حل الدولتين بات من الماضي والحلم الصهيوني في فلسطين يتحقق

عدنان الصباح

دولة عربية في غزة تحت الحماية الدولية، ودولة يهودية خالصة في ما تبقى من فلسطين ومعازل للأغيار “من غير اليهود” بلا رابط بينها تخضع للحكم الذاتي في كل المدن والقرى العربية في كل أرض فلسطين هذا هو الحلم الصهيوني على أرض فلسطين.

ليس أسوأ من أن تتنازل للغير ويرفض الغير تنازلك أو القبول بك ويواصل إعلانه عن عدم وجودك أصلا فهو يعتمد مبدأ واصل كذبتك دون تردد ولا تراجع حتى يصدقك الآخرون لأن أحدا على وجه الأرض لا يثق ولا يصدق مترددا أو متنازلا أو قابلا بالحلول الوسط على حسابه دون سبب اللهم إلا ضعف حاله وانعدام قدرته على إحقاق حقه ذلك أن أيا من شعوب وأمم الأرض لم تقبل بتقسيم أو تقاسم أرضها إلا في الحالة الفلسطينية فقط. فقد أعلن الفلسطينيون مسبقا قبولهم بتقاسم أرضهم مع المحتلين وأعلنوا قبولهم بحقوق المحتلين على حساب أنفسهم حتى دون أن يوافق هؤلاء المحتلون على قبول تنازلنا.

لا يمكن في الواقع لحل الدولتين أن يصبح حقيقة لا في السياسة ولا في الجغرافيا ولا في المجتمع فكل الحقائق على الأرض تثبت أن ذلك بات من الماضي ففي الضفة الغربية مستوطنات تسد عنا قمم جبالنا وفي القدس باتت اليهودية واقعا على الأرض بعد كل الدعم الأمريكي الذي يلقاه الاحتلال وكل الصمت من الجهة المقابلة وما الكفاح اليومي الذي يخوضه أهلنا إلا فعلا مقدسيا يتعاظم يوميا وتدفع القدس وناسها ثمن ذلك دون وجود ما يشير إلى أننا نملك رؤية أو استراتيجية أو استعدادا لفعل يمنع تهويد عاصمة بلادنا ورمز وجودنا.

أخر حكومة إسرائيلية والتي حصلت على الثقة في برلمان الاحتلال بدعم من الأصوات العربية قالتها بوضوح: (لا دولة فلسطينية ولا حقوق سياسية وإن كل ما يمكن أن تحصلوا عليه هو فقط ما يشبه ما حصلت عليه قائمة منصور عباس للحاق بحكومة بنيت – لبيد) ومع ذلك لم تنتفخ أوداجنا ولم نفعل شيئا وكأننا نقول لهم: إننا أعجز من أن نحاول حتى فعل أي شيء.

الاستيطان يتواصل ويتعاظم والضغط على غزة بكل الطرق ومن كل الجهات هدفه فقط تنفيذ شعارنا عن الدولتين ولكن في غزة وحدها وتنفيذ اتفاق الحكم الذاتي على شكل معازل ليس في الضفة الغربية فقط ولكن أيضا في المدن والقرى العربية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 وهو الحلم الذي تعيشه وتسعى إليه دولة الاحتلال هذه التي لا تجد نفسها مرغمة على تقديم ما هو أكثر وعلى العكس من ذلك أنهم يعتقدون أنهم يقدمون لنا أكثر بكثير مما نستحق.

لماذا ستعطينا دولة الاحتلال دولة خاصة بنا وتقتلع المستوطنات إذا كنا قد قبلنا في الأصل مستوطناتهم على أراضي الساحل الفلسطيني والجليل والمثلث والنقب ووداي عارة وأعلنا من تلقاء أنفسنا في عام 1974 عن اعترافنا بدولة الاحتلال وقبلنا بالمستوطنين كدولة بعد أقل من ثلاثين عاما من حرب 1948 فماذا سنفعل بعد كل هذا الزمن من انتظار قرارات الأمم المتحدة ومهزلة الشرعية الدولية وسخافة المساعدات الإنسانية التي نحصل عليها ثمنا لصمتنا.

لماذا سيمنحنا الاحتلال ومعه الشرعية الدولية دولة خاصة بنا ونحن أنفسنا منقسمين منذ سنوات طويلة دون أن يبدو في الأفق إن هذا الانقسام سيزول بل على العكس من ذلك فهو يتعمق يوما بعد يوم حد القطيعة في معظم الحالات وحد الاختلاف في كل شيء بما في ذلك الأحلام والآلام فلم يعد للفلسطيني حلما واحدا ولا حتى ألما واحدا فلماذا إذن سيتعب العالم نفسه بنا ونحن نعلن انتظارنا لرضاه دون حدود ولا تواريخ ولا نلزمه بفعل شيء. لماذا سيهتم العالم بنا؟ ولبنان له مأساته وسوريا والعراق وليبيا واليمن ولم يعد لعربي إلى عربي سبيل سوي؟ لماذا إذن ستقبل دولة الاحتلال طواعية منحنا دولة ونحن قد نكون الشعب الوحيد الذي يدفع الرشاوي للحصول على جنسية عدوه متنازلا عن جنسيته الوطنية؟! وقد نكون الشعب الوحيد الذي يدفع الرشاوي للحصول على تصريح عمل في مشاريع عدوه وقد تكون الرشاوي تأخذ أكثر من نصف ما يجنيه من عمله؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى