وَطَنِي أَنْتِ وَالعُيُونُ سُكَارَى

أ. د. محسن  عبد المعطي محمد | شاعر وروائي مصري

(مُهْدَاةٌ إِلَى صَدِيقَتِي الْحَمِيمَة الشاعرة السورية الرائعة / أنيبال دكدوك ‏‏تَقْدِيراً وَاعْتِزَازاً وَحُبًّا وَعِرْفَاناً مَعَ أَطْيَبِ التَّمَنِيَاتِ بِدَوَامِ التَّقَدُّمِ وَالتَّوْفِيقِ وَإِلَى الْأَمَامِ دَائِماً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالـَى).

وَطَنِي أَنْتِ يَا حَبِيبَةَ قَلْبِي

أَنْتِ نَبْعُ الْهَنَا وَبُسْتَانُ حُبِّي

وَطَنِي أَنْتِ أَبْتَغِيكِ مَلَاذِي

تُنْقِذِينَ الْغَرِيقَ مِنْ كُلِّ حَدْبِ

وَطَنِي أَنْتِ وَالدِّيَارُ قَرَارٌ

لِلْفُؤَادِ الْمَكْلُومِ فِي بَهْوِ دَرْبِ

وَطَنِي أَنْتِ والنِّبَالُ تَوَالَتْ

لِاغْتِيَالِ الْأَفْرَاخِ فِي يَدِ شَعْبِي

وَطَنِي أَنْتِ وَالْجِيَاعُ تُوَالِي

وَلْوَلَاتِ الْمَجْرُوحِ  فِي كَاسِ غُلْبِ

وَطَنِي أَنْتِ وَالسِّهَامُ اسْتَطَالَتْ

تَقْتُلُ الْبَطَّ فِي سَوَاحِلِ قُرْبِ

وَطَنِي أَنْتِ بِانْتِدَابٍ جَمِيلٍ

كَانَ صُبْحِي وَفَجْرَ تَدْمِيرِ حُجْبِي

وَطَنِي أَنْتِ فَاشْعُرِي بِي حَيَاتِي

وَامْلَئِي لِي كَأْسَ الْغَرَامِ وَعَبِّي

وَطَنِي أَنْتِ يَا مَلَاكَ حَيَاتِي

أَنْتِ أُسْطُورَةُ الْعَذَابِ التِّرَمْبِي

وَطَنِي أَنْتِ فَالْمَسِينِي بِحُبٍّ

وَازْرَعِي الْوُدَّ فِي مَحَاجِرِ جُبِّي

آهِ مِنْ شَقْوَةِ الْعَذَابِ وَآهٍ

عِنْدَمَا الْحُبُّ لَا يُحَاوِلُ عَتْبِي

آهِ مِنْ فِتْنَةِ الْحَيَاةِ وَآهٍ

كُحْلُ عَيْنَيْكِ لَا يُفَارِقُ لُبِّي

صَوَّبَتْ لِي سِهَامَهَا بِجُنُونٍ

وَرَمَتْنِي بِوَابِلٍ فِي الْمَصَبِّ

أَرْسَلَتْنِي لِقَلْبِهَا يَتَجَنَّى

بِرَهِيبِ الْأَشْعَارِ فِي بَيْتِ هُدْبِي

وَطَنِي أَنْتِ وَالْقُلُوبُ سُكَارَى

بِالضَّيَاعِ الْمَشْهُودِ فِي قَلْبِ عِبِّي

وَطَنِي أَنْتِ لَمْ أَزَلْ بِكِ أَشْدُو

يَا عِرَاقَ الْأَبْطَالِ يَا مَهْدَ صَحْبِي

وَطَنِي أَنْتِ قَدْ شَرِبْتَ مِزَاجًا

مِنْ أَقَاوِيلَ لَمْ تَزَلْ لَا تُلَبِّي

وَطَنِي أَنْتِ تُوِّجَتْ بِكِ رَأْسِي

وَشَرِبْتُ الْأَهْوَالَ مِنْ كَأْسِ عُرْبِ

فِتْنَةٌ  شَتَّتْ عُقُولاً كِثَارًا

آهِ مِنْهَا تَعَلَّقَتْ مَعَ ذَنْبِي!

هِيَ حَرْبُ الْخَلِيجِ ثَارَتْ وَدَارَتْ

تَقْلِبُ الْوَزْنَ فِي تَقَاطِيعِ جَدْبِ

اَلْعِرَاقُ الْحَزِينُ مَلَّ دَمَارًا

رَافِعَ الرَّأْسِ وَالْخُطُوبُ تُعَبِّي

اَلْعِرَاقُ الْحَزِينُ يَشْكُو إِخَاءً

مَا رَعَى الْعَهْدَ فِي تَجَاعِيدِ خَطْبِي

اَلْعِرَاقُ الْحَزِينُ يَنْدُبُ حَظًّا

بَاعَهُ الْعُرْبُ يَا لَلْطْمٍ وَنَدْبِ

اَلْعِرَاقُ الْحَزِينُ يَبْكِي وَحِيدًا

آهِ مَنْ دَمْعَتِي عَلَى خَدِّ غُرْبِ

شَيَّخُونِي وَلَمْ أَزَلْ بِشَبَابِي

يَا لَمَكْرِ الدُّولَارِ فِي صَوْتِ كَلْبِ

وَجَدُونِي مُلَفَّعًا بِجَمَالِي

وَغِنَايَ الْمَشْهُودِ شَرْقِي وَغَرْبِي

حَقَدُوا وَالْعُيُونُ تَرْنُو بِمَكْرٍ

خَطَّطُوا بِالسَّوَادِ يَبْغُونَ قَلْبِي

جَمَّعُوا الْعَالَمَ الْبَغِيضَ لِقَتْلِي

يَا لَقَتْلٍ أَزَالَ حَقْلِي وَخِصْبِي!

وَاسْتَمَاتَ الْأَعْرَابُ فِي ثَوْبِ كُفْرٍ

مِنْ أَيَادِي الْحِيتَانِ أَثْنَاءَ ضَرْبِي

ضَرَبُوا عَقْلَ مَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُمْ

بِحَشِيشٍ مُسَطِّلٍ عِنْدَ كَعْبِ

وَطَنِي أَنْتِ وَالْعُيُونُ تَبَارَتْ

فِي غَرَامِي تَبَارَكَ اللَّهُ رَبِّي

كَيْفَ سَيْطَرْتِ مِنْ زَمَانٍ قَدِيمٍ

بِغَرَامٍ فِي رَدْهَةِ الْقَلْبِ صَعْبِ؟!

وَيْحَ قَلْبِي مَعَ الْعُيُونِ السُّكَارَى

سَلَّمَ الْأَمْرَ وَالْقِيَادَ لِحُبِّي

وَيْحَ عَقْلِي وَكَيْفَ يَصْبِرُ عَقْلِي

فِي اسْتِبَاقٍ مَعَ الْفُؤَادِ الْمُلَبِّي

وَطَنِي أَنْتِ فَاسْبِقِينِي لِبَيْتٍ

عَبْقَرِيٍّ جَنَى الْكَثِيرَ وَحَسْبِي

حَسْبِيَ اللَّهُ أَنْتَ قَلْبٌ كَلِيمٌ

فِي دُجَى الْعِشْقِ كَادَ يَأْخُذُ لُبِّي

كَيْفَ تَرْضَى غَرَامَهَا وَتُلَبِّي

سَاحَةُ الْعِشْقِ وَالْغَرَامِ تُصَبِّي؟!

أَوَ عَوْدٌ إِلَى الْغَرَامِ حَبِيبِي

كَيْفَ أَحْبَبْتَ وَالْغَرَامُ لِذِئْبِ؟!

أَنْتَ ذِئْبٌ يَهْوَى غَرَامَ ضُحَاهَا

وَدُجَاهَا عِنْدَ اعْتِدَالٍ وَقَلْبِ

أَنْتَ وَغْدٌ حَازَ النَّفِيسَ بِمَكْرٍ

يَتَجَلَّى أَثْنَاءَ تَقْبِيلَ عُتْبِ

حَاجِبَاهَا قَدْ أَوْدَعَاكَ قَتِيلاً

فِي غَرَامٍ مُبَرْمَجٍ عِنْدَ سَلْبِ

وَجْنَتَاهَا يَا لَيْلُ مَا وَجْنَتَاهَا؟!

 سَهَّرَتْنِي أَشْدُو الْقَصِيدَ بِعُجْبِ

أَنَا بَيَّضْتُ فِي الْغَرَامِ شِفَاهًا

خِلْتُهَا الْحُمْرَ فِي شِجَارِي وَجَذْبِي

كَيْفَ أَحْيَى وَجِيدُهَا قَدْ سَبَانِي

قُبْلَةُ الْمَوْتِ وَيْلَهَا أَثَّرَتْ بِي

يَا غَرَامَ الْمَجْنُونِ عِمْتَ مَسَاءً

هَرَبَ اللَّيْلُ بَعْدَ حَذْفٍ وَعَصْبِ

أَخْبِرَنِّي يَا لَيْلُ مَا لَوْنُ حُبِّي

قَالَ: ” لَوْنُ الْحَيَاةِ بِالْحُبِّ بَمْبِي؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى