مخرجات المجلس المركزي.. لكل خطوة ثمن.. ولكل فجر أذان

يونس العموري | فلسطين

لكل خطوة ثمن ، والاثمان معلومة ومعروفة ومدفوعة ومستحقة بذات الوقت ، ولكل فجر اذان ، والوطن للجميع والجميع يعني نحن، ونحن يعني لنا الحق ان نرفض كل ما قيل ويقال ، فيا حراس المقام والمقامات ومتصدري القرار وصانعي ابجديات الكلام الصادر عن المجالس والجلسات المغلقة وتلك المنفتحة من الطبيعي ان نستقرأ البيان الصادر عن اجتماعاتكم ونتمحصها بعيون فاحصة وبعقلية النقد واخضاعه لمنطق البحث والتحليل وبالتالي الرفض والقبول ، وحينما نرفض او ننتقد لا يمكنكم تصنيفنا بالخنادق المعادية والظلامية وبالصحافة الصفراء ، او اننا خارج عن سياق الفكر والتفكير، او بالوصف الموصوف به كتجنحين مطرودين من سياق مقاماتكم الرفيعة.

هل يحق لنا قراءة البيان الصادر وان نتحدث به جهارا نهارا …؟ سنعطي لأنفسنا الحق بالقراءة والنقد والرفض والقبول والعودة للتاريخ القريب وذلك البعيد ونستنبط الموقف وتظل يا سادة المقامات العليا الكلمة موقف.

كالعادة تصدر البيانات الختامية وتظل القرارات حبراً على ورق لا تجد لها طريقاً للتطبيق على أرض الواقع ، حيث الكثير من القرارات الصادرة عن المجلس المركزي في دورته الأخيرة ، ومن المعلوم قد تم استنساخها عن تلك البيانات الختامية للمجالس المتعاقبة للمجلس المركزي او المجلس الوطني، ففي العام 2015 قرر المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتكليف اللجنة التنفيذية بمتابعة الأمر، وفي العام 2016 قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية البدء الفوري في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الخاصة بتحديد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وكلفت اللجنة السياسية لمتابعة الأمر، وفي العام 2017 اللجنة التنفيذية تؤكد على وجوب استمرار تنفيذ قرارات المجلس المركزي بتحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال ، وفي العام 2018 طالبت اللجنة التنفيذية حكومة الوفاق الوطني، البدء فورا بإعداد خطط فك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية، وقررت تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المجلس المركزي، وفي العام 2018 المجلس المركزي الفلسطيني وتأكيداً لقراره السابق باعتبار أن المرحلة الانتقالية لم تعد قائمة، فإنه يقرر إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال (إسرائيل) وفي مقدمتها تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، ويخول المجلس المركزي الرئيس واللجنة التنفيذية متابعة وضمان تنفيذ ذلك ، وفي العام 2019 الحكومة الفلسطينية تقرر الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، وفي العام 2020 ( سنة التنفيذ وفي شهر أيار، القيادة الفلسطينية تقرر وقف التنسيق الأمني والعلاقات والاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، رداً على خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية وبسط سيطرة الاحتلال عليها، وبتاريخ 17 تشرين ثاني من ذات العام ، اصدر منسق حكومة الاحتلال في الضفة رسالة ردا على رسالة فلسطينية في تشرين أول؛ تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية عدم تسلم أموال المقاصة، وتعيد التأكيد بأن الاتفاقات الثنائية بين الاحتلال والسلطة هي المنظم القانوني للعلاقات بين الطرفين ، وبتاريخ 9/ شباط/ 2022، قرر المجلس المركزي الذي أخذ مهمات وتفويض المجلس الوطني، تعليق الاعتراف بدولة فلسطين لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 بعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة. وكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية وضع الآليات المناسبة لتنفيذ هذا القرارات وفق ما تقتضيه المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.

هكذا هي اذن الأمور ومن خلال كشف الحساب أعلاه نلاحظ ان كل تلك القرارات الصادرة عن رأس الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية بصرف عن قانونية من عدم قانونية انعقاد تلك الأطر ، لم يتم تنفيذها ولم يتم الالتزام بها ، وهنا لابد من تفسير الامور بشكل صحيح وغير قابل للتأويل او التحريف، ومحاولة فهم المستور من الكلام والمواقف المُعلنة هنا وهناك، ووقف العبث الاحمق في دهاليز الغرف المظلمة والمغلقة، وبلا شك ان وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وتردد السلطة السابق والحالي في الإقدام على مثل هذه الخطوة فعليا رغم الإعلان عن ذلك في أكثر من مناسبة، يعني حل السلطة أو انهيارها حيث ان فلسفة الاتفاقيات المُلزمة للسلطة والتي بموجبها قامت وبنيت على اساس فكرة التعاون والتنسيق المشترك. وان التحلل من جميع الاتفاقات والتفاهمات، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الالتزامات الأمنية، انما يوضح حجم ارتباط السلطة الفلسطينية بإسرائيل، ، وهو ما يفسر عمليا الدور الوظيفي للسلطة الذي فصلته لها الاتفاقيات في إدارة شؤون الفلسطينيين اليومية، التي لا يمكن تصريفها إلا من خلال قناة التنسيق بكل اشكاله، الأمر الذي طال ويطال كل مناحي الحياة في المناطق المسماة مجازا مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية والخاضعة شكلا للسيطرة الفلسطينية، وبالتالي فأن سلطات الاحتلال ومن خلال ضابطيه الحكم العسكري في بيت ايل هي التي تدير كل الشؤون الفلسطينية الحياتية الحيوية عبر بوابة السلطة الوطنية الفلسطينية وهو الامر المعلوم والمعروف ولا مجال لإنكاره هنا ، وبهذا السياق فإن اسرائيل هي القادرة على منح او تضييق الخناق على صلاحيات السلطة في مختلف المناطق بدءا من استلام اموال المقاصة وانتهاء بتحريك القوات الأمنية من منطقة الى منطقة في الضفة الغربية ، كما ان دولة الاحتلال هي التي تقرر وبشكل حصري منح السلطة “الموافقات والتسهيلات” التي يطلبها الجانب الفلسطيني .

السلطة تدرك أن استمرار قيامها بوظائفها وتقديم خدماتها لشعبها قائم على اساس ان الاتفاقيات سالفة الذكر من اوسلو وتوابعها، هي الحاكمة والضابطة لإيقاع الدور المنوط بها وان كل هذا التوافقات قائمة على فكرة التنسيق المتبادل بما في ذلك الأمنية وبالتالي فإن وقف او تجميد فكرة التنسيق انما يعني اهتزاز الاتفاقات وبالتالي اهتزاز وتقويض اركان السلطة ذاتها واساساتها على اعتبار ان السلطة شهادة ميلادها للحياة هي اتفاقيات اوسلو وتوابعها، وهنا يطرح السؤال ذاته بشكل مباشر: هل قرار القيادة ومن خلال المجلس المركزي ، والقاضي بوقف العمل بالاتفاقيات مع دولة الاحتلال مجرد خطوة لممارسة الضغط على اسرائيل ام انه يأتي في سياق خربشة اوراق اللعبة السياسية ومحاولة الوصول الى اتفاقيات جديدة محسنة الشروط ؟ حيث ان وقف الاتفاقيات وتجميد العمل بها كخطوة اولى على طريق الغائها انما يعني فتح المواجهة مع إسرائيل، والسؤال الاخر الذي يبدو ملحا: هل ثمة قرار او قدرة لدى الجانب الفلسطيني على فتح مثل هكذا مواجهة؟ بل هل هي قادرة وبظرفية وقائع المرحلة الفلسطينية الراهنة وبكل حيثياتها على فتح مثل هكذا مواجهة مفتوحة الخيارات؟

لا يخفي على أحد ان البنى التحتية للمواجهة قد تم السيطرة عليها وتفكيك اركانها على مختلف المستويات والصعد، وان عقيدة المواجهة الشعبية قد تم تشويهها وأضحت في مهب الريح، والقوى الجماهيرية الشعبية والوطنية غير قادرة على احداث حالة استنهاضيه راهنة قادرة على فعل المواجهة بشكل او بأخر. وهو الامر الذي بات محسوسا وملموسا لدى كافة القطاعات ولدى الطرف الاسرائيلي ايضا برغم من كل التهويل والخربشات الاعلامية التي تعج بها وقائع المرحلة الحالية والآنية.

