سأخونُكِ دوماً

أليسار عمران | سوريا

أشعلَ سيجارتهُ وارتشفَ قليلاً من فنجانِ قهوتهِ وهو يُراقبها
تركضُ في زوايا المنزلِ، تمسحُ النّوافذَ، تشطفُ الأرضَ، تدلق معقّمَ الحمّامات ثُمّ تشدّ أصابعها على عصاةِ الشّفاطةِ كأنّما تنفخُ زفراتها بتعبٍ وعتبِ !
حمقاءٌ ونفثُ دخانَ سجائرهِ
تحبينَ أولادنا حسناً وأنا أحبّهم..
ولكن ماذا عنّي !عنك!
أما كنتُ نسمةً ذاتَ يومٍ هزّت أغصانَكِ فتمرّدت فصولها!؟
مابالُ طقسكِ قد توقّف!؟
نعم سأخونك ودوماً فالبشرُ إذا ما ماتوا انتبهوا
من هو ذاك الأحمقُ الذي أخبركِ أنّك مسلّمتي الكبرى!
كنت أحاولُ تحطيم قشركِ المجتمعيّ الذي عمّر لبّكِ بالترّهاتِ
وجعلكِ تقتنعين أنّني سأحبّكِ مثلاً حين تطبخينَ
أو حين تقومين بتنظيف الأواني المنزليةِ والملابسِ وتنوبين عن ساعةِ المنبّهِ في عمري!
كان عليكِ أن تعصفي بي بأن تبقي تلكَ الجميلةُ التي لايفارقها العطرُ،امرأة تتحدّثُ وتصغي إلى صوتها لتمنحهُ موسيقا..
أحتاجُ أن أرقصَ وأحتاجُ عاقلةً مجنونةً تفضّ بكارةَ الزّمن وترجعهُ للبدايةِ!
كالمغفّلةِ أنتِ لا تتغيّرين ..
أغضبُ فتعاودين القبضَ على عصاةِ الشّفاطةِ ومحادثةُ نفسكِ كالمجانينِ وتهمسين بصوتك الخافتِ لقد أدّيتُ جميعَ الواجبات لا بل تحمّلتُ فوقَ طاقتي حتّى جحدتُ نفسي!
دعي المرآة تخبركِ عنكِ!
منذ متى لم تراقبي محيط خصرك!؟
تلك الدهونُ المتراكمةُ!
شعركِ المنكوشُ حتى أنّني أخالك العالم أديسون أو المفكّر أدونيس.. أحبّ اقتناءَ الأثريّات لكن ليس بما يتعلّقُ بكِ..

سأخونك ودوماً لأحرّضَ كهرباء عمقك الصّاخب إلا مما أريده
حمقاء أنتِ أنا ما استبدلتُ بكِ أمّي
أنا صافحتُ نصفي وعقدتُ معك اتّفاقية المناورة على الهدم والبناء الّذي لا ينتهي
لقد وصلتِ إلى حضيضِ أنقاضكِ وارتميتِ خاويةً مني
وطفلك المقصيّ مهملٌ مركونٌ في زاويةِ المنزلِ ينتظر أخبار أولادكِ!
هل أخبرتك أنّني أغارُ منهم!!
نعم دعيني أعترف…
روحك تهمّ عزرائيل وحسب…
أما أنا سأخونك دوماً كي تموتي..
كي تنتبهي وتنبتي بجواري كشجرة جوّيةٍ فقدت ذاكرة المجتمع.
عانقتني وأشارت بأصبعها لقلبي مركز الكونِ الذي لا يرى من زوجتهُ سوى أميرةً مدلّلةً تجحده تشقيهِ تجعل كيدهُ بنحرهِ قرباناً لعينيها وتسفقُ تاريخَ ميلاده وتعيده طفلاً يلتصقُ بأحضانها كوليدٍ خُلقَ للتوّ في بلادٍ أخرى يحاولُ فكّ حروفَ الأبجديةِ !
ومالعمر إلا طلاسمَ عصيّةً إلا على من حاول ملاحقتها بشغفٍ
وإخضاعها بقدرةِ الاله!

سأخونك ودوماً..
يوماً ما ستطلبين منّي أن أغفر لكِ تلكَ الخطايا وكلُّ ما أرجوهُ هو أن أكون مازلتُ حيّاً أنتظرُ منك أن تقتليني لأحيا من جديد…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى