في المتواتر والآحاد

د. خضر محجز | فلسطين

ليس أغلب الناس فحسب، بل أغلب دارسي الشريعة كذلك، يخلطون عمداً، أو يختلط عليهم الأمر، في معرفة المتواتر من الحديث: فيظن غالبهم ان كل حديث صحيح هو متواتر. أو أن ما ليس متواتراً هو حديث ضعيف.

والحقيقة غير ذلك وفق علم مصطلح الحديث.

فالحديث الصحيح ينقسم إلى قسمين: متواتر وآحاد.

فأما المتواتر فهو صحيح قطعاً، ويفيد الاعتقاد، أو ما يقال عنه العلم اليقيني.

أما الآحاد فصحيح ظناً، ويفيد العمل فقط، أو ما يقال عنه حلال وحرام.

ولكي نخفف المؤونة على الراغبين في التعلم، سنحاول تقريب معنى التواتر لمن طلبوا ذلك:

فحين نقول عن حديث بأنه متواتر، فمعنى ذلك أن ثمة عدداً كبيراً من الصحابة، نقلوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قاله.

ولأن علم مصطلح الحديث هو علم دنيوي بحت، فإن العلماء لم يتفقوا حتى الآن، على العدد الذي يمكن اعتباره (كبيراً) هنا: بمعنى أنهم لم يتفقوا على حد التواتر.

ولأن ذلك كذلك، فدعونا نحاول أن نقول على سبيل المثال إنه سبعة. ونرمز لهم بالمخطط الآتي:

الطريق الأول: البخاري عن 1 عن 2 عن 3 عن 4 عن (جابر) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق الثاني: مسلم عن 5 عن 6 عن 7 عن 8 عن (أبي هريرة) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق الثالث: الموطأ عن 9 عن 10 عن 11 عن 12 عن (ابن عباس) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق الرابع: أبو داود عن 13 عن 14 عن 15 عن 16 عن (ابن عمر) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق الخامس: الترمذي عن 17 عن 18 عن 19 عن 20 عن (أبي بكر) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق السادس: ابن ماجة عن 21 عن 22 عن 23 عن 24 عن (أبي بكر) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الطريق السابع: النسائي عن 25 عن 26 عن 27 عن 28 عن (أبي بكر) عن الرسول صلى الله عليه وسلم

لاحظوا يا أصدقائي أن كل كتاب حديث يروي النص منقولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق مختلف

فالبخاري مثلا ينقل عن 1 الذي يروي عن 2 الذي ينقل عن 3 الذي يروي عن 4 ومن ثم يروي 4 عن الصحابي الذي يقول لنا: قال رسول الله كذا وكذا

هذا الذي ذكرناه هو طريق واحد

فإذا تم نقل نفس الحديث بطريق المخطط المذكور كان متواترا، على خلاف في عدد التواتر

مع ملاحظة أن كل هذه الأرقام تشير إلى أشخاص مختلفين لا يتكررون في أي مرحلة

النص الذي يتم نقله بلفظه بهذه الطريقة هو متواتر

أما النص الذي يروى بطريق واحد او بما لا يتوافر فيه عدد التواتر، فهو حديث آحاد.

أرجو أن أكون قد أوضحت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى