قراءة في كتاب تحرير الشرق للدكتور إياد البرغوثي

هدى عثمان أبو غوش

كتاب”تحرير الشّرق، نحو إمبراطورية شرقية ثقافية” للكاتب الدكتور الفلسطيني إياد البرغوثي، للمؤسسة العربية للدراسات والنشر 2020، ويقع الكتاب في 159 صفحة.
حين أنهيت قراءة كتاب”كتاب تحرير الشّرق،نحو إمبراطورية شرقية ثقافية”وجدت نفسي فلسطينية تبحث عن غدها، تلوم الماضي والاتفاقيات المجنونة، والعاطفة السّاذجة في السياسة من قبل العرب، والقرارات الحمقاء التي بعثرت بيوتنا وأحلامنا، وبحثت عن العقل السّياسي العربي فوجدته تائها مسكينا بين المؤامرات المختلفة من قبل الغرب. ووجدت العلاقة الحميمية بين أمريكا ومدللتها إسرائيل، وتأثيرها على الشرق الأوسط، ومدى إغراء وسيطرة الغرب ومطامعهم في ثروات الشرق،فإما الرضوخ والاستسلام للمطالب (كعمليات السلام الكاذبة،والتطبيع) وإما العواقب الوخيمة.
ظهر السّاسة الفلسطينين من خلال الكتاب، وهم يتخبطون في عواصف الرّياح التي لا ترحم،وعلى نفسه جنى العقل الفلسطيني السياسي أمام التنازلات والاتفاقيات من أوسلو اللعينة حتى يومنا هذا.
في هذا الكتاب يوجه الكاتب الدكتور البرغوثي نقده لطريقة التفكير السياسي للعقل العربي،سواء السّاسة الفلسطينين أو القادة العرب ويقارن طريقتهم ونهجهم ورسم مستقبل الوطن العربي بصورة غير عقلانية وضعيفة،بينما العدو يخطط ويدرك ما يريد ولديه بعد نظر لمستقبل مخطط ومدروس، ويقارن بين القوة المدعومة المساندة لإسرائيل من قبل أمريكا والغرب وبين القوة الضعيفة التي كانت مدعومة بالأحاديث وسرعان ما تلاشت لترتمي في أحضان العدو.
في هذا الكتاب حاول الكاتب إبراز حنكة وإستغلال إسرائيل للأحداث التي جرت في الدول العربية من انقسام وحروب وطائفية،ومحاولة طمس من يساند الفلسطيني ويبرز كينونته،من أجل بقاء مصالحها وإستقرارها،ولذا ذكر الكاتب أنّ الأحداث التي جرت في الدول العربية هي أيضا “شأن إسرائيلي بإمتياز”.
بيّن الكاتب من خلال وصفه لتسلسل الأحداث في الشرق الأوسط كيف تحول العدو (إسرائيل)إلى صديق،وأصبحت إيران فقط العدو.وبيّن ضعف وهشاشة الأنظمة العربية وحاجتهم إلى أمريكا.
‏أشار الكاتب إلى ضعف العرب في مواجهة مشاكلهم وإتخاذ القرارات السليمة،لذا يرى الكاتب إذا استمر هذا الضعف فإنّ الخارج(الدول الغربية وإسرائيل) هم من سيقررون مصيرنا.
‏بيّن الكاتب بتسلسل تدريجي مجموعة الإتفاقيات التي حدثت في الشرق الأوسط وكذلك التغييرات السياسية التي حدثت في المنطقة العربية، (سايس بيكو, وأوسلو، الحروب والربيع العربي وحتى التطبيع).
‏يبين الكاتب طرحه وفكرته في هذا الكتاب دعوة حول الإتجاه لإمبراطورية شرقية ثقافية في الشرق الأوسط دون أن تكون تابعة لأحزاب أو سلطة ما، دعوة لخلق هوية ثقافية تلائم مستقبل شعوب المنطقة ومصالحها،من خلالها تستطيع تجاوز الماضي ويوجه الكاتب صرخته من خلال دعوته الثقافية إلى الاستيقاظ وإدراك مخاطر عدم الوحدة وعدم التّحرر، دعوة لضرورة التغيير، والتنوع والتعددية الثقافية، وقد بيّن الكاتب مدى فشل المثقف العربي في الابتعاد عن السياسة والتحيز لسلطته أثناء نقاش ثقافي.
‏ويبقى السؤال الذي يقلقنا بعد دعوة الكاتب،هل نحن كمثقفين على قدر من المسؤولية والوعي تجاه ما يدور من حولنا وهل فعلا تهمنا هويتنا الثقافية،وهل فعلا نتوق إلى التغيير؟وكيف سنتغير ما دمنا لا نعمل بقول الرسول الأكرم”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”
‏ونظرة سريعة إلى أُسلوب الكاتب،فقد جاء الأسلوب بلغة سهلة،سلسة غير معقدة،طرح الكاتب أفكاره ونظرته الشخصية،كما استشهد قليلا ببعض كتابات الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل،وذكر بعض المقولات القليلة للسّاسة ليشرح فكرة ما،وقام بتلخيص فكرة محتوى الكتاب في النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى