قراءة في ديوان: ” الحب كرنفال إلهي ” للشاعر إسماعيل أحمد
سربند حبيب | تركيا
صدر حديثاً للشاعر الكردي إسماعيل أحمد باكورة أعماله الشعرية «الحب كرنفال إلهي»، حيث يشق طريقه نحو الكتابة ويستطيع أن يهتدي بها إلى أول طريق في عالم الشعر دون شفاعة أو جواز سفر، ساكباً ما في جعبته من أحاسيس وعواطف بين ضفتي هذا الكتاب، فيغزل على منوال الحب كلمات بسيطة وجمل منمقة بعبق العشق، ومزركشة بجرح الوطن، وهو يعاني في المهجر مأساة الغربة.
الديوان من قطع الوسط، يقع في (170) صفحة، يحتوي على (90) قصيدة نثر منوعة ما بين الحب والشوق والغربة والحنين والوطن… صادر عن دار الزمان لعام 2020م.
يختزل عنوان المجموعة «الحب كرنفال إلهي» كمّاً هائلاً من الحب الموجود في معظم القصائد، لذلك يندرج الديوان ضمن الشعر الغزلي والرثاء، وينتمي فنياً إلى شعر التفعيلة؛ حيث يطغى عليها هالة تفاؤل ونبرة تحدي للحياة.
يهدي الشاعر ديوانه الأول لتلك الأرواح التي جعلها يحلق عالياً في سماء العشق والجنون، إلى روح أبيه الطاهرة والى أطفاله الثلاث وزوجته الغالية والى جميع القراء.
بالرغم من تحرر شكل الكتابة الأدبية الحديثة من عنصر التقديم، فمحتوى الكتاب هو الذي يقدم نفسه بدون أي مقدمات، لكن هنا نجد الكاتب والمربّي الكردي حسين محمد علي يقدم الديوان بمقدمة أدبية جميلة وبلغة أنيقة يصف فيها تلميذه: «فوجئت بإسماعيل التلميذ والرفيق ابن كوباني من شيران ومن صلصال حداتو، فوجئت أنه اقتحم مملكة جن الشعر، وهكذا صافياً يمشي في دروبها المليئة بشظايا زجاج المكسور، دون أن يعبأ بالجروح والدماء التي تنزف من قدمي، كما يصف تلك النابغة من صلب ذاته فيقول: في قصائده تسكن همومه الخاصة, ذاتيته المشعة وكذلك يسكنها الوطن في توليفة لا تمتلك إلا أن نقول جميل يا إسماعيل».
لغة القصائد واضحة ومباشرة تبتعد عن الرمزية والسريالية لكنها منمقة بالكنايات والصور البيانية الرشيقة التي تعبر عن حالة الشاعر العاطفية، فذاكرته حبلى بعبق كوباني، المدينة التي مازالت تنعش وجدانه بكل تفاصيلها، بالرغم من خرابها ودمارها، حيث يقول في الصفحة الثالثة والأربعين:
كوباني
مملكتي الفاضلة
ابنة الشمس
المرسومة على خدود الحياة
المبجلة بلحن شرقي نازف
يشبهنا جميعاً
تتقاطر من أناملها
أنين «رشيد صوفي»
و«مجو كندش»
و«باقي خدو».
عن الهجرة والمهجرين وقبل تلاشيه في متاهة الغربة وهو على حافة الضياع يحمل اسمه ويرحل عن الوطن ليحميّ ما تبقى منه، عندما تتحطم أشواقه في زمن المتاهات غارقاً في بحر الشوق والحنين باحثاً عن حريته:
كرديٌّ
أحمل صندوق حياتي
على أكتافي
وأرحل
أبحث عن شمس وماء وهواء
لأحصل على وميض دفء
من رياض الطبيعة
لأعيش لحظات
في أحضان الحرية.
يكتب بشغف وولع عن مكان طفولته قريته «شيران»، التي مازالت تعيش في كيانه بكل تفاصيلها فذاكرته المكانية قوية تنعشها وجع الكلمة، فيقول:
حمامتان من نور
وشهقة
على صدر الحبيب
أنتِ…
يا مَن أرضعتني عبق ترابك
المحبة والحلم
فراشات وأزهار من ربيعك
تملأ جفوني كنوزاً
من زهو وسرور.
نتلمس في متن القصائد ذاتية الشاعر العاشقة والمتشظية في دهاليز الغربة، الضائعة في صخب الحياة فكل قصيدة هي ترنيمة للحب والشوق والغربة فيقول:
أيتها الغربة
الناصية في جحر الوتر
في عينيك شمس
تبكي لفراق الوطن
تبكي لفراق الأحبة
في زمن لاهوتي
زمن المجنون واللامجنون
في عينيك
بيارق لطفولتي
تناجي هزيل المراجيح.
بروح متعبة يرسم للوطن أحلام في قلوب المهاجرين ويعزف بأنين الحرف لحن الحياة لوطن مازال قابع في يقين كل مهاجر فيقول في الصفحة (157):
لوطن ينزف بالانتظار
أشجان الشوق وآهاته
ويعزف على ثرى الروح
لحن الانتحار
دمي مرسوم في كف من لا وطن له
وطيفك يسقي أزهار أمنياتي.