لحظة مع الروح
هلال السيابي | شاعر ودبلوماسي عُماني سابق
معاذك أن تجري السنون ولا أجري
إلى الخير، أو تمضي الحياة بلا أجر
///
وإن تزخر الأيام بي شُرداََ بلا
خلالِِ حسانٍ من صَلاحٍ ومن بر
///
ركضت المدى سبعين عاماً ونيفاً
فماذا بقي ياربٌِ بعدُ من العمر
///
وماذا بقي من بعد سبعين حجة
إلهيَ إلا كالقلامة من ظفر
///
سريت بليل الجهل واللهو والغوى
فياليت أسري غلٌَني قبل أن أسري
///
وياليت أني والحياة عريضة
ركبت جياد العز محلولة العذر
///
وغادرت والأيام محلولة العرى
معالم ما كانت سوى حلل حمر
///
وياليت أني لم أحرك يدي سوى
بحمد الهي، في نظام و لا نثر
///
على أنني لم انسج الشعر مادحا
لزيد من الأعلام قط ولا عمرو
///
أنفت بنفسي عن مديح مزخرف
وأكبرتها من أن تذل لذي كبر
///
وقلت لها إن الحياة قصيرة
فلا تخدعي يوما بحصن ولا قصر
///
فياليت شعري كيف يخدعني الهوى
وما هو إلا الغدر يهتف بالغدر
///
وما هو إلا الدهر، أما نهاره
فليل، وأما فجره فبلا فجر
فياليت أني كنت منه بحيطة
ولما أكن منه براغية البكر
///
وياليت ركبي لم يبارح بطاحه
وياليته أنهى السرى لهوى السر
///
تعرفت آلاء الكريم ولم أقم
بحمد لذي الآلاء جلٌ ولا شكر
///
وذلك من عظم المصاب لمن درى
وأي مصاب بعد ذاك لمن يدري
///
وأي مصاب أن تعيش بحيرة
وأي مصاب أن تعيش بلا فكر
///
فمن لي من بعد الليالي طويلةً
وأي هوينى فوق ما جئت من أمر
///
كأني لم أقرأ “ليبلوكم ” ولا “ليبلوني”
في محكم السور الغر
///
ولا أبصرت عيناي بعض وميضها
ولا سمعت أذناي مِنٌ هن للنذر
///
كأن حراما أن أكون محرما
عن اللهو، بل عن كل قاصمة الظهر
///
فمن لي إذا ما جاءني الرسل بالردى
ونوديت: يا هذا انتهت قصة العمر
///
ولا زاد للدرب الطويل، وللمدى
بحار ، فمن بحر محيط إلى بحر
///
وبي من خلال النفس ما يوهن القوى
كذلك صخر النفس أقسى من الصخر
///
فيا بئس أمري عند ذاك وموقفي
إذا لم يشدٌ الله حيئذ أزري
///
ولم ترعني من لطف ربي رعاية
ولم يرعني منه بوثابة غَمْر !!
///
إلهي هاقد جئت والعود ذابل
وظهري كسير، بل أتيت بلا ظهر
///
ومالي إلا فضل عفوك جنة
ومالي إلا ذخر عفوك من ذخر
///
أروم التخلي في المقام فأنثني
ولي كبد حرى وقلب من الجمر
///
وأهتف يا نفسي إلى أين ياترى
أما أبصرت عيناك مُصفرٌَة العصر
///
أما لمحت ما في الطريق من الأذى
أما سمعت عن مشهد السادة الغر
///
أما آن تدرين انٌ الردى وإن
تأخر يا نفسي لآت بلا نذر
///
وما ذاك إلا بعض أسرار حكمة
ترام لأجر مورق الفضل أو وزر
///
فمن لي أن أسري وأدلج ليلتي
واستقبل الأيام كالحلل الخضر
///
أشاهد مالم تشهد العين قبله
واسمع مالم تسمع الأذن من أمر
///
وأرقب وعد الله والعفو وارف
بأفيائه، والبشر يضحك للبشر
///
وثمة من دار النعيم مبشر
بخير، وبر مؤذن بندى البر
///
ولي من جلال الله لطف معوذ
يريني غيوث العفو منهلةَ القطر
///
وإن لم يكن إلا الشهادة من رجى
إلهي، فحسبي بالشهادة من ذخر
//
فيارب خذها من لساني برة
مطهرة، واملأ لساني بالطهر
///
وكن ليَ ردأ رب إن طاح بي الردى
و اسلمت نفسي في النهاية للقبر!
٢ شعبان ١٤٤٣ هج
٥ مارس ٢٠٢٢