البقاءُ للأصلع !
عليّ جبّار عطيّة | كاتب صحافي – بغداد
بينما يزحف التصحر إلى شعر رأسي منذ سنواتٍ زفَّت صحيفة (الإمارات اليوم) في عددها الصادر يوم الجمعة الموافق ٢٠٢٢/١/٧م خبراً ساراً للرجال الصلعان نقلاً عن صحيفة (ديلي ميل) البريطانية التي يبلغ معدل عمر قرائها الـ٥٨ سنة حسب احصاء سنة ٢٠١٤م !
فقد نشرت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية نتائج دراسةٍ علميةٍ، أظهرت أنَّ الصلعان من الرجال هم أكثر نضجاً من الناحية الاجتماعية، وأكثر ذكاءً وتعليماً وصدقاً، وأقل عرضةً للسرطان مقارنةً بذوي الشعر الكثيف. وتذكر الدراسة أنَّه مع بلوغ سن ٣٥ فإنَّ ٤٥٪ من الرجال يعانون فقداناً ملحوظاً للشعرـ وترتفع النسبة إلى ٦٥٪ بين الرجال في سن الـ ٦٠.
ونقلت الديلي ميل عن الدكتور فرانك موسكاريلا، الذي عمل الدراسة، قوله: (لقد تكهنت بأنَّ نمط صلع الذكور تطور بوصفه علامةً على الهدوء، وإشارةً حميدةً لهيمنة غير مهددة) .
وأظهرت النتائج أنَّ الرجال ممن لديهم شعرٌ بكامل الرأس حصلوا على أدنى الدرجات فيما يخص النضج الاجتماعي، أما الرجال الذين لديهم صلعٌ جزئيٌّ فقد جاء ترتيبهم أعلى، بينما تربع الرجال الصلعان على القمة.
كما بينت دراسة في سنة ٢٠١٠ أنَّ الرجال الذين يبدأ الصلع في رؤوسهم بسنٍ مبكرةٍ تقل نسبة تعرضهم للإصابة بسرطان البروستاتا في وقتٍ لاحقٍ بمعدل يصل إلى ٤٥٪
فقد قام علماء بكلية الطب في جامعة “واشنطن” بسياتل، بدراسة أحوال ٢٠٠٠ رجل، تتراوح أعمارهم بين ٤٠ و٤٧ عاماً، حيث عانى نصفهم من سرطان البروستاتا.
وأظهرت نتائج الدراسة، وفقاً لما قاله البروفيسور جوناثان رايت، الذي قاد فريق البحث، أنَّ الرجال الذين ظهرت بقعٍ صلعاء في الجزء العلوي من رؤوسهم، وكذلك انحسار خط الشعر، كانوا أقل عرضةً لخطر الإصابة بالسرطان.
وأنا أقرأ نتائج هذه الدراسة تذكرت (وجه القمر)المسلسل الاجتماعي المصري الذي عُرض عام ٢٠٠٠م على شاشات التلفزيون في شهر رمضان لمؤلفته ماجدة خير الله، وإخراج عادل الأعصر ، ومن بطولة الفنانة فاتن حمامة (١٩٣١م ـ ٢٠١٥م) والفنان أحمد رمزي والفنان جميل راتب وحسن حسني وقد شهد المسلسل عودة الفنان أحمد رمزي (١٩٣٠م ـ ٢٠١٢م) مرةً أخرى للتمثيل بعد غياب ربع قرن.
عادل الأعصر مخرجٌ سينمائيٌّ بالأساس أخرج ١٧ فلماً سينمائياً، وقد قاده نجاحه في السينما إلى نجاحٍ آخر في التلفزيون فقد عرض مسلسل(وجه القمر) على ٢٤ قناة فضائية مختلفة.
ما يعنيني في هذا المسلسل هو الصدمة التي أحدثها ظهور أحمد رمزي الفتى الوسيم الشقي، مفتول العضلات، الذي حصل على جينات وراثية جيدة؛ ربما بتأثير أمه السكوتلاندية، وأبيه الطبيب، أليس الأطباء يمكنهم اختيار أحسن النساء !؟
المهم فقد غاب عنّا أحمد رمزي، كثيف الشعر دهراً ليظهر بصلعةٍ غير كاملةٍ ، وهو يؤدي دور (مصطفى قورة) الزوج المختفي منذ عشرين سنة، وقد ظنّوا أنَّه قد توفى ليظهر فجأةً، ويُنغّص حياة أسرة مذيعة مشهورة هي إبتسام البستاني (فاتن حمامة).
صلعة أحمد رمزي أقضّت مضجعي، وجعلتني أطلق الحسرات على تقلبات الدهر !
بحثتُ عن أسباب الصلع فعرفتُ أنَّه مرض يصيب الرجال بسبب الجينات او الهرمونات أو التقدم في العمر.
استثمرت هووليود عدداً من الممثلين الصلعان فأشاعت من ذلك نماذج للجاذبية والوسامة
وأحد هؤلاء المشاهير الصلعان النجم دوايني جونسون الذي تميَّز بالأدوار القوية، كذلك النجم بروس ويليس المشهور بأدوار الأكشن الذي يقول : ( إنَّ رجولتي تنبع من داخلي وليس من كثافة الشعر على رأسي) ! كذلك النجم جايسون ستاثام ، وفين ديزل.
في السينما العربية هناك نجومٌ صلعان لكنَّ المشاهدين لا يعرفون ذلك بسبب إتقانهم لبس الباروكة، ومن أبرز هؤلاء :محمود المليجي، وفريد شوقي، وعادل إمام، وأحمد ماهر، وعزت أبو عوف، ووحيد سيف، ونبيل نور الدين، وسمير غانم وأحمد آدم، وسمير صبري !
حين أتذكر الفنان الإسباني بابلو بيكاسو (١٨٨١م ـ ١٩٧٣م) لا تفارقني صلعته ! كذلك الحال مع
الزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني
(١٨٣٣م ـ ١٩٤٥م)!
لا يمكن لقارىء المسرح العالمي أن ينسى مسرحية (الكراسي والمغنية الصلعاء) للكاتب المسرحي الروماني الفرنسي أوجين يونسكو أحد رواد مسرح العبث التي ظهرت سنة ١٩٥٠ وتتحدث عن الاغتراب، وهذه الجملة الساخرة :
( ما هي أخبار المغنية الصلعاء؟ لا تزال تصفف شعرها بالطريقة نفسها) !
طبعاً لا توجد مغنية صلعاء ولكنّ الزوجين اللذين يتبادلان الحوار يشعران بالاغتراب مع وجودهما تحت سقفٍ واحدٍ.
نجاكم الله من تصحر المشاعر !
نسأل، ومن دون حسد : لماذا اختصَّ الصلع بالرجال من دون النساء؟