في رحاب الحرمين
الشيخ السفير هلال السيابي – سلطنة عُمان
{بين اليقظة والمنام أو فيهما معا.. أطلت ذكريات الوقفات السوالف في العراص الطاهرة وما صاحبها من مشاعر جياشة ..فكانت هذه الأبيات ترجمة لذلك}.
سلامُُ عليها من قرىً ومدائنِ
وحيٌَا ثراها كلٌُ هامٍ وهاتن
///
أثرنَ رِكابي – والهوى من طباعها –
إليها، وأشعلنَ اللٌظى بظعائني
///
و عرفنني معنى الصبابة والهوى
وتيمنني منها بشتى المفاتن
///
عرفت بها من نفحة الخلد عرفها
وقبٌَلت منها كل أحور شادن
///
إذا تيمتني الساجعات بدوحها
فلي من عيون الزهر ألحاظ فاتن
///
فمن نرجسٍ ضاحٍ، ومن سوسنٍ نَدٍ
ومن قدٌِ آس كالصوارمِ طاعن
///
أقبله حينا، وحينا أضمه
وألثمه حينا وإن كان رابني
///
ومابيَ منه غير أنفاسِ مولعٍ
ولوعةِ مشتاقٍ ونزعة واتن(1)
///
أبثٌُ حمامَ الأيكِ أشجانَ لوعتي
وأودِعُ برقَ الأبرقين كوامني
///
ولو عَلِما ما بينَ جنبيٌَ منْ هوىً
لما اضطربا إلا بما كان هاجني
///
على أنٌَ ما بينَ الجوانحِ شأنُه
– وإن جلٌ – يبقى أمرُه غيرَ باين
///
أبالغ في كتمانه، و لَعلٌه
لأشهرُ من بدرِ السما للمعاين
///
فيا لفؤادي بين سِرٍ ولوعةٍ
يسيرُ، ولكن دربه غير آمن
///
تعلقٌ أمرا قد أنيطَ بمفرقِ الثريا
على رغمِ الخطوبِ الحوائن
///
وبات يراعيه، أكان بواضحٍ
من اليومِ، أم قد كان منها بداجن
///
وحقٌَ لنفسي أن تهيمَ بهمّها
وإن لم يكن بالأيسر المتطامن
///
علقتُ الهوى، والرٌوحُ وثابة الهوى
لما لم تنله من سناً أو تعاين
///
تساقت جيادي من كؤوس سلافه
وسارت عليه في البحار سفائني
///
وكلٌُ هوىً إلا هواه مذمٌمُُ
وكلٌُ فؤادٍ دونَه غيرُ ساكن
///
فليس الهوى العذريٌُ فيه بمأثم
ولا السكر يوما في هواه بشائن
///
وأنىٌَ ودربُ المجدِ متٌضِحُ الصٌُوى
عليها، وركبُ المجدِ واري الصوافن
///
فرعياً ليومٍ قد سما بي منوٌراً
وأشرق بي بينَ الربا والشواجن
///
وأنزلني منها بأسمى مجرةٍ
وانهلني من مائِها غيرَ آسن
///
أتى بي إلى ” أم القرى” زهوةَ الضحى
فلم أرَ أزهى منهما أو أعاين
///
وحسبيَ فخراً أن أسيرَ بمهيعِ
به عبقُُ من أحمدِ غيرُ باطن
///
أسيرُ فيهفو بي أريجُ عبيرهِ
ويظهرُ من حبٌِيه بي كلٌُ كامن
///
فأحسبني أنٌي على ذروةِ السٌُها
وأنٌ بعليين أضحتْ مساكني
///
وأنٌيَ عن هذا الانامِ بمعزلٍ
وأنيَ منهم غيرُ داني المدائن
///
ومن شمٌَ من بطحاءِ مكة عابقاً
فأحر به ان يزدري بالدفائن(2)
///
ولو صدقتْ نفسي لكانت خليقةً
بتقبيلِ أقدامِ الركابِ الحواضن
///
بلغنَ بنفسي منزلاً دونه السٌها
مقاماً ، وهل بعدَ السٌُها من مواطن
///
وأعلينني بين الحطيمِ وزمزمٍ
ومكٌننني من لثمِ خير الأماكن
///
فثمٌةَ من عرف النٌَبي وريحِهِ
شذىً دونه عرف الرٌبا والجنائن
///
فأيٌُ مقامٍ بعدَه قد أرومُه
وكلٌُ مقامٍ بعدَه غير آمن
///
فيا كَبِدِي الحرٌَى مكانَك تَحمَدِي
سراكِ، فهذا الوردُ ليسَ بآجن(3)
///
مقامُُ عليه سارَ حيناً محمٌَد
وعرٌَجَ منه للطٌباقِ البواطن
///
ولاحَ عليهِ نيراً وارفَ الضٌيا
كما أشرقتْ شهبُ السٌما بالدياجن
///
فما ثَمٌ إلاٌ النورُ مؤتلق الضٌِيا
وما ثَمٌَ إلا العطرُ ذاكي الميامن
///
كفى شرفاً، هذا مقامُ محمٌدٍ
ألا فادخليهِ دونَما إذنِ آذن
///
هنا ..هاهنا قام النبي محمد
ُيُنادِي على أعلى الصٌفا المتباين
///
ويَرسِمُ ما يبغي لهم من شمائلٍ
حسانٍ، وما يبغي لهم من محاسن
///
فيا كَبِدِي ذوبي، ويا مدمعي فَسِل
وطهٌِر حشايَ اليومَ من كلٌِ شائن
///
ألا فاخشعي هذا المقام، وذلك
الحطيم، وذاك الحجر، لا تتهاوني!
///
وفي طَيبةٍ قد طابَ للنٌفسِ موقفُُ
أعزٌُ لديها من ثغورِ الفواتن
///
يهبٌُ عليها من أريجِ محمٌدٍ
أريجُُ اذا ما هبٌ لمٌا يُبِاين
///
فعرفُُ، وأين العرف من نفحاته
وكونُُ ، ولكن دونَه كلٌُ كائن
///
ودُنيا من الفردوسِ، أما جلالها
فدانٍ، وأما غيثُها أيٌُ هاتِن
///
محمٌَدُ ها قد جئتُ، والعودُ ذابلُُ
ونفسيَ من داجِ الخطوبِ بداكن
///
أطالبُ دهري أنْ يفي لي بوعده
فيأبى سوى ردٌِي بأخلاقِ مائن
///
وما كنتُ أبغي غيرَ ما شئتَ للهدى
وإن هبٌَ دهري بالرٌياح السٌَوافن
///
تنابذني عمٌَا اريدُ منَ الهدى
وتأبى عليٌَ الدهرَ عونَ المعاون
///
على أن لي من نحوِ وَجهِكَ بارقُُ
يريني ضياءَ المجدِ وسطَ المداخن
///
وذلكَ أوفى ما يروم موفق
وأكمل ما يبغيه عالي المكامن!