لقاء دراسي بجامعة الأخوين بإفران حول الهجرة والحاجة إلى التكامل المعرفي
المغرب – متابعة: عبد السلام انهيري و إبراهيم بلوح
حرصا من مركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة، والذي أسس بشراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج وجامعة الأخوين بإفران، على التفاعل مع الخبراء والباحثين في ميدان الهجرة، عقد المركز أيام 28/29/30 ماي 2021 بإفران، لقاء دراسيا حول “الديناميات الهجروية في عالم اليوم: قضايا راهنة وآفاق بحثية”، وهو اختيار استراتيجي، نابع أساسا من اقتناعه بضرورة دعم المشاريع البحثية في مجال العلوم الاجتماعية، والحاجة إلى مزيد من التكامل المعرفي لفهم وتأويل قضايا الهجرة والمواطنة، والتي تشتغل بمنطق عرضاني يمتد إلى كافة الديناميات المجتمعية.
لهذه الاعتبارات كلها، فقد اقترح مركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة، على عموم الخبراء والباحثين من مختلف التخصصات المعرفية، هذا الورش العلمي للتفكير في الديناميات الهجروية في عالم اليوم، عبر ثلاثة محاور مركزية وهي: “سياسات الهجرة في المغرب والعالم”، “البحث في ميدان الهجرة”، و”المسألة الهجروية والتحولات السوسيومجالية”. والتي تم تعميق النقاش فيها، عن طريق ورشات عمل توزعت على: :
- الأبحاث والدراسات في ميدان الهجرة
- البرامج والمشاريع العلمية والثقافية في ميدان الهجرة
- الديناميات الهجروية في المغرب
- السياسات العمومية في مجال الهجرة (المغرب وأوروبا)
- الهجرة العكسية والتحولات المجتمعية
- مناهج وتقنيات إعداد التقارير والأوراق البحثية في ميدان الهجرة.
يمكن القول بأن الهجرة في عالم اليوم، تعد مشكلا أو فرصة، تبعا للتدبير السياسي الذي تُقابل به. إذ تصير مشكلا عويصا في التعاطي مع اختلاف الهويات والأديان والثقافات الوافدة، إذا لم يتم الاستعداد، بشكل مبكر وجيد، لمتطلبات إدماج المهاجرين. وبمقابل ذلك كله، يمكن للهجرة في عالم اليوم، أن تصير فرصة استثنائية للتغيير والبناء الحضاري، وذلك في حال تبني سياسات عمومية مندمجة في مجال الهجرة، تنتصر بالضرورة لثقافة حقوق الإنسان، وتقر بالحق في الاختلاف والعيش المشترك.
ولهذا يمكن القول بأن ما يشهده العالم من هجرات وهجرات مضادة، وبصيغ متعددة، تتوزع بين النزوح والهجرة واللجوء والتسلل واستراتيجيات العبور أو الإقامة، سيغير الكثير من القيم والقوانين والسياسات، وسيفرض على صناع القرار عاجلا أم آجلا، أن يغيروا من نظرتهم للهجرة والمهاجرين. وهو ما يوجب الانخراط الواعي والمسؤول في استراتيجيات بحثية لفهم وتأويل مسارات وأنساق الهجرة.
لقد عرفت ورشات العمل، نقاشا علميا جادا ومسؤولا، انتهى إلى جملة من التوصيات والاقتراحات الهامة، والتي ستسهم في إغناء عمل مركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة، والتي يمكن توزيع أبرز عناصرها على: الأبحاث والدراسات العلمية، الفعاليات والأنشطة العلمية والثقافية والبعد الاقتراحي في مستوى إعداد تقييم السياسات العمومية.
وبذلك فقد أوصى المشاركون في هذا اللقاء الدراسي الذي ينتصر للعبر تخصصية والتكامل المعرفي، بضرورة ترصيد المنجز في ميدان الهجرة، بحثا وتوثيقا وذاكرة، لأجل الانطلاق في التأسيس لمقاربة نوعية في دراسة قضايا الهجرة والمواطنة. فضلا عن الاهتمام بالدراسات الاستشرافية التي تهم التحولات القادمة على مستوى الهجرة وأنماط التدين وباقي ملامح وممكنات وتحديات التنوع والتعددية ، هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى تغيير المقاربات وتجديد الأطر النظرية والمنهجية في دراسة الهجرة مغربيا، باعتبار الانتقال من بلد مصدر للهجرة إلى بلد عبور وإقامة وتصدير.
كما أكد المشاركون في هذا اللقاء الدراسي أن الهجرة، هي، وبالضرورة، سيرورة اجتماعية مركبة وكلية، تشتغل بمنطق عرضاني. وعليه فإن التعاطي معها، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذا التركيب والتعدد. كما أنها تُعد إمكانا لبناء المشترك الإنساني وإصلاح المسار العولمي، ولهذا فالمجتمعات المعاصرة، التي تختبر الهجرة، وتعاني من تداعيات سوء تدبيرها، ليس أمامها اليوم إلا الاقتناع بضرورة تغيير أنظمة الهجرة وسياساتها في اتجاه المزيد من الأنسنة والإنصاف، والإنصات لصوت العلم والمعرفة، فالمهاجر يُسهم بدرجة عالية في صوغ تاريخ الغد، سلبا أو إيجابا، حسبما يستهدفه اليوم من برامج إدماجية أو ممارسات إقصائية. وبالطبع فما علينا كباحثين إلا الترافع العلمي، بحثا ودراسة، بأن الهجرة هي فرصة تجاوز وبناء وتحقيق للتنمية وتعزيز للمشترك الإنساني، وأن البحث فيها، مدخل لقراءة الديناميات المجتمعية واستشراف المستقبل.
يذكر أخيرا أن مركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة، والذي أسس بشراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج وجامعة الأخوين بإفران، هو مركز بحثي موطن بجامعة الأخوين بإفران، يروم ترصيد وتطوير البحث العلمي في الديناميات الهجروية، لأجل الإسهام في بناء وتقييم السياسات العمومية في ميدان الهجرة داخل الوطن وخارجه.