رحيل صوب الأقاصي
محمد المحسن | شاعر وناقد تونسي
الإهداء: إلى تلك التي أضرمت فيَّ أحزانَها..وغمرتني بغيم صمتها..ورذاذ حزنها السريّ..
..وقد نسيتُ سيدتي
أن أدقّ على بابك هذا الصباح
أو أن أهزَّ دوالي كرمتك في المساء
..وقد فاتني أن أهديك نبض الفؤاد
هديلا
لكنّني ما استطعتُ
وأقسم:كنت الوفيَّ لعطرك المشتهى
وأقسم أنّي هززت غيوم المدى
ثم علّقت كلّ الجراح
بسرّ جليل
وأنهضت من ثغرك بيرقا..يتلألأ
على عتبات الدجى
ووضعت شمسا بكفّي
أستضيء بها كلّما هلّ في الرّوح ليل
أو..بعثرتني الفصول على ضفة الجرح
شتيتَ رؤى..
ههنا،يهجع القلب مستمسكا بعرى المستحيل
ها قد خسرت الرّهانَ في مفرق للهدى
وها كل النوارس ترتحل صوب الأقاصي
قُبيل الأصيل
كي تطرّز لعينيكِ اخضرار الحنين،اللظى
في الأفق يعانق احتدام البحار..
تعالي هنا،فقد دنا البعد بين المسافات
وما كان غيمي بخيلا..
تعالي إلى سدرتي كي أعانق فيك..
المساء الأخير
فالجدب أورق في الجرح
وتهدّل منّي الشذا
تعبت روحي..
وعصفت بنرجس القلب
رياحُ الأصيل..
ههنا،سيدتي،يبرق الشوق أوجاعه
إلى سدرة المنتهى
يصهل القلب..
يفيض
وفي فيض التشظي..
تصرخ الرّوحُ..
لكنّ غيمَك مرّ بحذوي..
رمى عطرَه
فوق طحالبَ وجدي…
ومضى..
كي أظلَّ في هدأة الليل وحدي
أراود حلما جميلا..
ينأى..ويدنو
ثم يرنو بغير اكتراث
إلى نجمة في الأقاصي
أراها تضيء وتخبو..
وترحل عند احتدام الغيوم إلى..
تُرى؟
هل أظلّ في حِرقة الصّمت أهذي
أطوف بسرّي حول كلّ الأحاجي
وأحطّ كطير شريد على غير سربي؟…
أم أنتشي لإنهمار الفصول قليلا
وأسرِج كلّ المواجع لقدومكِ المرتجى
ثم أمضي في المدى..
أجرجر خلفي خريف الأماني
قبل أن ينهمرَ الوجدُ منّي..
ويدركني الشتاء؟