فكر

قوانين الحضارة

د. طارق حامد
من أهم قوانين الحضارة الراسخة، قانون التخصص لأن عصر عنصر الحضارة الموسوعي قد انتهي وعصر العالم الشامل أو الإمام أصبح من التاريخ ولقد سبق النبي – صلي الله عليه وسلم- لهذا القانون الحضاري الفعال بتوجيه الصحابة -رضوان الله عليهم- بالتخصص كل في مجال معين حيث قال: أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضكم (أي أعلمكم بعلم الفرائض وهو المواريث) زيد بن ثابت و لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة، وندب أحد الصحابة لتعلم السريانية وهي لغة يهود فتعلمها في سبعة عشر يوما .
أما الأخذ بالعموميات فهذا من السفه وفي عصرنا هذا لم يعد التخصص مثلا في الطب علي حاله بل تشعب منه تحت التخصص و كذلك في كل مجال من مجالات الحياة و هذا ما أخذ به الغرب أما نحن فنجد الشخص الموسوعي و لكن في (الفهلوة) الذي يفتي في كل شيء كما أخبر عنه النبي صلي الله وسلم في الحديث الصحيح: يأتي علي الناس زمان يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق و يخون فيه الأمين ويؤتمن فيه الخائن وتنطق فيه الرويبضة، قالوا و ما الرويبضة يا رسول الله، قال: الرجل التافه يفتي في أمر العامة.
و لكي ننهض ونتقدم في درجات الحضارة و نخرج من دركات الجهل والتخلف، يجب علينا أن نأخذ بهذا القانون الفعال و الهام من قوانين الحضارة ألا و هو قانون التخصص بل يجب أن نناطح الغرب في علومهم و نتفوق عليهم و نبتكر نحن علوما و تخصصات جديدة تنتفع بها البشرية كلها و لذلك عاب الإمام الغزالي علي بلد بها أكثر من خمسين فقيه ولايوجد بها طبيب مسلم واحد، و أصبح هنا فرض عين علي كل مسلم أن يجتهد ليكون طبيب هذه البلد؛ كذلك التخصصات النادرة يتعين علي كل مسلم أن يكونها حتي نصل إلي حد الكفاية فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى