غزو الفرس لمصر وانتهاء المملكة المصرية

فريدة شعرواي | باحثة في التاريخ وعلم المصريات

شرع الفرس في غزو مصر، بعد أن أعدوا لذلك المعدات الكبيرة.. فجاء ملكهم “قمبيز” بجيش جرار لفتح البلاد التى طالما طاقت نفس سلفه إلى إخصاعها. وكاتت مصر إذ ذاك منيعة التحصين، يقول مؤرخو الإغريق أنفسهم أن أحد الجنود اليونانية خان المصريين ودلّ الفرس على أسهل الطرق التي تمكنهم أن يدخلوا البلاد منها.

فهوجمت مدينة  بلوز “الفرما” بورسعيد حاليا، بحرا، وزحفت الجيوش الفارسية على مصر برا، وبعد مقاومة شديدة بجهتى بلوز ومنف سقطت البلاد، وأخذ  “قمبيز”الملك” أبسماتيك الثالث ” أسيرا، فانتهت بذلك أيام الاسرة السادسة و العشرين.

وبعد أن استولى قمبيز على مصر فى سمة ٥٢٥ ق. م . أعد ثلاثة جيوش تقصد ثلاثة جهات مختلفة : الأولى  “قرطاجنة” والثانية واحة آمون  (سيوة) والثالثة بلاد النوبة.

فلم تفلح الأولى بسبب امتناع الفينيقيين عن العمل مع أنهم كانوا أهم رجال سفن الجيش الفارسى. وكاتت الثانية الطامة الكبرى على قمبيز، إذ إن الجيش الذي أرسله فيها و قدره ٠٠٠ ، ٥٠ مقاتل هلك في الصحراء و لم يسمع عنه شيئا. أما الثالثة فتمكنت من غزو بلاد النوبة، إلا أنها عند عودتها من الجنادل الأولى كادت نقضى على جميع رجالها.

كان قمبيز فى أول أمره، سالكا مسلكا حسنا في معاملة المصريين، و لما لحقته الخسائر و رأى شماتة المصريين، غير معاملته بالمرة فهدم المعابد، و قتل بيده العجل “ابيس” أثناء الاحتفالات الكبيرة، وغند عودته إلى فارس مات فى الطريق سنة ٥٢١ ق م.

لما تولى ملك فارس “دارا الأول” زار مصر و أراد أن يصلح ما أفسده  “قمبيز” فأبدى احتراما كبيرا للديانة المصرية ومعبوداتهم، وشيد هيكلا عظيما للمعبود  “آمون” بواحة سيوة الكبرى، لكن الضرائب التى فرضها على المصريين كانت ثقيلة، إلا أنها كانت تجنى بسهولة لتوفر الخيرات بالبلاد.

ورأى المصريين في آخر أيامه ما لحقه من الخسائر في و واقعة  “مرتون” فى حربه مع الإغريق، فخرجوا عن طاعته، و طردوا الفرس من البلاد بقيادة أحد الأمراء الوطنين سنة ٤٨٦ ق . م .

و لما تولى  “إجزرسيس” ملك فارس، غزا مصر من جديد، فأصر المصريون على الثورة مرة أخرى. تعاقبت ملوك الفرس، وتمكن المصريون بمساعدة الإغريق من التخلص من حكم الفرس، وكان ذلك سنة ٤٠٥ ق . م .  ويعرف ولاة الفرس بالأسرة السابعة و العشرين.

طرد (امنروت) الفرس من مصر، ولم يخلفه أحد من نسله وجاء ملوك الاسرة التاسعة والعشرين نهاية بالاسرة الثلاثين التى أسسها (نقطانب) و لم تكن مصر على جانب عظيم من القوة فى الفترة بين خروج الفرس وبين أيام هذا الملك. لكنها نهضت فى عصره من رقادها نهضة لم تكن إلا بمثابة صحوة الموت.

اذ انه فى آخر أيام ملوك هذه الأسرة المدعو  “نخنتبو الثانى” تمكن الفرس سنة ٣٤٠  ق . م .  من دخول مصر مرة أخرى بعد أن غابوا عنها  خمسة و ستون عاما.

و بذلك انتهت أيام الملوك الفراعنة، بعد أن حكموا فى وادى النيل نحو أربعة آلاف سنة، و لم تقم لهم بعد ذلك قائمة.

فكأن مصر قد علمت العالم سياسية الملك، ونشر الحضارة فاظهرت فيه أمما قوية عديدة، لكنها هرمت بعد، وأصبحت غير قادرة على الجولان فى ذلك المضمار الذى يتسابق فيه أبناؤها بما لهم من قوة الشباب وجديد الهمة. وهكذا حال الأمم تصعد ثم تنخفض؛  “فما طار طير و ارتفع إلا كما طار وقع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى