حدثني عن إنجازك

د. علي الدرورة

رئيس منتدى النورس الثقافي الدولي بالقطيف
في ديسمبر من كلّ عام أطرح على نفسي ذات السّؤال، نعم، إنه ذات السؤال الذي يتكرّر ولم تتغيّر كلماته ولم تزد حرفا أبداً: ماذا أنجزت هذا العام؟.

اثنا عشر شهراً مضت كنّا فيها كادحين ونجري فيها بكلّ ما أوتينا من قوة وعنفوان، وفيها أكلنا وشربنا وضحكنا وتحدّثنا ونمنا، وأمور كثيرة فعلناها، وفي آخر يوم من ذات العام الذي نحن فيه ننسى كلّ ذلك!،
ويبقى شيء يخلّد معنا ينتقل للعام الذي يليه، إنه إنجازنا.
فماذا أنجزنا خلال عام كامل بأيامه ولياليه ومواسمه!.

نحن ندرك تماماً بأنّ الفلاح يزرع في حقله أو بستانه وينتظر موسم الحصاد، ولكننا لم نسأل أنفسنا:
ماذا جنينا من حصاد عام كامل؟.
هل ألّفت مسرحية؟
أو ألقيت خطبة؟
أو ألفت كتاباً؟
أو كتبت 12 قصيدة أو 12 مقالاً أو 12 قصة قصيرة؟
هل زرت 12 مريضاً؟
وهل أدخلت السّرور على 12شخصاً؟ وهل ساعدت 12 فقيراً؟
وهل صمت 12 يوماً تطوّعاً؟

وهكذا الأسئلة تتوالى، فإذا كانت إنجازاتك متوافقة مع عدد الشهور فأنت فعلاً إنسان منجز وقد أفنيت العام المنصرم في فعل الخير لك في الدنيا وفي الآخرة.

هناك من يضع في خطته السنوية في شهر يناير، أي في مطلع العام بأن يكون عامه مليئاً بالنقود وتجده
يجري كما تجري الوحوش، ليس له همٌّ سوى الأكل وإشباع غرائزه فقط لا أكثر، وفي نهاية العام قد يبيت وليس عنده أيّ مدّخر يذكر!!!.

وكما يقول المثل: (لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش)، فلو كان العمل إنسانياً، فإنه بذلك يدخل السّعادة على الآخرين ويساعدهم ويعينهم، ويزور المرضى ويكتب في ميزان أعماله، ويؤلف كتاباً وينشره بين الناس ويحسب ضمن إنجازاته للعام المنصرم.

إنّ الإنجاز مهما كان نوعه، سواء كان خيرياً أو ثقافياً أو اجتماعياً أو غير ذلك مما له النفع على أبناء المجتمع المحيط به فذلك خير وبركة.

وأيضاً كفّ الأذى عن الناس يُعدّ إنجازاً، وعلى العكس منه الذي تخاصم مع 12 شخصاً وبمعدّل شخص كلّ شهر، فهذا ما يراكم العداء وسواد في القلب وزيادة في الأعداء للشخص نفسه وكان الأولى نشر المحبّة والسلام بين أفراد المجتمع.

إنّ نشر الأعمال السّلبية في المجتمع هو عمل سوقي يضع الإنسان في الحضيض، وعلى العكس منه عمل الخير، حيث يرتفع المرء درجات للعلا، ويكسب أجراً عظيماً عند الله ويحظى بالمكانة في المجتمع وينظر إليه على أنه إنسان منجز.

فما أروع أن تكون إنساناً منجزاً عاماً بعد عام، ويكون عمرك مبارك وكلّه إنجازات تفاخر بها أنت شخصياً، ويفاخر بها أهلك وتفاخر بها الأجيال.

وتبقى الإنجازات تحكي نيابة عن صاحبها مهما امتدّ بها الزمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى