هيبة والدي
علي الخفاحي | العراق
قصيدتي مهداة إلى والدي المرحوم الشاعر عبد الحسين الشطري الخفاجي
حانتْ صلاةُ الفجرِ عندَ بزوغهِ |
رجلٌ تفردَ في ثقالِ الأدهرِ |
بخشونةٍ تملي رحابة كفه |
ورقيقةٌ في مسحها كالأنهرِ |
لما ولدت شعرت دفئ حنانها |
و كأنني أعلو بمسك الأزهرِ |
وكأنني شبلٌ تفرد موضعاً |
من رحبةٍ برزت لليثٍ قسورِ |
ذاك الحنينُ أبوة و مهابة |
متحملاً ما قد تخط الأقدرِ |
ذاك الجبين بسمرةٍ قد ذاقه |
فاه الشموس وحرها في الأظهرِ |
ذاك الذي يشقى لنلبس زينة |
حتى يرى فينا جميل المظهرِ |
يا والداً ما زال عطرك قائماً |
في مسكنٍ ينساب طيب الأبخرِ |
مازال صوتك هادراً في مسمعي |
متردداً مثل الصدى من مصدرِ |
مازال ثوبك عابقاً في عطرهِ |
وبريحهِ يضفو بمسكٍ عنبرِ |
ما زال عرشك فارغاً في موقعٍ |
أضحى مزاراً خالداً للمنظرٍ |
ذاك المكان مقدساً في هيبةٍ |
جمعت طلاسم من أديمِ المعبرِ |
جمعت أقاصيص بلفظ حروفها |
و فصولها و عصورها في مغبرِ |
و كأنما صحفاً تفرت من سما |
تعطي بشعرٍ ناقلاً من دفترِ |
يا والداً جمع الحقيقة كلها |
في شدةٍ و بطيب نصح المعشرِ |
مازال كفك إن خطأت معلماً |
يمسي الخدود زواهراً من منذرِ |
إني أتوق لنبرةٍ ُمزِجت بها |
نغم الحنين و غنوة من مخبرِ |
إني أتوق لقصةٍ يلقي بها |
في مسمعي أطفو بها في أسطرِ |
إني أتوق لسفرةٍ جمعت بنا |
وقت العشاء تظمنا في محشرِ |
ياليت بي من قوةٍ أو رجعةٍ |
وأرى لهامٍ شامخٍ في موقرِ |
وأرى بتاجٍ قد تنصع أبيضاً |
بين الذوائب في فروق المُشعرِ |
يا ليتني صيداً أشَزر عينه |
لمهابةٍ طلت لحسن المنظرِ |
وينادني بالكفِ في سكناتهِ |
وأرى بطوعِ الروح مشي تبخترِ |
هل غادرت روحي لأمرهِ طاعة |
أم غادرت رغماً لقولة مجبرِ |
أم طاعة و سجية في فطرةٍ |
ترجو بطاعة مرجعاً لم تجبرِ |
هل راح ذاك الأمس في طياتهِ |
أم كان مثل المُزن غيمة ممطرِ |
أنا لم أزل متذكراً لحظاتهِ |
و الفكر ذا يرمي لأمس أخضرِ |
و كأن يعقوبا تشوق رؤية |
في يوسفٍ كمداً بليلٍ مقمرِ |
لكن بميقاتٍ تأجل ردحة |
و غداً سألقى أمسنا بالمحضرِ |
و غداً سنلقى بعضنا في جنةٍ |
جمعاً و قد حان اللقا بالمحشرِ |
شكرا جزيلا دكتور ناصر ابو عون تحياتي