حكومة نفتالي بنت: يمين أكثر و عدوانية أكبر
بقلم: عصري فياض
هو الرئيس التاسع عشر لحكومة ” اسرائيل “،من مواليد حيفا في العام 1972، لوالد يهودي أمريكي وأم يهودية هاجرا لفلسطين المحتلة فرحا بعد نكسة عام 67، واستقرا في حيفا، نفتالي بنت الذي حمل افكار متطرفة منذ صغرة بفعل أثر الاسرة والمجتمع، دخل الجيش،وإنتسب للقوة الخاصة فيه، وكان يشارك في المهام القتالية الخاصة وغير العادية حتى تعود على قتل الكثير من الفلسطينيين والعرب، وإفتحر بذلك ولم يعبر عن الندم،،ثم سرعان ما تدرج في الاحزاب اليمينية الاستيطانية،وبعد ما إتسعت دائرة المد اليميني في ” إسرائيل” وجد لنفسه مكانا في حزب “يمينا” الاستيطاني ألمتطرف،وأصبح رئيسا لهذا الحزب والذي بالرغم على حصوله على ستة مقاعد في الانتخابات الاخيرة،غير أنه تمكن بالتعاون مع رئيس حزب “هناك مستقبل” اليميني الوسطي بقيادة “يائير لبيد” أن يشكل حكومة ضيقة جدا بواقع ستين عضو كنيست مقبال تسعة وخمسين بعد مشاركته مع احزاب اخرى مثل حزب “اسرائيل بيتنا” برئاسة اليميني “افغدور ليبرمان” وتحالف اليسار الصهيوني العمل وميرتس بزعامة “ميراف ميخائيلي“,” نيتسان هوروفيتس“، وحزب الحركة الاسلامية في الجنوب “القائمة الموحدة” بقيادة منصور عباس. وحزب “أمل جديد” بقيادة المنشق عن حزب الليكود “جدعون ساعر”
ولعل أكثر ما لفت الانتباه في تصريحات نفتالي بنت خلال فترة التشكيل والتصويت على الحكومة قوله، سنمضي معا بما نتفق عليه ونترك جانبا ما نخلتف فيه، وقوله تعقيبا على الاتفاق مع القائمة الموحدة بخصوص تجمعات البدو في النقب والذي يقضي بتجميد هدم هذه التجمعات تسعة اشهر، ومنحها نصف مليار من الشواقل ، والذي لاقت انقادات لاذعه من فبل نتنياهو واليمين المنضوي تحت رايته، فقد التفت بنت للأحزاب اليمينية المنتقدة له وقال مبتسما
” سيكون كل شيء على ما يرام”، وفي هذا القول الفضفاض ابعاد كثيرة من التفاسير التي ترسل اشارات طمأنة لليمين المتشدد الرافض لهذه التفاهمات، كما انه أكد خلال خطابة في الكنيست أن مواجهة المشروع النووي الايراني هي أعلى أولوياته ليسد بذلك الطريق أمام هجمات نتنياهو الذي يتهمه سلفا بعجزه في فعل أي شيء في مواجهة المشروع النووي الايراني والذي تعود نتنياهو ان يحذر منه، ويتغنى بالتصدي له ليل نهار.
وبخصوص القضية الفلسطينية والحل السياسي لها لزم بينت الصمت، ولم يدلي بأي تصريح يشير لامكانية عودة الحكومة التي يترأسها لإجراء تفاوض مع الجانب الفلسطيني لايحاد حل سياسي جذري ينهي الصراع الذي تجاوز العقد السابع دون وجود افق،وهو بهذا الموقف يبطن ما في داخله وما يريد فعله، منعا لانهار تشكيلته التي قد تواجه بإنسحاب أو إنشقاق احد من احزابه اليمينية الثلاث ، حزبه وحزب اليمين الوسط أو اسرائيل بتنا، وحزب ساعر، كما انه لا يريد إثارة حفيظة تحالف حزبيّ اليسار الصهيوني العمل وميرتس ومن خلفها القائمة الموجدة، لذلك بإعتقدي سينتهج العمل وفق ما اعلانه في تعزيز الاستيطان في المنطقة المساه ج حسب تقسيمات اتفاقيات اوسلو، والتي تشكل نحو 60% من الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الفلسطينية، بمعنى أنه طمأن المستوطنيين والمتطرفين أن حل الدولتين لا يمكن تنفيذه او الوعد به بعد أن يجتاج الاستيطان التوسعي كامل المنطقة سي، التي ستخنق التواجد الفلسطيني في تجمعات مقطعة ومنفصلة وغير قابلة للحياة،بالإضافة لموقفه من القدس التقليدي والمعروف وهو أنها عاصمة دولة “اسرائيل” الموحدة والابدية، وأن نص الاتفاق تشكيل حكومته ينص على نقل كل مكاتب وداوئر الحكومة للعاصمة الموحدة، لذا فالبحث عن تفاوض مع هذه الحكومة سواء بضغط من الخارج او قبول ورضا من الداخل ضرب من الخيال لا يستحق استهلاك الوقت في البحث عنه،بل على العكس، فحكومة بنت التي كان من أكبر اسباب تآلفها هو الخلاص من سياسة نتنياهو، والخلاص من نتنياهو سيدفع حزب الليكود المعارض لاختيار قيادة جديدة قد لا يكون نتياهو فيها بفعل القضاء الذي يتوعده بالسجن أثر قضايا الفساد، وبالتالي يكون نفتالي بنت على موعد مع دعم يميني جديد من الليكود بزعيم جديد في حال تمسك بموافقه اليمينية المتشددة تجاه القضية الفلسطينية وإيران، ومن أحزاب اخرى كذلك حتى لو خسر حزبي اليسار الصهيوني العمل وميرتس والقائمة الموحدة والذي لا تزيد مقاعدهم في الكنيست عن 11 مقعدا،بالمقابل الليكود والاحزاب اليمينية المحتالفة معه قد تصل لأكثر من أربعين مقعد مما سيشكل لبنت اريحية يستطيع الاتكاء عليها منعا لسقوط حكومته.
من هنا، ومن خلال تركيبته الشخصية والعقائدية، وانتمائه الحزب المتشدد، وحلفه المؤقت القابل للتغير والتبديل وفحوى الاتفاق الحكومي للاحزاب الثمانية التي شكلت حكومته،فإن رئيس وزراء اسرائيل الجديد نفتالي بنت، والذي عاشر وتقرب من نتياهو كثيرا، وعرف الاخطاء التي وقع فيها نتنياهو في كل الملفات، قطعا سيحاول تجنب هذه الاخطاء، ومنها :
أولا: تضخيمه الدائم للخطر الايراني ونفخه لما كان يسميها المنجزات في مواجهة هذا الخطر، في الوقت الذي تتقدم فيه ايران وعلى كل المستويات، وتقوي محورها في كل الساحات،وتسجل انتصارات وتقدم برغم الحصار القاسي ضددها منذ نحو اربعة عقود.
ثانيا: الفشل الاسرائيلي مع جبهة الجنوب قطاع غزة ، والمفاجأة التي هزت اسرائيل في المواجهة الاخيرة والتي كان اهم ما كان فيها هو الضعف الامني والاستخباري للجانب “الإسرائيلي”، الامر الذي أحدث مفاجأة مدوية عجلت في طلب الموافقة على وقف النار دون شروط، فإذا كان نتنياهو يتغني بمحاربة ايران وحزب الله في سوريا خوفا من التواجد وجلب السلاح يكسر التوازن، فكيف للجبهة الجنوبية التي تعتبر الاضعف والأصغر في المحور ان يوجد فيها هذا الكم من السلاح المعلن والمخفي دون علم لدوائر الاستخبارات؟؟
ثالثا:التخبط والتوهان في تصرف نتنياهو فيما يتعلق في التصرف بما حدث في القدس،والمفاجأة التي اربكت الحسابات الاسرائيلية من ربط ملف القدس بملف المقاومة في غزة، والتي كسرت محاولات نتنياهو لفصل غزة كل غزة عن الضفة والقدس وقضاياهما، وبالتالي أصبح ما يجري في القدس والضفة له عين ويد ثانية في غزة.
رابعا: الجنود الاسرى الاربعة في قبضة حماس، وبعد مرور سبعة اعوام على اسرهم منذ العام 2014، لم تتمكن حكومة نتنياهو من اعادتهم لعائلاتهم، وهذا غير مسبوق في ملف الاسرى الذين تبدي الجهات الاسرة لهم دائما النية في اعادتهم مقابل اسراى فلسطينيين.
من هنا، باعتقادي سيعمل بنت على تفادي الوقوع في اخطاء نتنياهو في هذا الملفات بالذات، لكن بعمل أكثر، وبتطرف أكبر وبكلام أقل،خاصة في الملف النووي، فقد اعاد ومنذ الساعات الاولى الاتصال بالادارة الامريكية حول هذا الملف وطلب تعزيز التنسيق والتشاور الدائمين في هذا ألملف لأنه يعي جيدا أن عمل “اسرائيل” الفردي ضد ايران وايقاف برنامجها النووي عسكريا شبه مستحيل، فهو بحاجة لمشاركة أمريكية وأن اربعة حروب على غزة كوت الوعي لدى الجمهور ” الاسرائيلي” لجهة عدم وجود إمكانية في اجتثاث هذا الخطر الذي يتعاظم يوما بعد يوم في الخاصرة الجنوبية من ” اسرائيل” ، لذلك هو يحتاج لآليات عمل جديدة في المواجهات القادمة مع غزة قد تذهب لكسر عظم.
وبالنسبة للقدس،سيذهب بنت للقضبة الحديدية والاجراءات المشددة، بغية السيطرة ومحاولته لبسط الامن الذي يريد ، والابتعاد عن اثارة الواقع الفلسطيني والإقليمي، وتجنب اشعال حرب اقليمية، أما الاسرى لدى حماس والذي سبق وان عبر عن عم قناعته بتحرير أسرى فلسطينيين، فقد يلجأ لضم هذا الملف للمواجهة القادمة، ويحاول أن يعالج الامر ميدانيا،بالقيام بعملية برية قاسية تعود بهم ولو جثث حتى لو كلفت جيشه الكثير من الجثث.
ولن يكون رئيس وزراء اسرائيل الجديد بعيدا عن التأثير بالمناخات التي تهب على الشرق الاوسط وخاصة تعاظم القوى الرافضة بالمطلق وجود ” اسرائيل ” بالمنطقة وهو محو المقاومة، وإرتفاع نبرة الشعب الفلسطيني الذي أيقن بغالبيته القسوى ان السلام مع ” الاسرائيليين ” مستحيل وهو درب من الخيال، لذلك سيكون اقرب لاستخدام فاض القوة والبطش للقضاء على الاخطار التي تنمو من حوله بكل قوة غاشمة،معتقدا أن ذلك سيعيد لدولته هيبتها، ويقضي على اخطار تردد اسلافه منذ عقود في القضاء عليها،وانه سيكون الملك الذي سيعيد لإسرائيل وجهها الاقوى والأعظم في منطقة الشرق الاوسط والعالم.