لماذا يحب الفلسطينيون جمال عبد الناصر؟
د. خضر محجز | فلسطين
لماذا يحب الفلسطينيون عبد الناصر؟. سؤال دائم التردد على ألسنة المصريين والعرب. وفي البداية دعوني أقل بأن هذا السؤال، منذ بدايته، هو سؤال من لا يعلم، أو من لا يفهم، أو من لا يحب.
أما أن الفلسطينيين يحبون عبد الناصر، فهذه حقيقة لا مراء فيها، رغم وجود بعض من يشذ عن القاعدة، مثل كل الأشياء. فأنا أعرف عرباً يحبون اليهود أكثر من العرب، وأعرف نساء يتلذذن بصفعات (رجالهن)… لكن ذلك لا يمكن أن يكون هو القاعدة. فالقاعدة أن عبد الناصر لم يغب عن بيت الفلسطيني في غزة ورام الله واللد ويافا وعكا والمخيمات، كما لم يغب عن وجدانه..
فيا رب، يسألوننا لم نحبه؟. وهل يُسأل الفقير إن كان يحب من أحسن إليه، بالقوت والكلمة الطيبة؟. هل يُسأل المحتاج إن كان يحب من علم أبنائه بالمجان وأنفق عليهم؟. هل يُسأل الثوري إن كان يعشق من أقام ثورته ومولها؟. هل يُسأل المثقف إن كان يحب من أمده بأفضل الكتب بأسعار في متناول اليد؟. هل يُسأل الحر إن كان يحب من أوقد في صدره الشعلة، ووضع قدمه على الطريق؟. هل يُسأل الفلسطيني إن كان يحب من فتح له أبواب أم الدنيا، وعامله سيداً في بلاد أمه؟
لعل أحداً غير فلسطيني يستغرب من فرح الفلسطيني برئيس مصري يفتح له أبواب مصر. إن مصر لأهل فلسطين هي الدنيا، هي الكون، هي الجنة، هي الحياة خارج الحصار، ونافذة الإطلال على العالم. فهل تعرفون، يا إخواني المصريين، أن الفلسطيني من غزة، حتى اليوم، يوقف على كل منافذ مصر بالأيام ـ لا بالساعات ـ بطريقة مهينة ذليلة، في نفس اللحظة التي يرى فيها عدوه الصهيوني يعبر، في دقائق، آمناً محترماً رافعاً رأسه، محدقاً في طوابير الفلسطينيين المهملين على أرض المنفذ، بشماتة. كل هذا جرى طوال عهد الرئيسين التاليين لعبد الناصر، ولم يحدث في عهد عبد الناصر.
نحب عبد الناصر لأنه كان يبكي لبكائنا قبل أن نبكيه.
نحب عبد الناصر لأنه عاش لأجلنا ومات في سبيلنا.
نحب عبد الناصر لأنه الحلم الوحيد الذي لا نزال نحلمه منذ عام 1952.
نحب عبد الناصر ونحن واثقون من عودته. ولن نمل الانتظار.