وبلا ادنى شك ان الجانب الفلسطيني في مأزق حقيقي ، بمعنى أنك لا تستطيع التخلي عن الاتفاقيات أو تجميدها أو التحلل منها، او حتى سحب او تعليق الاعتراف بدولة الاحتلال ، دون إنهاء وجود السلطة التي هي أهم ناتج عن هذه الاتفاقيات، فالسلطة هي المعبر الأساس عنها، وإذا ما أردت التحلل من الاتفاقيات أو إلغائها أو وقفها يجب أن تنهي الاتفاقيات بكل نتائجها، وفي مقدمتها السلطة التي نتجت عنها كما اسلفنا اعلاه، حيث انه ومن خلال القراءة السياسية لأوسلو كان من المفترض ان الهدف من وجود السلطة انتقالي لكي تتحول إلى دولة، وإذا ما أطيح بحل الدولتين، والواضح ان هذا الحل قد اصبح غير مطروح وغير قابل للتطبيق جراء سياسات الاحتلال الاستيطانية والضم وتهويد القدس بالكامل، مما يعني ببساطة ان السلطة امامها احد خيارين اما السعي لاتفاقيات جديدة من شأنها ان تحسن بعض شروط استمرارها بوظائفها وبقائها مجرد سلطة منزوعة الارادة والسيادة كما هي عليه الان او ان تلغي ذاتها ، واعادة أبجديات الصراع الى معادلتها الأولى.

وهنا لا بد من إدراك الحقائق الأتية والتعاطي على أساسها:

وجود السلطة نجم عن اتفاقية مع الطرف المحتل – إسرائيل.

ان السلطة التي لا تمتلك سيادة وتسيطر عليها إسرائيل من كافة الجوانب.

استمرار وبقاء السلطة واستمرار وظائفها بكافة مناحي الحياة والشؤون اليومية مرتبط بالتنسيق مع دولة الاحتلال.

فشل مسيرة التسوية السياسية والمفاوضات كخيار استراتيجي لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

ان الشعب الفلسطيني قد تعرض لأكبر خدعة في التاريخ من خلال ما يسمى باتفاقية اوسلو.

فشل الحركة الوطنية الفلسطينية في استيعاب متطلبات المرحلة.

تشرذم وتشظي الحركة الوطنية وعدم قدرتها على التوافق والحد الأدنى على المشروع الوطني الفلسطيني واليات العمل السياسي

لا بد من إعادة رسم خارطة التناقضات الفلسطينية على قاعدة المشروع الوطني والحقوق الفلسطينية التاريخية.

ولا بد من الادراك ايضا ان الشعب الفلسطيني بات امام خيارين لا ثالث لهما وهما اما بقاء السلطة ومحاولة تحسين شروط بقاءها واستمرارها او الغاء وانهاء السلطة من خلال انهاء والغاء كافة الاتفاقيات مع دولة الاحتلال واعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني من جديد وفقا للثوابت التاريخية للحقوق الوطنية العربية الفلسطينية، واعادة صياغة ادوات الفعل النضالي لمواجهة الاحتلال بعد هذا الفشل الذريع بكل ما يتصل بأدوات العمل التي ظلت مُسيرة على الساحة الفلسطينية منذ انطلاق ما يسمى بمسيرة التسوية الفاشلة والتي اخفقت في تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وتفكيك منظومة ومفاهيم العمل الوطني التي يتحمل مسؤولياتها الكل الوطني على مختلف توجهاتهم السياسية وتخندقاتهم التحالفية على المستوى الاقليمي والدولي، الأمر الذي يعني انه لا بد من إعادة صياغة الاصطفافان السياسية واعادة صياغة وبناء الأطر الوطنية القادرة على احداث استنهاض حقيقي لأدوات العمل الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى