المنقذ من الضلال.. أبو حامد الغزالي والفلاسفة الصغار
د. خضر محجز | فلسطين
يرغب بعض الجاهلين في ادعاء العلم. ولكن العلم لا يأتي هينا سهلاً لضعاف العقول وغير القادرين على قراءة الكتب، فماذا يفعلون؟ يرددون الشائعات الكبرى: «الغزالي كفر الفلاسفة»
والرد هنا جاهز. فبما أن الجاهل يريد أن يكون فيلسوفاً، فإنه يقرر أنه فيلسوف. لكنه فيلسوف لم يقرأ الفلسفة.
ــ وماذا في ذلك، فجامعات غزة فيها أساتذة يدرسون مواد لا يعرفون منها شيئاً. فلم لا أكون مثل هؤلاء الدكاترة في جامعات غزة؟ أنا فيلسوف. وأبو حامد الغزالي يكفر الفلاسفة. إذن فانا ضد أبي حامد الغزالي. والتهمة جاهزة: «متخلف متحجر يكفر الناس».
ولا يخطر ببال هذا «الفيلسوف» أن ثمة في كل العصور فلاسفة ملحدين يجاهرون بإلحادهم، ويرفضون أن يوصفوا بأنهم مؤمنون.
ــ إنه يكفّر الفلاسفة الذين أنا منهم، ولذا فينبغي أن أدافع عن زملائي.
وحين تخاطر بسؤال واحد من هؤلاء الفلاسفة الصغار عما قرأ للغزالي، فسوف يرد عليك بشائعة أخرى:
ــ لقد ألف كتابا اسمه «تهافت الفلاسفة»، ولقد رد عليه ابن رشد بكتاب اسمه «تهافت التهافت».
ــ فهل قرأت شيئا من الكتابين؟
ــ قرأتهما كليهما.
ــ فقل لي إذن ماذا قال الغزالي، ومن كفّر بالضبط، وما دليله، ثم قل ماذا قال ابن رشد في الرد عليه؟
ــ لقد قرأت الكتابين.
ــ حسنا، صدقنا أنك قرأت الكتابين، ولكن بما أنك قرأت الكتابين، فربما تتذكر شيئاً من أي منهما
ــ لقد كان ذلك منذ زمن بعيد
ــ فهل نسيت كل ما قرأت، ثم جئت تشتم فيلسوفاً كالغزالي وفق ذكرى ماضية؟
ــ يبدو أنك لا تصدقني
ــ أنا بالتأكيد لا أصدقك.
ــ أرجو أن تبدي قليلا من الاحترام لزميلك.
ــ ولكنك لم تبد أي نوع من الاحترام لحجة الإسلام.
ــ وأنت ومالك ومال حجة الإسلام؟
ــ أنا حفيده من سلالته.
ــ أنت تسخر مني
ــ صدقت. ولكني سأسخر من نفسي أكثر إن لم أسخر منك
بعد هذا الحوار أنتقل إلى عرض بعضً من آراء حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، ثم أعلق بالشرح على ما يحتاج منه إلى شرح، مستعينا في ذلك بمولاي.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“رأيت صبيان النصارى لا يكون لهم نشوءٌ إلا على التنصر، وصبيان اليهود لا نشوءً لهم إلا على التهود، وصبيان المسلمين لا نشوءَ لهم إلا على الإسلام… فتحرك باطني إلى طلب حقيقة الفطرة الأصلية، وحقيقة العقائد العارضة بتقليد الوالدَين والأستاذِين” ص64
الشرح:
لا يحتاج إلى شرح
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“إن العلم اليقيني هو الذي ينكشف فيه المعلوم، انكشافاً لا يبقى معه ريب، ولا يقارنه إمكان الغلط والوهم… بل الأمان من الخطأ، ينبغي أن يكون مقارناً لليقين، مقارنة لو تحدى بإظهار بطلانه من يقلب الحجر ذهباً والعصا ثعباناً؛ لم يورث ذلك شكاً وإمكاناً: فإني إذا علمتُ أن العشرةَ أكثرُ من الثلاثة؛ فلو قال لي قائل: لا، بل الثلاثة أكثر من العشرة، بدليل أني أقلب هذه العصا ثعباناً، وقلبها، وشاهدتُ منه ذلك؛ لم أشك بسببه في معرفتي. ص65
الشرح:
إن الدليل الذي نقبله في العقائد يجب أن يكون أقوى ــ في ثبوته ــ من الأحاسيس. وها هنا يبين الإمام درجته. وما هو أقوى من الأحاسيس لا يكون إلا خبراً سماوياً ثابتاً بأنه من السماء، لا يحتمل سوى معنى واحد. فلا يجب أن نقبل في الأمور الاعتقادية من النصوص إلا ما كان يقيني الثبوت يقيني الدلالة.
إذن فهذا النص من حجة الإسلام يبين ما ذهب إليه الجمهور من علماء الكلام ــ وهم الأشاعرة ــ من أن العقائد لا تؤخذ إلا من القرآن أو الحديث المتواتر، لأنهما اليقينيان الوحيدان اللذان هما أقوى ثبوتاً من نتائج الحس. والعقائد كما نعلم هي ليست الأحكام الشرعية، بل هي كل ما يتعلق بعلم الغيب: كالجنة والنار والبعث وعذاب القبر والملائكة والأنبياء… وهلمجراً.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال عن أفلاطون وسقراط وأرسطو وأضرابهم:
“فكلام الأوائل في الرياضيات برهاني، وفي الإلٰهيات تخميني؛ لا يعرف ذلك إلا من جربه وخاض فيه. فهذا إذا قُرر على هذا الذي ألحد بالتقليد، لم يقع منه موقع القبول، بل تحمله غلبةُ الهوى، وشهوة البطالة، وحب التكايس، على أن يصر على تحسين الظن بهم، في العلوم كلها” ص65
المفردات:
برهاني: أي قام عليه البرهان الرياضي، فهو قطعي.
تخميني: أي يقوم على الظن.
التكايس: التظاهر بالكياسة.
الشرح:
فكلام فلاسفة اليونان ــ ومن قلدهم مهما قالوا ــ في التقسيمات المنطقية والرياضية، في مقبول مثير منه، لأنه أشبه بالقطعي، كونه قام على البرهان الرياضي. أما كلامهم في الدين، فمجرد تخمين لا يقوم على دليل. ونحن نعلم من واقع فلسفتهم إيمانهم بتعدد الآلهة، وخلود النفس، وقدم العالم، وإنكارهم لليوم الآخر، بل إنكار بعضهم للألوهية بالكلية، أو وصف الإلٰه أو الآلهة بما لا يليق… فكل كلامهم هنا لا دليل على صحته، بعكس كلامهم في المنطق والرياضيات والهندسة… إلخ
فأما صغار المثقفين، ممن يعشقون مجرد التقليد، فمفتونون بكل ما يقوله هؤلاء، إذ فتنتهم دقة التحليل المنطقي في أمور الدنيويات، عن التغلغل وراء ذلك، لرؤية كيف يتكلمون في الإلٰهيات فيما لا دليل عليه من منطق ولا رياضة.
وهؤلاء المقلدون الصغار يعرضون عن المقارنة العقلية، إلى قبول كل ما يقوله هؤلاء، كما لو كان الفلاسفة معصومين عن الخطأ. وهذا هو أهم طرق الضلال الناتج عن الانخداع وضعف البصيرة، وقلة القدرة على التمييز. وهذه آفة التقليد الأعمى الأولى.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“الآفة الثانية نشأت من صديق للإسلام جاهل، ظن أن الدين ينبغي له أن يُنصَرَ بإنكار كل علم منسوب إليهم، فأنكر جميع علومهم، وادعى جهلهم فيها، حتى أنكر قولهم في الخسوف والكسوف، وزعم أن ما قالوه خلاف الشرع. فلما قرع سمعَ من عرفه بالبرهان القاطع، لم يشك في برهانه، ولكن اعتقد أن الإسلام مبني على الجهل، وإنكار البرهان القاطع، فازداد للفلسفة حباً، وللإسلام بغضاً. وقد عظم على الدين جنايةُ من ظن أن الإسلام يُنصَر بإنكار هذه العلوم” ص66
الشرح:
الشبهة الثانية التي دخلت على الناس، من فهم بعض جهلة المسلمين للفلسفة فهما مبتسراً: فحين رأوا أن كلام الفلاسفة في الإلٰهيات خاطئ يعارض الدين، اعتقدوا أن كل كلامهم يشبه هذا، فكفروا بكل ما قالوه، ولو قام الدليل العلمي على صحته.
فلما قال جهلة المسلمين للناس هذا، ورأى الناس أن كلامهم حمق خالص، اعتقدوا أنه يمثل الإسلام، وأن الإسلام بناء على ذلك دين الجاهلين المنكرين للعلم، فازداد هؤلاء الناس حبا لكفر الكافرين، لأنهم رأوه أكثر علمية من إيمان المؤمنين المنكرين لكل ما قاله الفلاسفة. وهؤلاء المسلمون الجهلة أشد جناية على الإسلام، وأعظم جرماً.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“وأما المنطقيات، فلا يتعلق منها شيء بالدين، نفياً وإثباتاً… وأي تعلق لهذا بمهمات الدين، حتى يُجحد ويُنكَر!. وإذا أُنكِر لم يحصل من إنكاره ــ عند أهل المنطق ــ إلا سوءُ الاعتقاد في عقل المُنكِر، بل في دينه الذي يزعم أنه موقوف على مثل هذا الإنكار. نعم لهم [أي للفلاسفة] نوع من الظلم في هذا العلم: وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطاً يُعلَمُ أنها تورث اليقين، لا محالة، ولكنهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينية، ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل” ص67 ــ 68.
الشرح:
يبدو لي أن الشرح هنا سيكون معقداً، وأن من لم يتعود القراءة المتمعنة قد لا يستطيع فهم ما سأقوله. لكن ما حيلتي وقد قررت أن أشرح ما لا بد من شرحه!.
يقول حجة الإسلام، بأن بعضاً من المتدينين، ينكرون كل ما لا يعلمون، حتى أنهم ينكرون علم المنطق، مع أن علم المنطق هو علم يبحث في تنظيم البديهيات، والمقدمات وما تعود العقل على ما يقترن بها من نتائج. وهذا علم عقلي بحت يقوم على البرهان العقلي، الذي لا ينكره إلا جاهل.
فمتى كان لهذا العلم تعارض مع الغيبيات المقررة، حتى ينكره المؤمنون بالغيب، مع أن مجاله عالم الشهادة فقط.
إن إنكار المتدين للمنطق، لمجرد أن مكتشف علاقاته فيلسوف كافر يسمى أرسطو، سوف يؤدي إلى نتيجة حتمية: أن يشك العقلاء في عقل المتدين المنكر، بل في دينه الذي يراه يؤيد جهله.
لكن على الجهة الأخرى، ينبغي ملاحظة أن الفلاسفة حين اتخذوا المنطق أداة استدلال، لم يكونوا عادلين دائماً: صحيح أنهم وضعوا شروطاً حاسمة لصحة الاستنتاج، لكنهم سرعان ما انتهكوا هذه الشروط، كلما تعلق الأمر بمناقشة الغيبيات الدينية. فكيف كان ذلك كذلك؟
لقد التزموا بشروط الاستدلال كلما كان موضوع النقاش العالم المادي، لكنهم حين تطرقوا لنقاش الأمور الغيبية التي قررها الدين، أنكروا وأثبتوا، دون أن يلتزموا بهذه الشروط. فهم إذ تساهلوا في نفي الإيمان، تشددوا في إثباته. وسأضرب أنا الدكتور خضر مثالاً على ذلك:
إن المنطق يقرر أن الحواس أدوات صالحة ــ غالباً ــ للاستدلال على وجود الشيء في العالم المادي. لاحظوا أنه يقول (غالبا) وذلك لأن المنطق يعلم أن الحواس قد تُخدع.
لقد وضع المنطق هنا شرطاً احترازياً للقبول بنتائج الحواس، فقال إن ناتجها سليم ولكنه معرض لأن يكون غير ذلك، في حالات مخصوصة.
من هنا فقد قبلوا بأن البصر مثلاً يصلح دليلاً على سطوع الشمس. إذ يمكن القول بأن الشمس موجودة في الحقيقة، مع التذكر الدائم بأنها يمكن أن تكون مجرد خداع بصري، وأن ما نراه من ضوء وما نحسه من حرارة، يمكن له أن يكون ناتجاً عن ظواهر أخرى مقترنة بالشمس عن طريق المصادفة. طبعاً هم قالوا هذا قبل أن يثبت العلم التجريبي وجود الشمس ككائن مادي.
انظروا كم كانوا دقيقين في نقاش المسائل المادية! لكن عليكم أن تنظروا كم سيكونون متجافين عن الدقة، حين يناقشون الغيبيات.
لقد قالوا: كيف يمكن لنا أن نثبت وجود يوم القيامة، مع أن الأحاسيس لم تُقم الدليل على وجوده؟ وهل ذهب أحد إلى هناك ثم رأى الجنة والنار والميزان ثم جاء ليخبرنا بما رأى؟
إنهم يقولون هذا، مع أنهم سبق أن قبلوا إمكان أن تكون الشمس مجرد خداع حواس.
لاحظوا أنهم شككوا في الأحاسيس عندما ناقشوا الماديات، فكانوا صادقين، ثم صدقوا بنتائج الأحاسيس مطلقاً في المرة الثانية، عندما ناقشوا مسائل الغيب، فكانوا كاذبين، لأنهم لم يلتزموا بشرط المنطق الذي وضعوه.
لا جرم، فالقوم راغبون في أعماق وعيهم في إنكار الغيب.
وهكذا وضع المناطقة الماديون النتيجة قبل المقدمة، أو كما يقال: وضعوا العربة أمام الحصان، فقط حين وصلوا إلى نقاش الدين.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“وربما ينظر في المنطق أيضاً من يستحسنه، ويراه واضحاً، فيظن أن ما يٌنقَلُ عنهم من الكفريات، مؤيد بمثل تلك البراهين؛ فيستعجل بالكفر قبل الانتهاء إلى العلوم الإلٰهية. فهذه الآفة أيضاً متطرقة إليه” ص68
الشرح:
ثمة كثيرون يدرسون علم المنطق، باعتباره من أهم فروع الفلسفة، فيعجبون به، كما يعجب به كل من له عقل، ويؤمن بصحة أدواته.
لكن صحة الأدوات لا تستلزم دوماً صحة الاستعمال. فكثير من المناطقة يتكلمون في المسائل الغيبية، دون الانضباط بأدوات علم المنطق، كما بينا ذلك في تغريدة سابقة.
إذن فصحة المنطق لا تستلزم دوماً صحة كل ما يقوله المناطقة: فقد يقول المنطقي بأن شروق الشمس مقدمة لازمة لابتداء النهار. فشروق الشمس مقدمة منطقية، وابتداء النهار عادة مقترنة بالشروق تم ملاحظتها طوال أحقاب، فلم تتخلف.
إن هذه الدقة في التقديم والعرض والاستنتاج، هي ما يخدع فقراء العقول، فيظنون أن المناطقة دوماً يتكلمون بهذه الطريقة. والحق أنهم لا يتكلمون بمثل هذه الدقة عند تطرقهم لبحث أمور الغيب: حيث لا مقدمة مسلمة، ولا عرض منطقي، ومن ثم فلا نتيجة سليمة.
يبدو أنني مضطر لبيان أن أي نقاش منطقي يبدأ بالمقدمة المتفق على صحتها عقلاً، مقدمة لا ينكر صحتها المتناقشان الاثنان. ومن ثم يتم العرض للوصول إلى نتيجة متفق عليها، بقوة الاتفاق في المقدمة.
ودعونا يا أصدقائي نعرض لبعض النقاش الفلسفي المضحك، حين يعرض مقدمة ليست هي مقدمة في الحقيقة، لأننا لم نتفق على صحتها بداهة. مثال:
يقول المسلمون جميعاً بأن القرآن كلام الله بحروفه هذه تماما كما أُنزل من السماء. هذه مقدمة يتفق على صحتها بداهة كل المسلمين. فحين يريد أحدهم أن يستشهد على صحة مسألة ما، لا بد له من الإتيان بدليل واضح من القرآن.
فماذا يفعل حمقى السلفيين؟
يقولون لك: يقول تعالى في حق آل فرعون: “النار يعرضون عليها غدواً وعشياً” أليس هذا كلام الله؟
قلنا: نعم.
قالوا: فقد قال المفسرون: بأن هذا معناه أنهم يُعذبون في قبورهم، لأنه لا يُعقل أن يُعرضوا على النار، بعد موتهم، قبل يوم القيامة، إلا إن كان ثمة عذاباً في القبر.
فها هنا استخدم السلفي كلام المفسرين باعتباره كلام الله. وتلك مقدمة لم نتفق عليها. لقد اتفقنا على أن كلام الله حق قطعي، ولم نتفق على أن المفسرين يقولون الحق القطعي.
إذن فاستنتاج السلفيين بأن الله يقول كذا، لأن المفسر يقول إنه يقول كذا، هو استنتاج خاطئ، نبع من حيث لا مقدمة موجودة في الأصل.
أما إن قرروا أن عذاب القبر مستدل عليه من السنة، فهذا نوع من الاستدلال ينزل درجات كثيرة عن الاستدلال المطلوب، إذ هو ليس استدلالاً بالقطعي، بل بالظني. من هنا فقد كان مسوغا أن يُقال بأن عذاب القبر مسألة فرعية تحتمل الخلاف.
ولدينا هنا وجه شبه بين هذا واستدلال المتدين الجاهل على فساد علم المنطق، من خارج علم المنطق، إذ يرى منطقياً يناقش ـ في الغيبيات الدينية ـ بما ليس في علم المنطق، فينخدع به ويظنه يقول كلاماً على نفس مستوى الدقة التي هي لأدوات علم المنطق، فيصدق ما يقوله من الكفر، لمجرد أنه رآه يقول الحق في موطن مختلف.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“وأما الطبيعيات: فهو بحث عن أجسام عالم السماوات، وكواكبها، وما تحتها من الأجسام المفردة، كالماء والهواء والتراب والنار؛ وعن الأجسام المركبة، كالحيوان والنبات والمعادن، وعن أسباب تغيرها، واستحالتها، وامتزاجها. وذلك يضاهي بحث الطبيب عن جسم الإنسان وأعضائه… وكما ليس من شرط الدين إنكار علم الطب، فليس من شرطه أيضاً إنكار ذلك العلم، إلا في مسائل معينة ذكرناها في كتاب «تهافت الفلاسفة»… وأصل جملتها أن تعلم أن الطبيعة مُسَخَّرةٌ لله تعالى، لا تعمل بنفسها، بل هي مستعملة من جهة فاطرها” ص68 ــ 69
معاني المفردات:
الطبيعيات: علوم الطبيعة. أي العلوم المادية.
استحالتها: تحللها
امتزاجها: تفاعلها
الشرح:
يجدر بنا قبل الشرح بيان أن علم الفلسفة في العصور القديمة، كان شاملاً كل علوم المادة وما وراء المادة. لكن استقلال العلوم كل علم عن الآخر، إنما بدأ مع بديات القرن السابع عشر الميلادي. لهذا كانت الفلسفة في السابق تسمى بـ«أم العلوم»، ولم يكن من الغريب أن ترى رجالاً، كـ«ابن سينا» أو «الفارابي» أو «الكندي»، يشتغلون أطباء وفلاسفة في آن. والغزالي هنا يناقش الفلاسفة فيما تكلموا فيه من علوم الطبيعة.
وإذ قال الفلاسفة في علوم الغيب بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير، فأدى ذلك إلى اهتزاز ثقة المتدينين بكل أقوالهم؛ فقد أراد حجة الإسلام أن ينبه على أن ما يقوله الفلاسفة، في علوم الطبيعة، مقبول في غالبه، لأنه قائم على التجربة العلمية. ولا يجب من ثم أن يرد متدينٌ هذا العلم الحقيقي، لمجرد أنه صدر من رجل لا يقول الحقيقة في كل الأحوال.
الغزالي هنا يطالبنا بأن ننظر في المقول، بمعزل عن القائل ـ فالحكمة ضالة المؤمن ـ كما تقرر في كل نظر علمي صحيح. فكما أن الله لم يشترط علينا ـ لكي نكون مسلمين ـ أن ننكر علم الطب، فهو كذلك لم يشترط علينا أن ننكر العلوم الطبيعية. فهذا يشبه هذا.
مثال:
يقول علم الفلك بأن الأرض كروية سابحة في الفضاء تدور حول نفسها وحول الشمس. فهذا الكلام لا علاقة للدين به، فلو أنكرنا ذلك، بسبب من كون قائليه ملاحدة أو كفار، نكون كمن يرفض أن يتعالج لدى الطبيب، لأن الطبيب لا يؤمن بالله.
لكن يجب العلم ـ مع ذلك، وقبل ذلك، وبعد ذلك، وفي كل حين، وعلى كل حال ـ بأن كل هذا الحادث في الطبيعة لا يخلق نفسه، بل له خالق أعلى، ولا يسبب الأسباب، فالأسباب لها مسبب واحد هو خالقها. ومن هنا فقد اعترض الغزالي في كتاب تهافت الفلاسفة (كما يشير هنا) على نسبة كل ما هو حادث في الطبيعة إلى الأسباب.
والمسائل التي اعتُبرت في حينه من العلوم الطبيعية، وهاجم بسببها الغزالي الفلاسفة، في «تهافت الفلاسفة» هي قوله:
“وإنما نخالفهم ــ في جملة هذه العلوم ــ في أربع مسائل. الأولى حكمهم: بأن هذا الاقتران (المشاهد في الوجود) بين الأسباب والمسبِبات، اقترانُ تلازمٍ بالضرورة، فليس في الإمكان إيجاد السبب دون المسبَب، ولا وجود المسبَب دون السبب. الثانية قولهم: إن النفوس الإنسانية جواهر قائمة بأنفسها، ليست منطبعة في الجسم. الثالثة قولهم: إن هذه النفوس يستحيل عليها العدم. الرابعة قولهم: يستحيل رد هذه النفوس إلى الأجساد. ص69
الشرح:
1ـ المسألة الأولى: قول الفلاسفة بأن العلاقة بين السبب والنتيجة هي علاقة حتمية:
كلام الغزالي هنا من أكثر ما يدل على عبقرية التحليل الفلسفي لديه. فهو ينفي كل حتمية لم يقم الدليل القطعي على إثباته. فالعلاقة بين السبب والنتيجة، هو ناتج ملاحظتنا نحن البشر، وليست الحقيقة المطلقة. وإن ملاحظاتنا لمعرضةٌ للخطأ. وقد بينا سابقاً قدرة الحواس على الخطأ.
إن العلاقة بين السبب والنتيجة ـ عند حجة الإسلام، كما هي عند هيوم ونيتشه ـ مجرد ما أمكننا ملاحظة وجوده في المرات التي حدثت. ومعروف منطقياً أنه لا يمكن إثبات النفي من مجرد الحدوث: بمعنى أن الحدوث الدائم يثبت إمكانية الحدوث فقط، ولا يثبت استحالته. فكما نعلم أن يوم الاثنين يتلو الأحد، بالتجربة، فإننا نعلم أن من الممكن أن يأتي يوم أحد لا يعقبه اثنين ولا ثلاثاء.
إن الشمس غير ملزمة بالطلوع، لمجرد أننا تعودنا على طلوعها. إن الغزالي يسمي هذا الاقتران بين السبب والنتيجة علاقة مجاورة، أو علاقة عادة. وقد تتخلف العادة.
2ـ المسألة الثانية: قولهم: إن النفوس الإنسانية جواهر قائمة بأنفسها، ليست منطبعة في الجسم:
بمعنى أنهم يقولون إن النفس مستقلة عن الجسم. فمن أين أتى للفلاسفة هذا اليقين؟ وهل علم أحد ما هي حقيقة النفس، وحقيقة علاقتها بالجسد؟ ـ «وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً» الإسراء/85 ـ إن الغزالي هنا يثبت أن الفلاسفة بإمكانهم أن يقولوا الهراء، حين يخرجون عن القواعد.
3ـ المسألة الثالثة: قولهم: إن هذه النفوس يستحيل عليها العدم:
فالقول بخلود الروح هو قول بلا علم، إذ لم تقم التجربة بإثباته أو نفيه. والطريف أنهم إذ لم يجدوا دليلاً مادياً على نفي فناء النفس، فقد افترضوا خلودها. كأنهم يعلمون حقيقة الموت، فيما هم لا يعرفون إلا مظهره المادي فحسب!. دع عنك مخالفة ذلك لصريح التنزيل العزيز: « كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون» القصص/88
4ـ المسألة الرابعة: قولهم: يستحيل رد هذه النفوس إلى الأجساد:
بمعنى أنهم قرروا واحداً من أمرين، أو كليهما: إما أن الأجساد هي التي تُعذب يوم القيامة من دون الأرواح، وإما أنهم أنكروا يوم القيامة والحساب جملة واحدة.
فإن كانت الأجساد هي التي تُعذب يوم القيامة من دون الأرواح، فمعنى ذلك أن الله يعذب أجساداً دون أن يحييها، مع ما يخالف ذلك من صريح القرآن: «وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» يس/78 ــ 79
وأما إن أنكروا يوم القيامة، فلا جدال بيننا إذ آمنا بأن القيامة قائمة ولا بد، ولا يستطيع كل جدال في الكون أن يحرفنا عن هذا الإيمان «إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا. وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ» الأعراف/89
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلاً، يجب تكفيرهم في ثلاثة منها، وتبديعهم في سبعة عشر… أما المسائل الثلاث، فقد خالفوا فيها كافة الإسلاميين؛ وذلك في قولهم: (1) إن الأجساد لا تُحشر، وإنما المُثابُ والمُعاقَبُ هي الأرواح المجردة. والعقوبات روحانية لا جسمانية. ولقد صدقوا في إثبات الروحانية ـ فإنها كائنة أيضاً ـ ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به. (2) ومن ذلك قولهم: إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات. وهو أيضاً كفر صريح. بل الحق أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض. (3) ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته. فلم يذهب أحد ممن المسلمين إلى شيء من هذه المسائل. ص70 ــ 71.
الشرح:
إذن فقد بدأ حجة الإسلام في بيان المسائل التي يرى أن بعض الفلاسفة الإسلاميين قد أخطأوا فيها: فهي في نظره، ثلاث مكفرات، وسبعة عشر بدع من الكبائر تصمهم بالفسق ولا تخرجهم من الدين.
الثلاث المكفرات:
1ـ إنكارهم حشر الأجساد وحسابها يوم القيامة.
وهو إنكار لصريح القرآن. نعوذ بالله من الخذلان: فقد ثبت في القرآن أن الأجساد تُحشر، إذ ورد في التنزيل العزيز هذا الحوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وكافر قريش: «وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» يس/ 78 ــ 79.
2ـ قولهم: إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات.
وهو أيضاً كفر صريح. بل الحق أنه سبحانه يعلم أدق الجزئيات ويحصيها في كتاب مبين. والآيات من التنزيل العزيز في هذا أكثر من واضحة، منها قوله سبحانه: «لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ» سبأ/3. ومنها قوله سبحانه: «وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ» الأنعام/59
3ـ قولهم بقدم العالم وأزليته.
فالقدم هو عكس الحدوث. ومن قال بقدم العالم جعله غير مخلوق، وبذا فالعالم لا خالق له. أما الأزلية فهي انعدام البداية، وهي بمعنى القدم. أما الأبدية فهي عدم الفناء. وقد تقرر الفناء في القرآن لكل شيء. والعالم شيء من هذا الشيء الذي تقرر في صريح القرآن هلاكه الحتمي: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَه» القصص/88
أما القول بقدم العالم فمعارضة صريحة لكلام الله العزيز الحكيم. وأي شيء من الإسلام يتبقى لمن يعارض صريح كلام الله تعالى، كما هو في قوله: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم» الأنعام/101 وقوله: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً» الفرقان/2؟
إذن فلا محل للتهجم على حجة الإسلام، تقليداً لكل من رآه مرددو الشائعات قادراً على علم الغيب دون علم ولا هدى ولا كتاب منير.
أفكلما هرش أحمقُ إستَه، وجه شتائمه لمن هو أعلم منه؟ سبحانك هذا بهتان مبين!
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“وأما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات، وقولهم: إنه عالمُ بالذات لا بعلم زائد؛ وما يجري مجراه، فمذهبهم فيها قريب من مذهب المعتزلة. ولا يجب تكفير المعتزلة بمثل ذلك” ص71
يتطرق أبو حامد هنا إلى ما هو دون الكفر، من آراء الفلاسفة الخاطئة في أمور الغيب. فمعلوم ان ليس كل خطأ كفر، وليس كل معصية تخرج من الملة، وإن كانت من الكبائر. فثمة بعض الآراء للفلاسفة ــ في أمور العقيدة ــ هي خاطئة في نظر حجة الإسلام، لكنها لا تصل إلى درجة الكفر، كونها لا تعارض صريح القرآن، من مثل قولهم: إن الله عالم بالذات، لا بعلم زائد.
والحق أن هذا القول هو من أقوال المعتزلة، لا نعرف إن كانوا قد أخذوه عن الفلاسفة، أم أن الفلاسفة الإسلاميين قد أخذوه عن المعتزلة الأوائل، مع أن كلا الفريقين متأثر بالترجمات التي ترجمها المترجمون، في صدر العهد العباسي، لكتب الفلسفة اليونانية.
لقد تميز مذهب المعتزلة بمقولات أربع هي التي تميز مذهبهم عن باقي مذاهب المتكلمين الإسلاميين: العدل، والتوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين.
ولأننا لا نريد أن نحول هذه المادة إلى نقاش مذهب المعتزلة، فإننا سنكتفي بتوضيح معنى (التوحيد) لديهم:
يرى المعتزلة أن توحيد الله يقتضي أن نؤمن بعظمته وحقيقته قبل أن نسميه. لأن أسماءه ليست قائمة بذاتها ــ كما يرى أهل السنة ــ بل هي وصف لغوي له أو لإحدى حالاته. وفي هذه أصاب المعتزلة كبد الحقيقة، حين جعلوا الأسماء المتعددة صفات للواحد؛ وأخطأ أهل السنة، حين اعتبروا الأسماء غير الواحد، فوقعوا في شبهة التعدد، إذ قالوا على سبيل المثال: حكيم بحكمة، وليس حكيما بذاته.
بالمختصر: لقد رفض المعتزلة أن يفصلوا بين الله وأسمائه أو صفاته، إذ اعتبروا كل صفة معبرة عن حالة من حالاته سبحانه. أما أهل السنة فوحدوا كل صفة بمعزل عن ذات الإله.
وأنا أميل هنا إلى قول المعتزلة.
وعلى العموم فالغزالي لا يرى رأي المعتزلة، ولا يوافق الفلاسفة على أخذهم بهذا الرأي، الذي يعتبره ضلالة لا تخرج من الإسلام. والغزالي هنا يذهب مذهب الأشاعرة (جمهور أهل السنة) في الفصل بين ذات الله وصفاته، وعدم تكفير المخالفين لهم، ما لم يعارضوا صريح التنزيل العزيز.
الخلاصة:
لا يكفر الغزالي الفلاسفة لهذا السبب، وإن كان يراهم خاطئين.
يقول أبو حامد الغزالي في المنقذ من الضلال:
“وأما السياسيات: فجميع كلامهم فيها يرجع إلى الحِكَمِ المصلحية، المتعلقة بالأمور الدنيوية… وأما الخُلُقية: فجميع كلامهم فيها يرجع إلى حصر صفات النفس وأخلاقها، وذكر أجناسها وأنواعها، وكيفية معالجتها ومجاهدتها… فظنت طائفة من الضعفاء أن ذلك الكلام إذ كان مدوناً في كتبهم، وممزوجاً بباطلهم، ينبغي أن يُهجَر ولا يُذكَر، بل يُنكر على كل من يذكره؛ لأنهم إذ لم يسمعوه أولاً إلا منهم، سبق إلى عقولهم الضعيفة أنه باطل، لأن قائله مُبطِل، كالذي يسمع من النصراني قوله: «لا إله إلا الله عيسى رسول الله»، فينكره ويقول: هذا كلام النصارى” ص72 ــ 73
الشرح:
يبين حجة الإسلام هنا أن كلام من كفّرهم من الفلاسفة، ليس باطلاً تماماً، وليس حقاً على طول الخط. ففي كلامهم حكمة وضلال. وإنما واجب المؤمن الذكي ألا يرفض كل ما يقوله الكافر، لمجرد أنه كافر. بل يُقبل كثير من كلام الكافرين إن لم يصطدم بالدين.
فكثير من الفلاسفة تكلموا في السياسة والأخلاق كلاماً جميلاً، ولا ينبغي الإعراض عنه، كما يدعونا إلى ذلك ضعاف العقول. إن كلام أرسطو ــ مثلاً ــ في المنطق والسياسة والأخلاق، مقبول في غالبه، بغض النظر عن كون أرسطو مؤمناً أو ضالاً. لأن الحكمة هي هدف كل الحكماء العقلاء، يلتقطونها من أي مصدر. ويضرب الغزالي لذلك مثلاً قول النصراني: «لا إله إلا الله عيسى رسول الله». فهذا من النصراني حق، ويجب أن نقبله، بغض النظر عن قوله «عيسى ابن الله».
وهنا ينتهي القسم الأول من «المنقذ من الضلال» الذي يناقش فيه أبو حامد الغزالي الفلاسفة. ويتبقى بعد ذلك شذرات يدحض فيها الغزالي مذهب الشيعة، وينتصر للصوفية. وهذا الكلام مشهور ولا حاجة لشرحه. والله الهادي إلى سواء السبيل.