تصوراتها أن تصنع منها مثلا أعلى في تربيتها .ومنذ أن تولت الأم الوصاية على رباب كانت تصحبها معها في سيارتها الخاصة أثناء ذهابها إلى العمل ومنها تواصل الطريق إلى عملها الذي لم يكن بعيدا عن تمدرس رباب . ثم تواصل طريقها وهي ترسم في ذهنها استراتيجيات ومذاهب وطرق لتربيتها .
وقبل نهاية الفصل الأول من السنة الدراسية.
شرعت جلّ المدارس كعادتها في تنفيذ رزنامة الامتحانات الفصلية التي لم تتمكن رباب تحقيق مبتغاها ومبتغى وأمها في الحصول على معدل مشرف لغياب الحيوية والجدية التي كانت عليها في الفصول و السنوات الماضية. وفي الأسبوع الموالي بعد انتهاء العطلة التي تفرغ فيها التلاميذ لللعب والراحة و بعد جهد فصل كامل من الدراسة دخلت رباب المدرسة والقلق والخوف ينتبانها وأن ما كان يدور في ذهن معلمها قبل أمها وأبيها الكثير من الأسئلة لتحسين وضعها وترقية مستواها بالتقرب منها والتحدث إليها وتشجيعها أكثرلتحقيق نتائج أفضل وأحسن خاصة بعدما عرف من مديرالمدرسة وضعية حالتها الإجتماعية .وفي مساء هذا اليوم بالذات دخلت أم رباب المدرسة كسائر الأولياء وهي تحمل معها استبيانا قدمته للمدير الذي أحاله للمعلم للإجابة عليه . وعندما تفحص المعلم نص الاستبيان عرف أنه مرسل من طبيب نفسانيّ قد عرضت عليه رباب لمعالجة مشكلتها.
لم تكتفي الأم بعيادة الطبيب النفساني في معالجة ابنتها نتيجة هذا التدهور المفاجيء على شخصية البنت . بل راحت تحفزابنتها على الكثير من السلوكات التي كانت أكبر من حجم نموها النفسي والعقلي والإجتماعي . فهي كانت تسعى جاهدة في فرض سلوكات على رباب انعكست سلبا على شخصيتها ظنا منها أنّها توصلها لبناء شخصية سوية وأن لا يلقى عليها اللوم بعد طلاقها ووصايتها عليها واتهامها بالإهمال الأسري . لقد أدرك المعلم أنّ ما تبنيه المدرسة من تربية الأجيال في سنوات قد تهدمه الأسرة بالتربية الخاطئة ما لم تكن هناك جسور للعبور والتقارب بين المدرسة والأسرة . مما جعله يتفهم وضع رباب والاهتمام بها أكثر من أي وقت مضى ليعيدها بحنكته وتجربته لسابق عهدها وتجتاز مرحلة التعليم الإبتدائيّ بجدارة واستحقاق بعد تكسير كلّ المفاهيم والحواجز المعرفيّة والوجدانية التي كانت تعيق رباب وينتشلها من عالم الظلمات إلى النور.