قراءة عاجلة في “سندريلا … ومنتصف الشّوق”

ناهد بدران  “و” العربي ازعبل

على شرفةٍ حمراء

تقاطرَ ندى الضّحى

على أكف حلمٍ .. يحبو إلى النّور ..!

و السّنونو الرّاعفُ من جرحِ الصّقيع

يهزأ بالموت ..

بانتظارِ الرّبيع ..و موائدِ النّرجس

يستبقي آخر رمق ..

و قلبي ينبضُ في صدره ..!

أمنيةً راعشة …

أعدّ نجومَ الصّمتِ في منتصفِ الشّوق

فتسقط جنيّةُ الأحلامِ على هواجسي

..أرادت أن تلبسني ثوباً يليقُ بالأمير !

لكنّها .. لم تزرْ حلمي منذ تسعٍ عجاف

و لم تعلم بأن نبضي مشلوحٌ

بين سبعةِ أقمار ..

و بأنّ فارسي .. يبحثُ عن لون عيوني

في فضيحةِ النّهار ..

لم ترَ القمحَ ينمو فوقَ آهاتٍ و نزيف

و كيفَ المنجلُ يحصدُ أشواقَ البلابل

و يطعمُ الغربان …

أخبري فالنتين … رؤوسنا كلّ يومٍ تقصل

أحلامنا كلّ عشقٍ تنحر ..!

و لم يصنعوا لنا عيداً يليق  …!

 ذاكرةُ الثّرى .. خُطّتْ برعافِ الشّقائق

لتحيي أنفاسَ الرّبيع ..

…..اتركي سندريلا بثوبها البالي

ترتّبُ القوافي النّاصعة لحبيبٍ

سوفَ يلبسها تاجَ الياسمين

عندما تزفّ الحواري العتيقة

خطوتين وعناق ..

القصيدة حوت الكثير من الصور جمالية شكلا ومضمونا والنص أثار نوعا من الرهبة في ولوج دلاهم المعاني حيث جاء غنيا شكلا بكل أصناف وميادين اشتغال البلاغة في القول من مجاز وكناية، واستخدام تقني للنفس الشعري الطويل وللجمل الفعلية فأضحت هذه القطعة الأدبية ناطقة.

تُقرُّ الشاعرة بقرب الفَرَج الذي طالما انتظرته؛ لكن الانتظار كان أمنية عاقلة رزينة غير متهورة وليس انتظارا اعتباطيا، هي فكرت قبل أخذ القرار الذي قد يصبح التزاما حياتيا وتريد لهذا الالتزام أن يكون مبنيا على أسس قيمة صلبة حتى لا ينهدم مستقبلا.

أما من حيث الشكل فالنص غني منذ البداية بالمجاز اللفظي  فسندريلا أسطورتها معروفة وقصتها على كل لسان لكن الشاعرة أرادت الإيجاز في القول وامتطت المجاز ووضعت ثلاث نقاط أمامها قبل كتابة ملخص لمعنى النص ككل!

هنا تكمن مصداقية الشاعرة التي اخذت بناصية اللغة العربية ..فهمت اسرارها ومعاني استخدام ادواتها من اختيار اللفظ الشعري ثم تركيبه ثم تركيبه في نسق تام مع المعنى …فكان المبنى والمعنى متلازمين مؤديين الى لغة شاعرية جميلة ورائعة .

منتصف الشوق: ماذا تبقى لمن مر على هذه الجملة من كلمتين ليفهم النص كله موضوعيا على الأقل لينتقل إلى الشكل الفني مباشرة، والأفعال المضارعة التي تدل على الحال والاستقبال لغة  هي الطاغية في النص وكأنها تقول: هذا هو حالي اليوم نفسيا وفكريا ووجدانيا وهذا أيضا هو حالي الذي أتخيل عليه وجودي وكياني وكيف سأكون مستقبلا وما هي آمالي ورجائي ومآلي القادم الذي أتمناه .

تقول الشاعرة:

اتركي سندريلا بثوبها البالي  (الآن )

ترتب القوافي الناصعة لحبيب (استعداد نفسي)

سوف يلبسها تاج الياسمين ( الأمل والمرجو)

عندما تزف الحواري العتيقة (أخذ القرار)

خطوتين وعناق …(هنا تتحقق الأمنية ويتم النصف الثاني الذي تحدثت عنه الشاعرة في العنوان وسمته: منتصف الشوق؟!

أليس هذا فن بناء النص الشعري؟ أليس هذا من تقنية ربط العنوان بآخر شطر في القصيدة وكأن العنوان شطر القصيدة الأخير في ختام بديع مترابط بين المعنى والمبنى.

هنيئا لك بهذه الموهبة الغناء ..

شاعرة رسامة انيقة واثقة من كل ادوات القريض .شكرا لك على امتاعنا …شكرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى