أحباب بلا عنوان
عز الدين السعد | فلسطين
1
أيها الزمن المنساب
بين أناملي رملا
تمهّل
كي أقلب ساعة الرمل،
فيعود الزمان حلما مبلل
لن ينساه باكي الطلّ،الصبح
مع كل فجر تبتّل
آه يا زمنا –يغار-
من الماضي الحبيب تكلّل
كم أراه مُعاشا
ذاك الزمان المدلّل
كم نهلنا من مداه مدى
طويلا أخضر كان فيه بهيّ الطلعة
والمحيّا نورا تهلّل
كم سعدت أرواحنا
رقصت جذلا
وتمايلت أحلامنا عطشا
فارتوينا من جداول عذبة
تنساب فينا، تتسلّل
تترك أثرا متجدّدا فينا
فكأنّنا نقتات من الذّكريات
وكأننا .. كنّا بها حلما
تجسّد الآن تجمّل
ننهل منها للدنى زادا
ونقول للعمر ارفق بنا
أي عمرنا.. تمهّل
2
دعنا قليلا يا زمان
فربّما… ربّما نعايش
بعض أحلام لنا
عشنا فيما مضى حلوها
وأضاعتنا الأيام
بحثا عن أمجادنا
ففرقتنا البحار والموانئ
وتاهت منا أحلامنا
آه لو تعود فينا
إلى الورى أيامنا
صغارا هكذا نبحث
نضحك نلعب نلتقي
حول فطورنا
وسهراتنا طويلة
ليس أجمل فيها
من لقائنا
قبيل الصبح عشاؤنا
والنوم كان… بالعصا
والوعيد ،.. ويستمرّ
حتى انتصاف نهارنا..
والصفا فينا وجل خائف
من انقضاء زماننا
فانقضى صيف ودار شتاء
ومضى ربيع واعتلى العرش
خريفنا..
3
آه … آه….
آه… منه بارد صقيع
فراق الأحبة،
فكأن البعاد مصير
والذكريات تهاجم الأحلام
وتنهش فينا حنين
آه ثقيل ظلّه البعاد
وفي البعاد أنين..
وشهيق بكاء يعصر القلب
يحرر الدمع السجين
4
تقطع العقد.. والحبات تناثرت
دار الزمان
والبكاء مهرب،
فيه دفء
و ازدحام بالمكان…
فيه كثر
غرباء عني، والمكان
البعد صار أكبر
والذكريات صارت أمان
وتفرّق الأحباب كلهم
وتشتت العنوان
وصال في الأحياء موت
يحصد منا زهر الأقحوان
أخذ منا سيد الغربتين
الحبيب، سميّ ُ المصطفى
في عزّ العنفوان
وأقعد عن خيلها فارساَ
صال على ظهر خيلها جيلان
وانزوى من بعدها مرضا،
فقضى عشرا ومضى
وتبعه بعدها عمّان
وأمّ، وتناثرت على البعد
حبّات العقد
كلّما نأى بنا المكان
وتسارع يبعدنا الزمان
كبر الابن قبل أوانه، يخفّف الأحزان
امتهنا الغربة علّنا نجد
في أغرابها إخواناً
وقصدنا في ترحالنا
أبوابا تغلّقت
ظننّا خلفها خلاّناً
تفرّد العمر فينا ومضى
عقدان من بعدها إثنان
ومضينا كل إلى غايته
لا نحسب له الحسبان
ضحك الزمان، فانتبهنا
وإذا العمر يمرّ خلفنا تعباناً
والدهر يلهينا نقصّ الأمان
وفيما البحث يضنينا
انتبهنا، اه كم شاخت اعمارنا ازمانا
5
هو صوتنا ، صار يضمنا
على البعد بعدا
والرعب من الفراق مجددا
شلّ القلوب بعد لقانا
هو اتصال من بعده اتصال
واتصال لقانا..
آه كيف نرسم المحيّا
صوتا ونُحسّه وجها
وطولا وعرضا هي ذي
مصافحة زمان رمانا
وآه كيف نرى الصوت ولون
الرعب والرّجاء والبرود خلف
أبواب أحبّت قدومنا
فيما مضى أزمانا
واستحالت كتلة ثلج تجترّها
الأيام شهورا وأزمانا
لا ندر ما كُنه المصيبة
إلاّ أنّنا بتنا تخوننا الأقدار
ولن يعود لما مضى أبدا
هذا الزمان زمانا