بعض الكلام في زمن الوجع

فايز حميدي | شاعر فلسطيني – السويد
-١-
نحن يا صَاح أيتام الدّهر
وحكايتُنا سَفر الطَلقة بالدَّم
كم نُكئت جِراحُنا ، وَسُفكت دِمَاؤنا
وتنازعتنا الدُّروب ؟!
كم ابتعدت مَراكبنا ونأت سواحِلنا
والجُرحُ يُعاندُ ؟!

كلما أورقتْ أغصانُ الدُّجى
وأضاءَ الليلُ العميق نِجماً
قُلنا هذه خُيوط الفَجر وَحصاد السِنين !!
فتحمِلُنا سَحابةٌ كَيدٍ حانيةٍ
في لحظةِ دفءٍ
فنجدُ الأكليلَ شَوكاً ووَهماً
قارورةٌ من سرابٍ
بَقايا من غُبارٍ ، ظلامٌ عَتيد …

بئسَ الزَّمان
ماذا تَفعلُ ظِلالُنا يا صَاح
في ترحَالنا المرُّ
وكلُّ البلاد تُحاصِرُنا ، والآسى دَامي
والجَحيمُ يَتناسلُ !!

-٢-
أيُّها القلب
يا قلبيَّ التّائه المُجهدُ
يا أصفرَ الخَدينِ ، وَبستانُ القَلق
على رِسْلِك …اصغِ :
كم تَغرَّبنا وَتذوقنا مرُّ الشتات
وَحملنا في غَسقِ التيهِ
وجَع الأرصفةِ وخيَانة العَسكر ؟!

كم تَغرّبنا !؟
من وطنٍ إلى خيمةٍ
ومن مَنفى إلى مَنفى إلى تيهٍ
عُمرٌ تقطعَ بالإنتظارِ
وليلٌ وَاسع المَدى
كمْ امتدَّ حِصارنا ؟!
وكمْ سُقينا في خضمِ طَوافِنا :
مِلحُ البَحرِ
واستدارةُ الفصولِ
وظلمُ الأمكنةِ
( وأعدوا لنا القبرَ والزّهرَ والشّاهدة )^
وكمْ ضعنا في سَراديبِ الشِعاراتِ المُجوَفة ؟!
وكمْ لعبنا معَ الموتِ
وَترجينا الإله لنحرسَ الحَياة ؟!
وَكمْ زَرعنا الخَصب من حولِنا
وَأزهرَ اللّوز واليَاسمين والتُفاح وَالقرنفُل ؟!
وَضربنا الأرضَ باصرارِنا
وفي مآقينا:
جَارةُ السَّماء^
ووجعُ المَدى
ونِداء الحَنين
وابتسامة الكفاح
وفتحنا في رئةِ العيشِ ممرَاتنا
بِغنى وَامتلاء
ببحرِ الضِياء
ولم نَخلع قمصانِنا
ولم نَحرق جُذورَنا
روحُ الحياة وسرُّ البَقاء !!
فما زالَ بوحُ البُرتقالِ والزَيتون
حلمُ غَدِنا وربيعُ حياتِنا
وكم ضَاقتْ بِنا – يا الله – هَذهِ الدُّنيا الرَّحيبة !! .
محبتي
^شطر من قصيدة حصار لمدائح البحر/ الشاعر محمود درويش .
^جارة السماء: فلسطين .

_________________

( القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى