مفهوم الكتابة
بقلم: د. أحلام الدميني | اليمن
Painting by Antonio Guzman Capel
ليس كل من كتب صار كاتبا، حيث أن الكتابة أسلوب تم استخدامه منذ قديم الأزل، والتي بدأت عن طريق النقش على الحجر لتدوين مايريده الإنسان، ثم أنتقلت إلى الكتابة على أوعية أخرى كالرق والبردي الذي اخترع في بداية القرن الثاني الميلادي إلى أن تطور تاريخ الكتابة من الأسلوب القديم إلى الأسلوب الحديث من خلال الآلة الكاتبة والطابعة والحواسيب إلى أن ظهرت الكتب الالكترونية والرقمية.
وبالتالي؛ واقع كل زمان ومكان في حياة البشر خلال العصور القديمة والحديثة المتعاقبة، كانت تفرض وسائل وطرق تحقق وتضمن مايريده كل كاتب في شكل ومضمون كتاباته، ليخرج بأفضل وأجود صورة، لذلك من الشروط التي يجب توفرها في الكاتب هي المعرفة والإبداع والإنتاج الفكري المبني على واقع التجارب حتى تكون تلك الكتابات ذات مصداقية وثقافة وواقعية وموضوعية، تجعل كل من يقرأ الكتاب يخرج بفائدة وخلاصة تزيد في رفع منسوب مالديه من ثقافة عامة أو متخصصة.
ومن أبرز القضايا التي يجب على الكاتب معالجتها، هي القضايا التي تتعلق بحياة المجتمع والشعب بشكل عام، ليكون أفضل في كل المجالات العلمية أو العملية أومعا، والتي تمشي مع كل مرحلة يعيشها المجتمع، لتظهر الحلول الجذرية والبدائل المناسبة في أن تتحول وتتغير ثقافة المجتمع نحو التفكير والعمل الإيجابي الذي يحقق الحياة الكريمة والرخاء والازدهار للدولة والشعب.
لذلك يستطيع الكاتب أن يقنع متلقيه بمايريد طرحه عندما يكون ما يكتبه ناتج من قراءة شاملة وتقييم شامل ومقارنة شاملة لكل ما عاشه المجتمع وما يفترض أن يعيشه المجتمع لبناء مستقبل أفضل في كل مجالاته.
فالكتابة لها أهداف وأعراض متعددة ومتنوعة قد تكون تلقائية كالشعر أو القصة وقد تكون نتيجة اجتهاد شخصي تُحقق خلاصة ما يتطلبه واقع الكاتب أو المجتمع كالبحث العلمي أو سرد المذكرات والتجارب التاريخية والوطنية.. الخ..
والتي كليهما يمثلان إشباع للفرد والمجتمع في تنمية الوعي والثقافة الإيجابية المطلوبة في أن يكون مفهوم الكتابة عامل زيادة في رصيد الفرد والمجتمع نحو التحول إلى واقع الأمم والمجتمعات المتقدمة والناجحة خصوصا في مجال التعليم والبحث العلمي والأدبي والثقافي، لأنها تمثل صناعة لتاريخ وحضارة وواقع جديد ومستدام لكل أمة من الأمم، بأن يشار لها بأنها الأفضل وتتمتع بالتميز الحقيقي الذي جعل الفرد والمجتمع يلامسان هذا التميز والنجاح من واقع ما ينتج من تنمية للوعي الوطني والثقافة الإيجابية.
وبالتالي الكتابة ثروة إنسانية قيمة للفرد والمجتمع معا في حالة تم الاستفادة منها بالشكل الإيجابي والمطلوب، لأنها تمثل المسار الطبيعي لفطرة الإنسان. لذلك كل ما يكتب من خلال الكُتاب بغض النظر عن توجهاتهم الايدلوجية والسياسة…الخ بالامكان أن يتحول إلى أفكار ودراسات ومشاريع سواء لدى الدولة ومؤسساتها أو القطاع الخاص أو الهيئات الثقافية والمجتمعية في الحضر والأرياف.
ومن هنا سنجد أن هذا التنوع والتعدد المطلوب للكتابة خرج بفائدة للأجيال القادمة لأن يظهر بالشكل المعتدل والوسطي والمتوازن في المستقبل الذي يحقق مفهوم المدنية والحداثة والحرية والكرامة والعدالة والمواطنة المتساوية.
ودليل ذلك ما يكتبه الغرب وماهو دستورهم الوضعي وكيف هو اليوم واقعهم وواقع مجتمعهم من الأدباء والعلماء والمتخصصين …الخ. وبين ما يكتبه العرب للعرب وماهو دستورهم الوضعي، وكيف هو واقعم اليوم وواقع شعوبهم، سنجد أنهم يعملون ثم يتكلمون، أما نحن فنتكلم دون عمل ومشروع وطني للجميع.
وبالتالي، هناك وسائل كثيرة من شأنها أن تضع ما يكتبه الكاتب يصل إلى الناس بشكل شامل ومبسط وممتع ومختصر من خلال تحويل الكتاب إلى قناة في اليوتيوب أو مسلسل درامي أو سيناريو في مسرحية أو أفلام تعالج أو تناقش قضايا ماتم طرحه في الكتابة.
لذلك لم يعد الكتاب الورقي أو الالكتروني الوسيلة الكافية في أن تجعل المجتمع يقتنع أو يتأثر بالكاتب وكتابه. ومن هذا المنطلق فإن استخدام كل الوسائل والطرق التي تضمن محتوى ومضمون الكتابة سواء كانت تقليدية أو حديثة، واستخدامها الاستخدام الأفضل والمناسب لتوصيل رسالة الكاتب سواء بالشكل المقروء أو المسموع أو المرئي، هي من ستضع المفهوم الحقيقي لكتابة ما كتبه الكاتب.