الحب و ” سنينه ” !
بقلم الكاتب الصحفى: محمد حسين _ مصر
كم يبدو العالم الذى نعيش فيه فقيرا جدا وبائسا جدا . فقير فى مشاعر الحب والتعاطف والتسامح. يفتقد الثقة فى نفسه وفى الاخرين . الشكوك والتربص والخطر يهيمنون على المصير الانسانى. فى لحظة تهديد وجودى مكتملة. تنذر بعواقب فوق احتمال البشر .
يفنى الإنسان عمره يبحث عن اجابات عن اسئلة الوجود والمصائر. يسعى ويكافح بشتى السبل ان يظفر بقدر معتبر من الشروط الإنسانية الضرورية. ليس من اجل البقاء فقط ، وإنما للحياة على قيد الامل والحلم والكرامة .
منذ أيام احتفل العالم بعيد الحب. الحب بمعناه الضيق والمباشر والمتداول. الحب بين الجنسين. يقينا ان قصة الحب اكبر كثيرا من هذه المساحة الخاصة ، الا ان تلك المساحة تكفى – إن وجدت – ان تجلب سعادة، وتروى ظمأ الارواح والقلوب ، وتعطى للوجود معانى قوية مستمرة .
لقد نظر بعض الفلاسفة والمفكرين والشعراء الى الحب ، باعتباره المسالة الوحيدة الجادة التى تستحق الاهتمام ، لان الحب هو جوهر الوجود ومحركه ، وأصل كل نجاح وابداع وتقدم وتحقق عام وذاتى، وان العجز عن الحب يحيل الحياة الى سوقا قبيحة ، يخضع فيها كل شئ للبيع والشراء.
أن تحب، امرا ليس متاحا للجميع . هناك شروط يجب أن تحوزها أولا، منها ان تحب نفسك وتحترمها وتقدرها، فلن تستطيع ان تحب غيرك إذا لم تكن محبا لذاتك، و قدرتك على الحب والعشق تثبت انك لازلت حيا، وأن خلاصك فى يدك وحدك.
ليس خافيا على أحد ان الحب بمفهومه الكونى والعاطفى، يعيش أزمة كبرى، ويعانى حصارا وعجزا، ويواجه شراسة سوق الحياة الباهظة، فى اثمانها وضغوطاتها وتكليفاتها واستحقاقاتها.
اطرح عليكم سؤال < الأطلال > الخالد: < كيف ذاك الحب أمسى خبرا – كما يقول إبراهيم ناجى – وحديثا من أحاديث الجوى >، والجوى هو شدة الوجد والإحتراق من عشق اوحزن .
الحقيقة المؤلمة ان واقع الحب فى عالمنا اليوم ، يؤيد الشاعر فى سؤاله، وإن اختلف الظرف والحال، والأدلة كثيرة وجلية، فى مقدمتها هذا العالم المضطرب الذى يسعى إلى هلاكه، وأحوال المحبين فى أيامهم وسنينهم الجمر .
▪فى الختام .. يقول أبو الطيب المتنبى :
< وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق >