عشق القدس في رواية”النهر لن بفصلني عنك” للكاتب الأردني رمضان رواشدة
هدى عثمان أبو غوش | فلسطين
في روايته”النٌهر لن يفصلني عنك” الصّادرة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع في عمّان ينتصر الرّوائي رمضان الرّواشدة لحبيبته بالحرف بالقلب بالروح والجسد، ويؤكد من خلال العنوان الذي جاء بصفة النفي عن مدى عمق صلة الحب بين الراوي وحبيبته القدس، وليشير إلى عمق الترابط بين الشعب الأردني والفلسطيني. ولذا يكرّر الرّاوي الجمل (اطمئني، أنا لحبيبي وحبيبي إلي)التّي تتعلّق بثباته وإخلاصه للحبيبة.
رواية غير تقليدية، تتمرد على الأسلوب الروائي للرواية، فهي تمطرنا بالسّرد الذاتي في استخدامه الفعل المضارع المتكلّم الذي يرفرف كالفراشات في صفحات الرّوايّة وبحر المشاعر والأحاسيس العميقة، التي تصف حال المدينة، حيث تتدفق العاطفة بشكل كبير من البداية حتى النّهاية، فتفيض نهرا من قلب الرّاوي يوسف بن اسماعيل، وتتجاوز الحدود والمدن، من الأردن إلى القدس في سرده عن لوعته وأشواقه وحزنه على المدينة المعذبة، وتهتز قوة العاطفة بالصلوات، الحنين،والحب بالقسم.
هذا السّرد أشبه بمونودراما تنزف بالوجع والآه إلى ما آلت إليه القدس تحت الإحتلال وتهويد للمكان، في كون البطل شخصية واحدة (يوسف بن إسماعيل) الّذي يستحضر عدّة شخوص دون اسم. في وصفه لإغتصاب المدينة، سائق، امرأة، السّمراء الغريبة كناية عن الجندية، اللحى الكثيفة وهو يقصد اليهود المتدينين.عدا شخصيّة الملك الحارث المعرفة.
وقد استخدم الحوار الداخلي، المناداة، التّساؤلات والمناجاة في مناجاته للخالق وحواره مع قرينه وقرينته، ليعبّرعن مدى وجعه من الخذلان العربي تجاه القدس.
يستحضر الراوي التّاريخ من خلال ذاكرته القديمة وهو يشاهد الذاكرة المستباحة اليوم، فيتنقل عنصر الزّمان بين الحاضر والماضي، ليثير في ذاكرة القارئ شعلة الأمل والنّصر رغم القهر والظلم، ويستنكر بحرقة وجه المدينة الجريحة.
يتحدث الراوي بلغتي الرّوح والجسد، فالرّوح تتكرر في الرّواية عدة مرّات، سواء في روح الصوفيّ العاشق المحب للخالق، أو الرّوح المتمردة التّي يلتقي بها على هيئة امرأة، أو في صرخات روح الذاكرة القديمة. يقول الرّاوي:أسمع صرخات الرّوح منذ عاد وثمود.”
أمّا لغة الجسد،فنلاحظ أنّ الرّاوي يربط سرد أوجاعه من خلال الحواس، كحاستي البصر والسّمع، وتلك إشارة بأنّ القدس عند الرّاوي ثمينة كروحه وجسده، ولذا نلاحظ استخدامه الأفعال التّي تتعلّق بالحواس مثل:عيني، أنظر، أسمع،أرى، أشم. وقد أسهب في تعريف الجسد ومعانيه في صفحتين.
استخدم الرّوائي تقنيات عديدة في الرّوايّة، الشّعرالصوفي، القصيدة، مقطع سينمائي، مسرح، نص نثري، أقوال مأثورة، ليثير في القارئ العشق الذي لا يموت عند الرّاوي في صلته بالقدس، وليعبّر عن صراخ روحه وجسده وقلبه.
أمّا الصراع فهو في هذيانه في ما بين الماضي والحاضر والخذلان وحلمه بالوَحدة.”الذاكرة الأولى الآن تحل بين شغاف قلبي لتحملني الهم كبيرا كما حملته من قبل يوم ودعني الأهل والأصحاب، وألقوا بي في جُبّ المصيبة والهزيمة والنكبة والنكسة.” وصراعه في البحث عن الحب الذي يفقده.