اختبار بقعة حبر لـ “روشاخ”

رضى كنزاوي | المغرب

قصة قصيرة

أن تحمل مسؤولية التنظير بفكر معادي للراسمالية الأمريكية وتعدم بعدها، ربما كان أهون من أن تحشر نفسك تحت وطأة ضغط الخجل وتحمل “وصلة “خبز أمي زهرة إلى فران الحي ، مصير بطن أسرة بكاملها بين يدي ، وأي حاجة غير الجوع أخرجت شعوب العالم ثائرة إلى الشوارع…

في خضم برهة زمنية باهتة المناخ، تحديدا حوالي العاشرة صباحا،  دلفت أمي زهرة من الزنقة حيث يقبع بيتها آخر المسلك الضيق، غرفة إيجار صغيرة لم  يطأها ضوء او نسيم منذ ان شيد جدرانها مالك المنزل “با المكي “في ستينيات القرن الماضي، فاصبحت الغرفة دون مغالاة في زاد ذات البؤس، مأوى للفطريات والبرودة والروماتيزم ومرض الربو.

بحكم المفاهيم التربوية التي نشأنا عليها داخل وسط الجماعة الشعبية، كان من ثامن المستحيلات ان تنشق على الأعراف الراسخة الأصول وترفض طلب امرأة تعد بمقام أمك.

لذلك أخذت اللوح الخشبي بتأسف داخلي شديد، وإحساس بالخوف من خطورة المأزق بين يدي ! وكأنني تنبأت سلفا بمصير العجين الذي لن يصير خبزا ولو حافيا في رواية شكري، ومقارنة بسني وقتئذ كان وزنه نسيبا غير مكافئ لبنيتي الجسمانية، ما شكل العامل الرئيسي لما ستؤول اليه الأمور.

قطعت تقريبا ما يزيد عن نصف الشوط، ولم يعد يفصلني بفران الحي سوى بضع أمتار،  لكن هيهات!، كان التعب قد نال بضرواة عنيفة من عضلات ذراعي الهزيلة، حتى أنها من شدة التشنج والحروق المنبعثة عن تمزقات الألياف… إن تصلبت فكِدتُ أفقد الإحساس بها تماما، وماهي إلى خطوة أخرى …حتى جاء الفرج، لكنه فرج لا يخدم للأسف صالح المبتغين، إذ وفجأة …أصبح اللوح خفيفا كالريشة، بين يدي التي أطلق سراح عذابها أخيرا، وبدل أن يستقر العجين  في بيت النار، كان في التراب  مشوها ولا أدري لما انتابني تصور شاذ غريب أنه يشبه فلقة مؤخرة مترهلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى