تقرير صحفي: مدينة القدس تعاني انهيار شبه كامل في الإسكان
خاص | رام الله
طالب الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الجهات الرسمية الفلسطينية والمستوى العربي والدولي بمواجهة قضية الإسكان للفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، جراء قوانين الاحتلال المتطرفة التي تبيح مصادرة الاراضي وهدم البيوت والمنازل العربية، إضافة لمنع عمليات الترميم والاصلاح، يقابلها قوانين تشرع البناء الاستيطاني المتزايد لفرض الأمر الواقع وجلب مزيد من المغتصبين للمدينة المقدسة تطبيقا لسياسة التهويد التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية المتتالية.
وقال، “المقدسي اليوم أصبح غير قادر على التوسع في أرضه، فالمستوطنات والبؤر الاستيطانية صادرت معظم الأراضي لصالح المستوطنين، وما تبقى من ارض خصص كمناطق خضراء، ليجد المقدسي نفسه في منطقة صغيرة لا تلبي احتياجاته للتكاثر والزيادة ليبقى الحل الوحيد بالرحيل والهجرة عن المدينة، كما أن معاناة أهالي القدس المحتلة لا تكمن فقط في ضيق السكن والمنع من البناء، بل حتى في إكمال أو ترميم البيوت القائمة، ما دفع عشرات الآلاف منهم إلى البحث عن مساكن بديلة والمغادرة إلى أطراف المدينة خارج الجدار العازل”.
- انهيار شبه كامل للإسكان في القدس:
وأضاف، “الآن أصبحت تعاني مدينة القدس من انهيار شبه كامل في الاسكان، وهو هدف رئيس تعمل حكومات الاحتلال المتعاقبة على تحقيقه من خلال إضعاف المدينة وخدماتها بالنسبة للمقدسيين، وبالتالي تهجير المقدسيين لتوطين قطعان المستوطنين، فالعقبات والمصاعب والقوانين التي وضعتها بلدية الاحتلال بالقدس والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة جعلت المقدسيون يحصلون على اقل من رخصة بناء واحدة لكل ألف مسكن، وهو ما يعني وجود آلاف المساكن غير المرخصة والمعرضة للهدم في اي لحظة، وجعلت من حصول المقدسي على سكن تتوافر فيه المواصفات الصحية وغير مهدد بالهدم، حلم صعب المنال”.
ونوه عيسى “منذ احتلال اسرائيل للقدس عام 1967م لم تبد أي اهتمام بأي مشروع لإسكان الفلسطينيين، وكان كل اهتمامهم بمشاريع إسكان مخصصة فقط لليهود، وذلك من أجل استقطاب واجتذاب أكبر عدد من اليهود للسكن في القدس، وإحاطة القدس الشرقية بمستوطنات وأحياء جديدة تحد من إمكانية الفلسطينيين بالتوسع الطبيعي وإقامة مساكن لهم، وذلك عن طريق تحديد الرقعة المتاحة للفلسطينيين كي يبنوا عليها أحياء جديدة، أو يقيموا مشاريع إسكانية عليها.”
- العراقيل والتعقيدات في قطاع الإسكان للمقدسي
وأشار عيسى “اسرائيل لم تقم بعمل بنية تحتية لأية أراض تناسب إقامة مشاريع إسكانية للفلسطينيين، ولذلك كان على أي فلسطيني يريد إقامة مشروع إسكاني أن يقوم بإعداد مخطط تنظيمي للقطعة أو مجموعة قطع أراض، يتقدم به للبلدية، التي تقوم بوضع كل العراقيل والتعقيدات والمماطلة لإقراره، مما حذي بالعديد منهم الى اليأس من ان توافق البلدية عليهم، وهذا قادهم للبناء غير المرخص، إذا ما أضفنا إلى ذلك ارتفاع كلفة الحصول على رخصة بناء وطول مدة الحصول عليها”.
وذكر عيسى، “أول مشروع إسكاني أقيم في مدينة القدس، كان عمارات نسيبة في بيت حنينا وفي أوائل التسعينات من القرن المنصرم، وكانت تكاليف استصدار رخصة بناء لا تتجاوز 3 آلاف دولار، لكن الوضع اليوم بات مختلفا، فتكلفة رخصة بناء لمنزل لا تتجاوز مساحته 120 متراً مربعا، أصبحت تزيد عن 40 ألف دولار، وأسعار الشقق المرخصة الآن في القدس، أصبحت تتراوح بين 300-500 ألف دولار، وهذا ما لا يطيقه 99% من السكان، ومدة التسليم الآن تتراوح بين 6-8 سنوات نظرا لتعقيدات الترخيص”.
وتابع، “بذلك بات الاستثمار بقطاع الاسكان في مدينة القدس المحتلة هو استثمار طويل الأمد وموجه لقلة قليلة جدا من السكان يمكنها دفع الثمن، ذلك أن أمور شراء بيت بالتقسيط، ليست قائمة في القدس، لعدم وجود نظام إقراض مصرفي يساعد الناس على التملك، وعلى ذلك فإن مثل هذه المشاريع لن تخدم الطبقة المتوسطة ولا الفقيرة من السكان، أو حتى الأزواج الشابة الذين يشكل أمر إسكانهم المعضلة الكبرى”.
- قوانين وخرائط تدمر القدس
قال عيسى، “تعتبر الخريطة الهيكلية المسماة (القدس 2000) التي تتبعها سلطات الاحتلال بتهويد القدس وطمس معالمها العربية وتهجير وطرد سكانها، من أبرز القوانين والخرائط التي تدمر القدس وتحد من توسع المقدسيين وتدفعهم الى الهجرة وترك المدينة المقدسة، حيث تزيد العقبات والمعوقات التي تواجه المقدسيين فيما يخص البناء في القدس المحتلة، حيث إن سلطات الاحتلال الاسرائيلي عملت على تخصيص مساحات واسعة من أراضي المدينة لبناء المستوطنات ومساحات مشابهة تم تصنيفها كمناطق خضراء، يُمنع الفلسطينيون من البناء عليها، وبالتالي جعل إمكانية التوسع السكاني الفلسطيني الطبيعي معدومة تماماً”.
وأضاف، “هناك ما يسمى بـ “قانون التنظيم والتخطيط”، وهو قانون الهدف من وراءه تهجير المقدسيين وطردهم من مدينتهم، حيث أدى الى تحويل ما يزيد على 40% من مساحة القدس إلى مناطق خضراء يمنع البناء للفلسطينيين عليها، وتستخدم كاحتياط لبناء المستوطنات كما حدث في جبل أبو غنيم، وقد دفعت هذه الإجراءات إلى هجرة سكانية عربية من القدس إلى الأحياء المحيطة بالمدينة نظرًا إلى سهولة البناء والتكاليف”.
- آليات حل مشكلة الإسكان في القدس
أوضح عيسى “إن حل مشكلة الإسكان في القدس يكمن في إيجاد آلية تمول وتدعم حصول أصحاب المنازل على الرخص، وعلى صناديقنا العربية، إن أرادت خدمة القدس، وإبقاء المقدسيين فيها، أن تتوجه لهذا المنحى أولا، ودعم المقدسيين بالصوت والصورة وفضح ممارسات الاحتلال وغطرسته، من خلال تسليط الضوء على كل ما تتعرض له المدينة المقدسة وسكانها وعدم اغفال تفاصيل حياتهم اليومية وهذا واجب يقع على كل اعلامي ومسؤول ومثقف، اضافة لتفعيل مشكلة الاسكان وما يتعرض له المقدسيين من هدم لبيوتهم في المحافل والمؤتمرات الدولية لإدانة الاحتلال واحقاق حق المقدسيين”.
- مطالبات لتعزيز قطاع الإسكان في القدس
ناشد عيسى بتعزيز آليات وعمليات التمويل لمدينة القدس ولسكانها من أبناء الشعب الفلسطيني، وإقامة مركز للتخطيط البديل وتشكيل لجنة إعلامية مساندة لعملية تمويل المشاريع الحيوية في المدينة، وإعادة بناء المنازل التي تم هدمها، وتوفير أجرة سكن للأسر التي تتعرض منازلهم للهدم لحين إسكانهم.
وقال عيسى “المستويات العربية والدولية مطالبة بالحد من تقتير الدعم لمدينة القدس، والكف عن بطء التمويل من قبل المانحين العرب خاصةً وكافة المانحين بشكل عام، وعليها تصميم استراتيجية طويلة المدى للإسكان في القدس، استغلال كافة الموارد المتوفرة من الأراضي في المدينة”.