هالة الشريف في باب العامود.. علم فلسطين يرفرف في البعد الرابع للقدس
عيسى قراقع | فلسطين
بتاريخ 15/6/2021 نظم غلاة المستوطنين الاسرائيليين ما يسمى مسيرة الاعلام في مدينة القدس المحتلة، يحرسها ما يزيد عن 2000 شرطي ورجل أمن اسرائيلي، أصبحت ساحة باب العامود ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال، هذه الساحة التي شهدت هبات وانتفاضات ومواجهات وسقوط عشرات الشهداء والجرحى في السنوات الأخيرة.
المستوطنون الحاقدون الذين يهتفون بالموت للعرب، ويرقصون بأعلامهم في ساحة باب العامود، خرجت لهم تلك المرأة الفلسطينية التونسية الجذور هالة الشريف زوجة المرحوم المناضل عثمان أبو غربية، قلبت المعادلة وغيرت المشهد، رفعت العلم الفلسطيني وسط أعلام المستوطنين، كان الاعلى والاكثر اشراقا، علم فلسطين حرك هواء المئذنة وصنوبر الكنيسة وهو يردد وسط صخب المتطرفين وهلوساتهم بأن القدس عربية فلسطينية اسلامية مسيحية كنعانية، لها علم واحد وهوية واحدة، علم خيوطه واحدة تجمع الزمان والمكان على أرض العاصمة.
انقضت الشرطة الاسرائيلية على المناضلة هالة الشريف بالاعتداء والضرب وجرى اعتقالها وتقديمها للمحاكمة، ما هذه الدولة الهشة التي استوحشت بكل ادوات قمعها تجاه سيدة فلسطينية تحدت عنصرية وهمجية المحتلين وحررت ساحة باب العامود وفضاء القدس من كل الالوان الزائفة؟ علم فلسطين يفضح سياسة التهجير القسري والهدم والطرد والتشريد والتمييز والابعاد والانتهاكات الوحشية.
حكومة الاحتلال اعلنت حالة الاستنفار والطوارئ في أرجاء العاصمة الفلسطينية المحتلة، قامت باغلاق كافة الشوارع المؤدية لساحة باب العامود، شنت حملة اعتقالات بحق الشبان والنساء والاعتداء عليهم، دوريات راجلة ومحمولة في كل زاوية وشارع، وحدات المستعربين وحرس الحدود والكلاب البوليسية وصهاريج المياه العادمة، حواجز وتفتيشات لحماية عصابات المعبد الارهابية، كيف وصل العلم الفلسطيني وسط الاجراءات المشددة؟ انه البعد الرابع للقدس عندما يصبح قطع المسافة الى القدس يساوي سرعة الزمن بقدرة فلسطينية.
هالة الشريف والعلم الفلسطيني قلبا المعادلة، لم يكتشف الاسرائيليون أن القدس محررة، فشل ثالوث السيطرة على القدس: التهويد والاستيطان والقمع البوليسي، في القدس طاقة روحية ثورية رباعية الابعاد، طاقة حركية فضائية جسدها علم فلسطين وهو يرفرف ويتمدد ويعلو وينتشر بلا حدود، توحدت روح القدس مع الروح الانسانية فرفعت علم فلسطين الى الجو كما ارتفع يسوع أمام الانظار، وكانت المعجزة.
علم فلسطين يرفرف في ساحة باب العامود، ساحة الشهداء، باب العامود يستعيد اسمه لتفتح كل الابواب المغلقة والاتجاهات الى البلدة القديمة، الى البحر المتوسط، الى الجليل، الى العواصم العربية والعالمية، يستعيد ابعاده الرباعية: الارض والتاريخ واللغة والهوية.
علم فلسطين يقاتل اعلام المستوطنين والمجموعات الارهابية، يقاتل ابواقهم المزعجة، هتافاتهم العنصرية، علم فلسطين ترفعه ايادي نساء القدس المرابطات المجاهدات العظيمات، القائمة الذهبية: خديجة أبو خويص وهنادي الحلواني ومنى الكرد وشروق دويات واسراء جعابيص والقائمة طويلة، سبعون امراة فلسطينية يتحدين دولة الاحتلال وترسانتها العسكرية، سبعون امراة وأكثر يقاومن بالصبر والصلاة والايات القدسية.
يكفي أن ترفع العلم الفلسطيني في القدس، لا داعي للاجتماعات والمؤتمرات العقيمة، لا داعي للمحاضرات التفكيرية، اذهبوا الى القدس كما ذهبت هالة الشريف أكثر من مرة، هي تعرف البعد الرابع للطريق الى القدس، تتجاوز الحواجز العسكرية، ليس معها قنبلة، في يدها ينام علم فلسطين كحمامة برية، يرفرف بجناحيه ليصنع زمنا اخر للقدس، لم يكتشفه الاسرائيليون ولا الفلكيون ولا خبراتهم التكنولوجية.
أن ترفع العلم الفلسطيني في القدس يعني أنك جسدا وروحا وصوتا على أرض القدس، أن ترفع العلم في القدس يعني انك بدات العمل فورا لم تنتظر أحدا، فالوقت كل الوقت لك: الحياة والسيادة والولادة والعبادة والحرية، سترى محققين يائسين في سجن المسكوبية، عتمة زنزانة لا تحجب الوان علم فلسطين المصنوع من ارادة انثوية.
للنساء المقدسيات تحية، المبعدات عن القدس بأحكام قضائية تعسفية، المعتقلات في السجون والشهيدات اللواتي ارتقين على مصاطب القدس في جرائم الاعدامات الميدانية، تحية للمقدسيات وهن يرضعن ايات الرحمن بحليب الهبات والانتفاضات الشعبية، منذ هبة البراق حتى هبة الشيخ جراح وباب الرحمة وباب الاسباط وباب العامود والعيسوية، مخاض القدس تحركه دائما منذ وعد بلفور حتى الان اياد نسائية.