شغل فلاحين
مروة فهمي | مصر
تُري لما عندما نريد أن ننتقد شيئاً، نتوجه فوراً إلي قول تلك الجملة، إذا رأينا أحد يرتدي ثياب تبدو واسعه أو غير مهندمة علي الفور ”ده أكيد فلاح“. عندما تقابل بنت في مكان، مول مثلاً وتجدها لا تُسلم على الرجال ”دي أكيد فلاحة“، ربما يتطور الأمر أحياناً أن نقول ”دي بيئة“. الغريب في الأمر أن بنفس كثرة قول هذه الجملة تقال جُملة أخرى ”إحنا فى مصر“، تُقال عندما نريد أن نبرر أي خلل في المنظومة ليست العامة فقط ولكن الخاصة أيضاً.
دعوني أشرح لكم مقصدي، أكم لنا من زملاء ومعارف وربما أصدقاء عندما نتفق على موعد يتأخرون عن هذا الموعد. لا أعرف أهو من المضحك أم المحزن أنه عندما نتخذ موقف أو نغضب عندما يتأخرون علينا، تنقلب الكفة ونصبح نحن ”الغلطانين“ فى أخر الأمر. فنحن من نُكبِر المواضيع، ونحن ”الحساسين بزيادة“. لأُحددها هنا أكثر أنه من المحزن أن أغلب من يبررون عدم التزامهم بالمواعيد أو الكلام بشكل عام بل عندهم أنه لن يحدث شئ عندما يتراجعون عن كلماتهم، هم متعلمون بل وتخرجوا من كليات قمة كالطب والهندسة. فعندهم هذه الشهادة سبب كافي بأن يتأخروا أو يكذبوا أو لا يحترموا الأشخاص الذين يتعاملون معهم.
دعوني إبتداءاً من هنا أعود إلى الجملة الأولي ”شغل فلاحين“، أتعرفون الفلاحين والذين هم أغلبهم غير متعلمين ولا يعرفون حتى كتابة أسمائهم ماذا يفعلون؟ إن عندهم مواعيد عمل يحترمونها جيداً لأنها وببساطة ”أكل عيشهم“ والتي بدونهم لن تجد الباتون ساليه التي تأكله أيها المتعلم.
إنهم يستيقظون وينامون بموعد، إنهم يزرعون بموعد ويحصدون بموعد. إنهم يروون محصولهم بموعد، يعتنون برش المبيدات والأسمدة في المواعيد المحددة حتى لا يتلف محصولهم ولا يضيع عملهم هباءاً، والأهم حتى يبارك لهم الله في رزقهم.
أتعرف أيها الدكتور كم من أم وأب مُتعبون سواء من عملهم أو بدافع السن يأتون مع أولادهم وبناتهم، أتعرف كم أم تركت طفلها الصغير مع الجيران أو مع والديها الكبار في السن، وغيرهم الكثير والكثير من الأمثلة وأنت متأخر علي موعدك بكل برود وعدم أي إحساس بالمسؤولية؟! أتعرف أيها المهندس عدم إهتمامك بموعد ومعايير الصبة أو الأسفلت يؤدي إلي كم مصائب من حوادث وموت عائلة أو أبناء وشباب فقط كانوا يأملون بوقت يترفهون به؟!
إن الإلتزام أيها المواطن من تعاليم ديني وليس من تعاليم بلدي، فالأهم عِندي هو ديني وأخلاقي الذي بُعث حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُتممها.