لماذا يجب اعتماد المذهب المالكي للأقليات المسلمة في الغرب؟
الصادق العثماني
لماذا ندعو إلى اعتماد المذهب المالكي مذهبا رسميا للجاليات الإسلامية بالدول الغربية؟ ذلك لكونه يتميز عن باقي المذاهب الأخرى السنية بعدة مزايا وخصوصا على مستوى أصول الفقه المتمثلة في القرآن والسنة وإجماع الأمة، وعمل أهل المدينة والقياس والاستحسان والاستقراء، بالإضافة إلى قول الصحابي وشرع من قبلنا والاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف، مع الأخذ بالأحوط ومراعاة الخلاف، ناهيك عن القواعد الفقهية المتفرعة عنها والتي أوصلها بعض فقهاء المالكية رحمهم الله تعالى إلى 1200 قاعدة تشمل جميع أبواب الفقه ومجالاته.
فسادتنا المالكية أخذوا بجميع هذه الأصول بينما غيره لم يأخذ إلا ببعضها ورد الباقي؛ الأمر الذي أوصل بعض أصحاب هذه المذاهب والمدارس والإيديولوجيات إلى الباب المسدود في استنباط الأحكام ومسايرة الواقع المعاصر والمتجدد.. وهذا قد أدى إلى التنطع والتشدد والغلو والانكماش على الذات ، والنتيجة خروج الأمة الإسلامية عن الركب الحضاري وصناعة التاريخ البشري والإنساني؟!!
هذا التنوع في الأصول والمصادر، والمزاوجة بين العقل والنقل والأثر والنظر وعدم الجمود على النقل أوالانسياق وراء العقل هي الميزة التي ميزت المذهب المالكي عن مدرسة المحدثين ومدرسة أهل الرأي، وهي سر اعتداله ووسطيته وانتشاره والإقبال الشديد عليه؛ بسبب انفتاحه على غيره من المذاهب الفقهية والشرائع السماوية السابقة واعترافه بالآخر واستعداده التام للتعايش معه والاستفادة منه بفضل قاعدة “شرع من قبلنا شرع لنا” مالم يرد ناسخ التي اتخذها مالك رحمه الله أصلا من أصوله، وهكذا أخذ المالكية بمشروعية الجعالة والكفالة من شريعة يوسف عليه السلام.. ولمرونة المذهب المالكي أدعو شخصيا قادة الجاليات الإسلامية ورموزها وأئمة المساجد الأخذ به واعتماده رسميا في بلاد الاغتراب، ومن الأكيد سيساهم في حل الكثير من المشاكل والهموم التي تتخبط فيها الجاليات الإسلامية بالدول الغربية، وعلى رأسها ظاهرة “الإسلاموفوبيا” التي أتت كرد فعل ونتيجة عن ظهور وسيطرة الفكر السلفي التكفيري والجهادي واستحواذه على الكثير من عقول الشباب الإسلامي في الدول الغربية.