شاهد.. تجربة الروائي اليمني وجدي الأهدل في المنتدى العربي الأوربي
خاص | باريس
طرحت ندوة أقامها المنتدى العربي الأوربي للسينما والمسرح ومقره باريس، مع الكاتب الروائي والقاص اليمني وجدي الأهدل مساء 27 يونيو 2021، العديد من الرؤى والأفكار حول تجربة ومشروع الأهدل، حيث اتفق المشاركون على أن الأعمال الإبداعية له شكلت فتحاً في المدونة السردية العربية وناقشت قضايا جمعت بين السياسة والمجتمع والقضايا الفكرية، وأن الأهدل أقام مشروعه الروائي على فضاءات خاصة به أرضيتها الواقع اليمني، بيد أنها منفتحة على الإطار الكوني والعالمي وأنه مارس تقنيات حديثة في كتابة نصوصه.
الندوة جاءت ضمن برنامج “ضيف المنتدى” وهي فكرة طرحها الروائي والناقد السوداني عماد البليك تقوم على استضافة شخصية فنية أو أدبية يتم التحليق في إبداعه، وبدأ المشروع مع الروائي الأهدل، بمشاركة كل من الناقد العراقي د. صبري مسلم، والناقدة العراقية د. وجدان الصائغ، ومشاركات أخرى، ونسق لها عماد البليك وتشارك في الإدارة السينمائي اليمني حميد عقبي رئيس المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح.
ابتدر منسق الندوة البليك بالتأكيد على أن تجربة وجدي الأهدل ذات فضاءات ثلاثة تقوم على البعد الرسالي والالتزام باتجاه المشروع الإبداعي والقضايا الإنسانية والفكرية، وبعد ثان يقوم على منهجية ما بعد الحداثة في الرواية العربية، معتبرا أن رواية “قوارب جدلية” من الروايات التي دشنت هذه المرحلة في الأدب العربي كما أشار في محور ثالث إلى البعد الإنساني في شخصية وجدي وعلاقاته مع المجتمع والوسط الأدبي والثقافي عامة.
الدكتور صبري مسلم أشار إلى علاقته المبكرة مع الأدب اليمني منذ أن وطأ أرض اليمن وتعرف على أدبها، مشيراً إلى تاريخ الرواية اليمينة والتحول الذي أحدثته كتابات وجدي الأهدل في مسار السرد اليمني، مؤكداً بأنه من الروائيين المخلصين لأفكاره ومشروعه الإبداعي.
من جهتها فقد أكدت الناقدة الدكتورة وجدان الصائغ على أن الأهدل أضاف قفزات إلى المشهد الروائي العربي، واستعرضت نموذجين من قصصه متوقفة مع تقنية السارد المختال كما في قصة “شارع المطاعم”، كما نوهت بما أسمته بالمقامات الجديدة في تجربة الأهدل الكتابية على نهج المقامات القديمة كما عند الحريري مثلاً، كذلك أشارت إلى اهتمام الأهدل ببناء الشخصية من الداخل أكثر من اهتمامه بالبناء الجسماني الخارجي.
شارك في الندوة كذلك الناقد العراقي الدكتور سعد التميمي الذي أكد على تماشي مشروع الأهدل مع الواقع وأنه كاتب يعيش معاناة الإنسان اليمني وبيئته، مشيراً إلى أن هذه التجربة تعكس تحولات الإنسان اليمني من البساطة إلى الثورة التكنولوجية الحديثة، وقال بأن اللغة عند الأهدل لها سياقات مختلفة تتحرك بها حسب طبيعة النصوص والنوع الأدبي الذي يكتب فيه من قصة لرواية لمسرح الخ.. وأنها لغة تتحرك من الشعر إلى الرمز حسب سياق الكتابة.
فيما أتى الشاعر عبد الرزاق الربيعي الذي عاش فترة في اليمن على الجانب الإنساني في شخصية وجدي الأهدل وتواضعه وأدبه الجمّ، مشيرا إلى قصة توسط الكاتب العالمي الألماني غونتر غراس لدى النظام السابق ليعود وجدي إلى صنعاء من الخارج بعد الغضب المحموم ضده الذي تلى نشر روايته “قوارب جبلية”، وأكد على التصاق تجربة الأهدل بالمكان اليمني.
وتوقف الناقد الأردني الدكتور عاطف الدرابسة مع رواية “فيلسوف الكرنتينة” لوجدي الأهدل وأنها تمثل ثورة على الثوابت وخلخلة للقيم التقليدية، وهي تخلل العقل العربي بما تحمله من رموز قوية وتوريات كالقحطاني الأكبر والمقبرة التي هي رمز لأي دولة ولأي مكان تسيطر عليه قيم معينة، والمقبرة، والديدان، والزمن الذي يقاس بالجثة، مؤكداً أنها رواية تعارض ما هو ديني بما لاديني، وتحطم النموذج.
وأضاف الدرابسة بأن السرد في الرواية مكثف لا حشو فيه، وأن إيقاعه جاذب، وان القارئ لن يترك الرواية قبل أن يكملها، وهي تعيد ردّ الاعتبار لمركزية الإنسان في العالم وقال بإن الأهدل روائي مهووس بالتغيير وهدم الثوابت بشكل غير مباشر.
وتعرض الأديب السوري صبري يوسف إلى تجربة الأهدل في رواية “بلاد بلا سماء” وأن السماء هنا تعبر عن الحرية والانفتاح، وأن الأهدل انتصر للمرأة في الرواية، كما أبدى تساؤلات حول سبب تعرض الروايات القوية والصارخة ضد الرجعية للتعنيف والمنع من القراءة في العالم.
وأشار محمد مثقال أحد المتداخلين في الندوة إلى أن الأهدل استخدم تقنية السرد الريبورتاجي كما السرد الفولونوجي بتعدد الأصوات.
الدكتورة اللبنانية دورين نصر أشارت إلى أن الأهدل يرسم في قصصه لوحات فنية عن الواقع بشخوص حقيقية.
ومن ضمن المتداخلين ومن طرحوا الأسئلة د. وافية حملاوي وسهير علوي.
وإجابة على الأسئلة التي طرحت في الندوة أكد الأهدل الذي شكر المشاركين جميعاً وأثنى على فكرة الندوة وأنه يعتبر من أهم الندوات في حياته، بأنه تأثر بنجيب محفوظ وقرأ له مبكراً وقال رداً على سؤال حول الواقعية السحرية في أدبه، بأن اليمن برمته يعيش في واقعية سحرية، وأشار باقتضاب إلى أن يستوحي قصصه وكتاباته من حكايات واقعية يعيشها ويسجلها.
اتفق المشاركون في الندوة على ولاء الأهدل للمكان اليمني وصنعاء بالتحديد التي لم يهجرها، وقال الأهدل بأن الكتاب يغترف من بئر المكان، ويكتسب حيويته منه.
وأجاب على سؤال حول عدم اهتمامه بالعودة لقراءة أعماله بأن الكاتب يجب أن يقطع علاقته العاطفية بأعماله كي يستطيع أن ينتج الأفضل.
كما أشار إلى دور العقل الباطن أو اللاوعي في الإجابة على بعض الأسئلة المستعصية في الكتابة.
أتت الندوة على مفاهيم مثل نظرية التلقي وإشكاليات القراءة في المجتمعات العربية، وعلى قضايا الحريات الأدبية، وطاقة الكتابة نفسها وأن قلة الكلام والهدوء عن الأهدل ينعكس في طاقته الكبيرة التي تظهر في الكتابة.