مادة الرقص
أليسار عمران | أديبة سورية
كان لنا شرفُ الحوار مع: المعلم السوري (عمّار حنا)أستاذ مادة الرقص بمدارس سورية.. الرّقصُ غريزةٌ تولدُ مع الانسان بالفطرةِ منذُ بدءِ انغراسهِ في رحمِ أمّهِ حتى عودتهِ إلى رحمِ التّرابِ!.. فهو كالماءِ والأوكسجينِ والغذاءِ،يضمنُ بقاءَ الكائنِ الحيّ على قيدِ شعورٍ.
في قبائل إفريقيا قديماً استعانوا بعيدانِ الخشب وجلودِ الحيواناتِ لصياغةِ الايقاعاتِ وكأنَ أجسادهم التي التمستْ الفراغ تلتمس بعبقريتها فكّ شيفرة الوجودِ واستكمالِ البحثِ عن مادةِ فنٍّ روحيةٍ تحضرُ لهم نوعاً من الفرحِ والألفة وتمنحُ أجسادهم النشاطَ والحيوية!
يروي التّاريخُ أن تلكَ القبائل لسببٍ تجهلهُ كانت تفتّشُ عن ماهيّةِ هذا الفنّ الراقي فيجتمعونَ مساءً ويشعلونَ الحطبَ ويباشرونَ بسردِ الايقاتِ المتتالية حتى وصلَ بهم الأمرُ إلى توحيدِ الحركاتِ في مشهدٍ واحدٍ بواسطةِ شيخ القبيلةِ.. كانوا يعتبرونه حالة روحيةً تفيضُ بالنّشوى! تفيضُ خيالاتهم فيعانقون آلهة البحرِ،وآلهة الجمالِ،وآلهةُ الخصبِ فتسري نسائمُ الله في وجوههم ويتحرّرونَ من طاقاتِ المللِ ليعاودوا في الصّباحِ إلى ممارسةِ أشغالهم الكثيرةِ.
دخلَ الرّقص بعدذلك في العباداتِ الدينيةِ عند أقباط مصر والفراعنة وفي حضاراتِ سورية الكبرى بمكوناتها من الأشوريين والكنعانيين و… هكذا حتى نزلت الديانات السّماوية ولا أعتقدُ أن الديانات تحرم أيّ نوعٍ من الفنونِ ولكن يقال أنّ الأديان رفضت فنّ الرقص واعتبرت أنّ بهِ نوعاً من الآثارة حتى نزل الاسلام !
ويذكرُ أن الخلفاء الراشدين أعادوا الفنّ مجدداً في المعابدِ الاسلامية ! في البلدانِ الراقيةِ يدركونَ كنه وماهيّة هذا الفنّ وينظرون إليهِ كتكوينٍ طبيعي يتدخلُ في تركيبةِ كينونةِ الانسانِ واستمراريته
الطيبون البسطاءَ الدراويش ،الأطفال
أولئكَ الخارجونَ عن موروثِ التعقيد والأمراضِ
هم من يتمايلونَ كالشجرِ على إيقاعاتِ العواصفِ والنّسائمِ
ويستميلون الموسيقا لتسري في عروقهم ألحاناً وإيقاعاً
ويرقصون لنستعيد بهم مشهد الحياة.